بريطانيا.. هل تعجل قرارات جونسون "المفاجئة" بطي صفحة كورونا؟

Britain's Prime Minister Boris Johnson visits Milton Keynes University Hospital
جونسون خلال زيارة سابقة لأحد المراكز الطبية في بريطانيا (رويترز)

لندن- في قرار مفاجئ من شأنه طي صفحة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في البلاد، أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أمام مجلس العموم، أنه سيقدم خطة رفع كل القيود المفروضة بسبب الفيروس.

ولعل أهم قرار سيتم اتخاذه بداية من 21 من الشهر الجاري، هو إلغاء فرض الحجر الصحي على المصابين، مما يعني أن الأشخاص الذين تثبت إصابتهم يمكنهم ممارسة حياتهم بشكل عادي والتوجه للعمل، دون أن يكون ذلك مخالفا للقانون.

وكان من المقرر تأجيل هذه الخطوة إلى نهاية مارس/آذار المقبل، مع دخول فصل الربيع، إلا أن جونسون أعلن تقديم القرار لمدة شهر.

وفتح هذا القرار الجدل حول أسباب التعجيل به، بين من يراه خطوة جريئة للعودة للحياة الطبيعية، وبين من اعتبرها مراوغة سياسية من جونسون للتخفيف من الضغط عليه بسبب تنظيم الحفلات في مقر رئاسة الوزراء خلال فترة الإغلاق.

مؤشرات إيجابية

وقال جونسون إنه سيعرض إستراتيجيته لإنهاء كل شكل من أشكال القيود المفروضة بعد عودة البرلمان من توقفه الذي يستمر أسبوعين.

وبرر جونسون قراره بأنه نابع من المعطيات التي يحصل عليها من اللجنة العلمية "والتي تظهر أنه بإمكاننا إنهاء كل القيود بما فيها إجبارية العزل بعد الإصابة بكورونا".

وأكد جونسون أن الأرقام المرتبطة بكورونا "باتت مشجعة وتظهر تجاوز الذروة". وبناء على هذه المعطيات المشجعة، تقرر التسريع بإنهاء كل شيء يذكر بقيود كورونا التي ظلت لحوالي سنتين تقيد حركة البريطانيين وحياتهم.

البحث عن إنجاز

وبدا واضحا منذ بداية العام الحالي، أن حكومة جونسون تبحث عن إنجاز يتمثل بطي صفحة الوباء، قبل أي دولة في العالم، وهذا ما أكده مجددا وزير الصحة ساجد جاويد، عندما أعلن أمام البرلمان أن بريطانيا هي الدولة الأكثر تحررا من كل قيود كورونا في العالم.

وحسب مراقبين، يمكن للحكومة أن تحاجج بالأرقام لتفسير رفع القيود، بما فيها الحاجة للعزل بعد الإصابة، فنسبة التلقيح بجرعتين من اللقاح وصلت إلى أكثر من 85% في عموم المملكة المتحدة.

ومن بين الأسباب التي دفعت البعض لإلغاء العزل، ما أظهرته الإحصائيات الرسمية أن واحدا من بين 5 مصابين لا يلتزمون بالعزل، خصوصا أولئك الذين يستعملون جهاز الكشف المنزلي للإصابة، ولا يتم تسجيلهم في الإحصائيات الحكومية.

أما المبرر الثالث، فهو أن المتحور "أوميكرون" السائد حاليا في بريطانيا قد أظهرت موجة انتشاره أن آثاره أقل من انتشار الإنفلونزا، مما جعل الحكومة ترفض فرض إغلاق شامل أو جزئي في ذروة الموجة.

ورغم أن الإصابات تجاوزت ربع مليون يوميا، فإن هذا العدد لم ينعكس على عدد الوفيات ولا عدد الحالات التي تحتاج الدخول للمستشفى.

Protest against British PM Boris Johnson in London
الغضب ضد جونسون تصاعد في بريطانيا بسبب خرقه لقواعد الحجر الصحي (الأناضول)

مخاوف مشروعة

وفي أول رد فعل على قرار جونسون إلغاء كل القيود المفروضة مع نهاية فبراير/شباط الجاري، قال البروفيسور مارتن ماكي، وهو عضو في اللجنة العلمية "ساج" (SAGE)، إنه يجب الانتباه لكون أعداد الناس غير الملقحين في بريطانيا ما زال مرتفعا، "ولهذا فإن قرار رئيس الوزراء يعتبر مفاجئا بالنسبة لي، ولكن من المهم قراءة المعطيات التي بنى عليها هذا القرار".

وقال ماكي في تصريح لصحيفة "غارديان" البريطانية إنه يجب الإفصاح عن المعطيات التي دفعت جونسون لاتخاذ هذه الخطوة، وإلا سينظر إليها كأنها خطوة تهدف لتشتيت الانتباه عن مشاكل أخرى".

عقدة الحفلات

وتتعلق المشاكل الأخرى التي يتحدث عنها البروفيسور البريطاني بالغضب الشعبي والسياسي إزاء جونسون، وشبهات خرقه لقواعد الحجر الصحي وتنظيمه لحفلات في ذروة الإغلاق الذي كانت تعيشه البلاد.

وحسب بعض المتابعين، فإن هذه المشاكل لن تتوقف بل ستتفاقم، ففي الوقت الذي كان جونسون يعلن فيه قرب إنهاء كل القيود المتعلقة بفيروس كورونا، كانت صحيفة "ميرور" البريطانية تنشر صورة مسربة لجونسون رفقة مستشاريه في حفل داخل مقر رئاسة الوزراء.

المصدر : الجزيرة