كيف تضغط جماعات اللوبي الأوكرانية على بايدن للتصادم مع روسيا؟

U.S. Delivers Military Hardware To Ukraine
مساعدات عسكرية أوصلتها الولايات المتحدة لأوكرانيا (غيتي)

واشنطن- مع استمرار التصعيد في الأزمة الأوكرانية، تشهد واشنطن مضاعفة اللوبيات التابعة لحكومة كييف جهودها الهادفة للتأثير على مراكز صنع القرار الأميركي من أجل التشدد تجاه روسيا.

ومنذ وصول الرئيس جو بايدن للحكم قبل عام، كثفت الحكومة الأوكرانية من استعانتها بشركات الضغط والعلاقات العامة الأميركية للترويج لمواقفها بين دوائر صنع القرار في واشنطن.

واطلعت الجزيرة نت على وثائق لوزارة العدل الأميركية تكشف استعانة أوكرانيا بثماني شركات لوبي وعلاقات عامة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب "فارا" (FARA).

وركزت تلك الشركات في البداية على قضايا الطاقة خاصة المتعلقة بنقل الغاز الروسي لأوروبا، وانتقلت خلال الأسابيع الأخيرة لتركّز نشاطها على تبعات ومخاطر حشد روسيا لأكثر من 100 ألف جندي على حدودها مع أوكرانيا، وسط توقعات أميركية ببدء غزو روسي لأوكرانيا خلال أسابيع.

ويسهل من مهمة شركات اللوبي التابعة لأوكرانيا غياب أي لوبيات فاعلة تناصر الموقف الروسي في الأزمة الجارية، إضافة لسوء سمعة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بين الدوائر السياسية الأميركية، الجمهورية والديمقراطية، خاصة عقب التدخل في الانتخابات الأميركية عامي 2016 و2020، ووقوع الكثير من الهجمات السيبرانية التي استهدفت مصالح أميركية انطلاقا من روسيا.

خط نورد ستريم 2 للغاز

استعانت منظمة "الحركة المدنية من أجل أوكرانيا عادلة" -وهي منظمة غير ربحية في كييف أسسها قدامى المحاربين الأوكرانيين وهي قريبة من حكومة كييف وتربطها صلات بثورة 2014- بشركة يوركتاون بعقد مدته 12 شهرا بقيمة 960 ألف دولار.

وتأسست شركة يوركتاون على يد دانيال فاجديتش المستشار السابق للسيناتور الجمهوري تيد كروز.

وعقب قرار إدارة بايدن عدم عرقلة مشروع "نورد ستريم 2" الذي يتجازر أوكرانيا عن طريق خطوط أنابيب بحرية تصل لألمانيا، استعان "الاتحاد الأوكراني لأصحاب العمل في صناعة النفط والغاز" بشركة "أرنت فوكس"، وهي إحدى كبرى شركات المحاماة، مقابل 1.26 مليون دولار سنويا، إضافة لشركة "كارف كومينيكاشن" للعلاقات العامة في نيويورك مقابل 420 ألف دولار.

وتتمثل مهمة هذه الشركات بشكل خاص في المساعدة على تحسين صورة صناعة النفط والغاز الأوكرانية في الولايات المتحدة، وتعزيز أمن الطاقة في أوكرانيا.

ومن شأن الانتهاء من خط أنابيب نورد ستريم 2 أن يسمح لروسيا بتصدير الغاز الطبيعي مباشرة إلى قلب أوروبا عبر ألمانيا. ومن شأن خط الأنابيب أن يقطع الطريق على الوسطاء الأوكرانيين، الذين يحصلون على مئات الملايين من الدولارات سنويا على شكل رسوم مقابل العبور من أراضي أوكرانيا.

وتظهر وثائق وزارة العدل الأميركية عقد لقاء بين ممثلي شركة يوركتاون والسيناتور تيد كروز واثنين من كبار مساعديه. وأعقب ذلك تقديم كروز مشروع قانون أمام مجلس الشيوخ لإعادة فرض العقوبات على بناء خط أنابيب نورد ستريم 2، لكن التشريع فشل بعد حصوله على أغلبية 55 صوتا فقط، في حين كان يحتاج أغلبية 60 صوتا اللازمة للتغلب على آلية التعطيل بمجلس الشيوخ.

تغير الأوضاع على الحدود

وبعد التركيز المبدئي لشركات الضغط على قضية خط أنابيب نورد ستريم 2 للغاز، اتجه اهتمام تلك الشركات لمواجهة تداعيات الحشود العسكرية الروسية الضخمة على طول الحدود مع أوكرانيا.

وتغيرت أولويات اللوبي ليتجه لقضايا مثل "تعزيز الدعم للجيش الأوكراني" و"أهمية أوكرانيا الإستراتيجية للأمن القومي الأميركي".

وتشير وثائق وزارة العدل إلى تعاقدات أجرتها جهات أوكرانية رسمية، منها وزارة المالية وديوان رئيس الجمهورية فولوديمير زيلينسكي، مع شركات لوبي أميركية لدعم موقف حكومة كييف في واشنطن.

وفي هذا الصدد، قامت شركة يوركتاون بأكثر من 11 ألف إجراء (اتصالات هاتفية، واجتماعات، ورسائل إلكترونية، وندوات) مع مسؤولين في الإدارة الأميركية خاصة بين أعضاء الكونغرس ومساعديهم، ووزارة الخارجية وأعضاء مجلس الأمن القومي.

كما تواصلت الشركة مع مراكز الأبحاث المعنية بالأزمة الأوكرانية مثل المجلس الأطلسي ومؤسسة هيريتيج، إضافة لوسائل الإعلام، ومن بينها مجلة فورين بوليسي (Foreign Policy) وصحيفة "وول ستريت جورنال" (The Wall Street Journal) ووكالة "بلومبيرغ" (Bloomberg) وشبكة إن بي سي (NBC) الإخبارية.

ونجحت هذه الجهود في حجب الأصوات المعارضة للدور الأميركي في الأزمة الأوكرانية من الظهور كثيرا على شاشات شبكات الأخبار الرئيسية، كما نجحت في دعم التشدد الأميركي تجاه الخطوات الروسية الأخيرة.

ونجحت جهود اللوبي الأوكراني بالدفع بمشروع قرار متشدد تبناه رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتور روبرت مندينيز، وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب غريغوري ميكس، يدفع إدارة بايدن في اتجاه أكثر تشددا.

ويبدأ نص مشروع القانون بحثّ الإدارة على "أن لا تتنازل لمطالب روسيا فيما يتعلق بعضوية حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) أو توسعه المستقبلي"، ولا يترك ذلك التشريع أي فرصة أمام المفاوضين في المسار الدبلوماسي لتناول المطلب الروسي الأهم وراء هذه الأزمة.

المصدر : الجزيرة