نيويورك تايمز: لماذا لا تزال القوات الأميركية في العراق؟

محيط السفارة الأميركية في بغداد بعد انسحاب متظاهري الحشد الشعبي من منه
محيط السفارة الأميركية في بغداد (مواقع التواصل الاجتماعي)

مع استمرار الهجمات ضد القوات الأميركية في العراق، تساءل مقال في صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) الأميركية عن جدوى بقاء هذه القوات هناك، داعيا إلى سحبها، قائلا إن بقاءها يتسبب في عدد من المشاكل لأميركا والعراق.

وأشار المقال، الذي كتبه تريتا بارسي وآدم وينشتاين من معهد كوينسي للأبحاث بواشنطن، إلى الهجمات المنسوبة لمليشيات شيعية عراقية، بطائرات مسيّرة على القوات الأميركية في العراق الشهر الماضي، قائلا إن هذه الهجمات لم تكن مفاجئة، وإن الوجود الأميركي في العراق غير مرحب به، وإن مزيدا من الهجمات لا بد أن يأتي ما دامت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قررت إبقاء القوات هناك.

البقاء لن يمنع الهجمات

وأوضح أن وجود القوات الأميركية لن يمنع الهجمات "الإرهابية" من الحدوث، وأنها لا يمكنها احتواء إيران التي عززت قبضتها على بعض المؤسسات العسكرية العراقية منذ عام 2003، ورجّح أن يموت الجنود الأميركيون عبثا لأنهم، كما هو الحال في أفغانستان، مكلفون بالمهمة المستحيلة المتمثلة في القضاء على "الإرهاب" في بلد أجنبي.

وقال "بينما تتعامل مؤسسة السياسة الخارجية لواشنطن مع مخاطر المغادرة، يبدو أنها تتجاهل التكاليف الواضحة للبقاء".

ولفت المقال الانتباه إلى تصريح بايدن من قبل بإنهاء حقبة من العمليات العسكرية الكبرى، قائلا إن تلك الحقبة لن تنتهي حقا حتى تسحب أميركا كل قواتها من العراق.

دعوة للانسحاب الفوري

ودعا المقال بايدن إلى إعلان خطط لانسحاب تدريجي للقوات يبدأ في موعد لا يتجاوز الربيع الحالي، مشيرا إلى أنه إذا لم يتحرك بايدن من الآن فإن الهجمات على القوات الأميركية ستزداد حتما، وذلك سيجعل المغادرة أكثر صعوبة من الناحية السياسية مع زيادة خطر انجرار الولايات المتحدة إلى صراع أكبر في حالة سوء التقدير أو الاستفزاز من قبل المليشيات أو واشنطن أو إيران.

وذكر المقال أن مؤيدي البقاء في العراق يجادلون بأن من الأهمية بمكان جمع المعلومات الاستخبارية عن الجماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة، ومنع الخصم من ملء أي فراغ ناتج عن رحيل الولايات المتحدة، واصفا ذلك بالحجج المتطابقة تقريبا مع حالة أفغانستان.

وقال "لكن الحقيقة هي أن الوجود الأميركي ساعد على تأجيج التمرد في العراق. وتمكنت القاعدة، وتنظيم الدولة لاحقا، من الاستفادة من مكاسبهما ضد الحكومة والفوضى التي أعقبت ذلك، وأصبحت لدى العراق والدول المجاورة قدرة متزايدة على منع عودة ظهور هذه التنظيمات".

الحكومة العراقية لن تنهار

وأضاف أن من غير المرجح انهيار الحكومة العراقية برحيل القوات الأميركية مثلما انهارت الحكومة المصطنعة في أفغانستان أمام حركة طالبان.

ولفت المقال الانتباه أيضا إلى أن القوات الأميركية أنهت مهمتها القتالية في العراق في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ومنذ ذلك الحين أكدت إدارة بايدن أن القوات المتبقية في العراق موجودة هناك بصفة استشارية بحتة. وأشار إلى أن الأميركيين كانوا في هذا الطريق من قبل مع انتهاء عام 2014، إذ أعلن الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما بالمثل أن "مهمتنا القتالية في أفغانستان ستنتهي، وسننتقل بالكامل إلى مهمات التدريب وتقديم المشورة والمساعدة"، ومع ذلك، فقد تطلب الأمر مقتل 107 وإصابة 612 جنديا أميركيا في العمليات، ومئات المليارات من دولارات دافعي الضرائب، و6 سنوات أخرى حتى تنتهي العمليات الأميركية حقا.

وأوضح المقال أن الولايات المتحدة ليس لديها حل لمشاكل العراق، ولا يمكنها تخفيف إحباط العراقيين من الحكومة غير المستجيبة ومن العنف السياسي، كما أنها غير مؤهلة للتوسط بين الفصائل المتنافسة في العراق أو تفكيك شبكة المصالح المتقاطعة التي تعيق التقدم.

المصدر : نيويورك تايمز