وسط مخاوف من هجوم حوثي مماثل عليها.. هل تزود إسرائيل الإمارات بمنظومات صاروخية دفاعية؟

وفقا للتقديرات الأمنية الإسرائيلية، فإن الترسانة المتقدمة والمتطورة التي بحوزة الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق متاخمة لباب المندب، قد تسمح لهم مستقبلا بتهديد الممرات الملاحية إلى إيلات بالبحر الأحمر.

بينيت أعرب عن استعداد إسرائيل لتقديم الدعم العسكري وبيع المنظومات الدفاعية للإمارات (الجزيرة)

القدس المحتلة – حملت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الداعمة للإمارات في مواجهة هجوم الحوثيين على أبو ظبي، في طياتها، رسائل ومعاني متعددة، أبرزها مخاوف إسرائيل أن تتعرض لهجوم مماثل من الجماعة، والاستعداد لتقديم مساعدات عسكرية ودعم الأمني واستخباراتي للإمارات، بحسب محللين وباحثين إسرائيليين.

وقد بدا بينيت جادا في حديثه عن الاستعداد لتقديم الدعم العسكري وبيع المنظومات الدفاعية للإمارات -كما يجمع المحللون- وذلك من خلال رسالة لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، عقب هجمات أبو ظبي الاثنين الماضي التي خلفت 9 قتلى وجرحى. وبهذا السياق، أفاد رئيس شركة "سكاي لوك" الإسرائيلية لأنظمة الدفاع بأن الإمارات طلبت دعمها العاجل بعد الهجوم الحوثي، وفق ما نقلته يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.

محللون لم يستبعدوا تزويد إسرائيل الإمارات بمنظومة القبة الحديدية لمواجهة أي تهديدات من الحوثيين (الجزيرة)

وعزا محللون جدية إسرائيل لتقديم المساعدة الأمنية والاستخباراتية وبيع منظومات دفاعية وتكنولوجية ورادارات عسكرية لأبو ظبي، من أجل تعزيز الحلف مع الأخيرة وتحصينها من أي هجمات مستقبلية وإبعادها عن أي تقارب مع إيران.

كما أن إسرائيل -التي ترقب تطورات وتداعيات الهجمات التي نفذتها جماعة الحوثي باليمن على أبو ظبي بطائرات متفجرة- تخشى وتتحسب، وفقا للمحللين في الإذاعة الإسرائيلية الرسمية "كان" من احتمال شن جماعة الحوثي هجمات مشابهة ضد أهداف إسرائيلية في إيلات.

وعليه، ترى تل أبيب في الدعم الإماراتي أمنيا واستخباراتيا فرصة أيضا لتعزيز نفوذها بالخليج العربي، وإحباط القدرات والتطورات العسكرية التي بحوزة الحوثيين، لضمان سلامة وأمن وحرية الملاحة بالبحر الأحمر إلى إيلات، وتدمير أي صواريخ يمكن أن تطلق من اليمن إلى جنوب إسرائيل، بحسب المحللين.

مخاوف

ويقول يوسي ميلمان المحلل الأمني والشؤون الاستخباراتية بموقع صحيفة "هآرتس" الإلكتروني إن ما يعزز المخاوف الإسرائيلية تطور القدرات العسكرية للحوثيين، مشيرا إلى الأهداف من وراء توجه تل أبيب لتقديم الدعم الأمني وحتى بيع المنظومات الدفاعية للإمارات، وأن "الهواجس من إيران حفز الإمارات على التوقيع على اتفاقيات إبراهام (التطبيع)".

وعليه ليس من المستبعد، وفقا للمحلل الأمني، أن "يدفع هجوم جماعة الحوثي على أبو ظبي نحو تعميق التعاون العسكري والأمني والاستخباراتي بين الإمارات وإسرائيل" مشيرا إلى أن إسرائيل يجب أن تأخذ في الاعتبار احتمالية أن تجد نفسها تحت هجوم من اليمن في حال اندلاع مواجهة شاملة مع إيران.

أسلحة إسرائيلية

ويعتقد المحلل الأمني أن التعاون بين الجانبين سوف يتعمق ويتوسع في المستقبل القريب من خلال إبرام صفقات أسلحة، وإقدام إسرائيل على تزويد الإمارات برادارات عسكرية، ومنظومات صاروخية دفاعية مثل "القبة الحديدية" و"العصا السحرية" ومنظومات ليزر لاكتشاف الطائرات المسيرة الصغيرة، علما بأنه تجرى بين الطرفين ومنذ وقت طويل مباحثات بشأن إبرام صفقات أسلحة.

وتبدي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، حسب محلل الشؤون الاستخباراتية "مخاوفها من الجرأة والتطور العسكري للحوثيين الذين بحوزتهم، بحسب مزاعم تل أبيب، صواريخ بعيدة المدى، وقوارب متفجرة، وصواريخ تطلق من على الكتف".

ووفقا للتقديرات الأمنية الإسرائيلية، فإن الترسانة المتقدمة والمتطورة، التي بحوزة الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق متاخمة لباب المندب، قد تسمح لهم مستقبلا بتهديد الممرات الملاحية إلى إيلات بالبحر الأحمر والخليج العربي.

إسرائيل تخشى هجوما حوثيا ومن "حلفاء إيران" بالمنطقة ولذلك تعزز انتشارها بالبحر الأحمر (الجزيرة)

بين أبو ظبي وإيلات

وطبقا لتقارير إعلامية فإن القوات الجوية والبحرية الإسرائيلية تعمل منذ عقود في الساحة اليمنية، وعقب الهجوم على أبو ظبي بالمسيرات المتفجرة، أخذت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية -وفقا لصحيفة "يديعوت أحرونوت"- تتعامل بجدية أكثر مع التهديدات لجماعة الحوثي باستهداف إسرائيل بالصواريخ، علما بأن المسافة من منطقة إطلاق النار باليمن إلى أبو ظبي 1200 كيلومتر، وتبعد عن إيلات حوالي 1500 كيلومتر.

وعليه، تكثف إسرائيل الجهود لجمع معلومات استخبارية عن اليمن -طبقا للمصدر- مع التركيز على التعاون بين الحوثيين والحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس، ويرجح أن تكون إسرائيل قد عززت أيضا منظومة الرادارات وقدرات الكشف المبكر، والاعتراض للصواريخ والطائرات المسيرة، على الساحة الجنوبية.

مشاريع عسكرية مشتركة

وخلافا لما ذكر سابقا من أن إسرائيل تتحفظ على تزويد الإمارات بطائرات "إف- 35" الأميركية وبيعها منظومات دفاعية وأسلحة إسرائيلية، أوضحت صحيفة "يسرائيل هيوم" إن إسرائيل ماضية بتعميق الحلف مع الإمارات، بإطلاق مشاريع عسكرية وتكنولوجية مشتركة والتطوير والابتكارات الأمنية وإقامة صناديق استثمارية.

وأوضحت الصحيفة أن التحفظ الإسرائيلي على مقاتلات "إف- 35" بدا من أجل ضمان تفوقها العسكري الإقليمي، وضمان الحصول على تعويضات وترسانة عسكرية متطورة من أميركا التي تبدي ترددا من صفقة الطائرات مع الإمارات خشية أن تتسرب أسرار التصنيع إلى الصين.

واستشهدت بعمق التعاون العسكري والأمني بين إسرائيل والإمارات، بفتح شركة "إلبيت سيستمز" الإسرائيلية المختصة بتطوير وتصنيع نظم إلكترونية للأسلحة المتطورة، التي فتح فرع لها في الإمارات. علما بأن هذه الشركة تصنع مسيرات عسكرية من طراز "هيرميس" وأنظمة الاستطلاع الكهروضوئية.

طائرات مسيرة صناعة إسرائيلية للرصد والتوثيق رجح مراقبون أن تبيعها تل أبيب لأبو ظبي (الجزيرة)

تعاون طويل الأمد

وتشير تقديرات الصحيفة إلى أن فتح "إلبيت سيستمز" فرعا لها في أبو ظبي مؤشر إلى إنشاء تعاون طويل الأمد مع القوات المسلحة للإمارات، وتوفير نظام " C-MUSIC " للدفاع الذاتي، والذي يتضمن نظام إنذار جوي يعمل بالأشعة تحت الحمراء قائماً على الليزر، وهذا سيوفر مستويات عالية من الحماية لكافة المنشآت على اليابسة وتلك التي بالبحر.

وأعلنت "إلبيت سيستمز" أنها ستزود سلاح الجو الإماراتي بأنظمة دفاع تعمل بالليزر والأشعة تحت الحمراء، قادرة على اكتشاف إطلاق صواريخ مضادة للطائرات وصواريخ محمولة على الكتف، وتحييدها بشعاع ليزر، فضلا عن أنظمة الحرب الإلكترونية "LA" لطائرات التزود بالوقود والتنقل متعدد الوظائف.

التفوق الإقليمي

وإلى جانب مواصلة التعاون الأمني بين أبو ظبي وتل أبيب، ومع تعزيز التقديرات بإبرام صفقات تزود إسرائيل من خلالها الإمارات منظومات صاروخية دفاعية، يرى الباحث بالأمن القومي بمركز "يروشاليم لدراسة الإستراتيجيات والأمن" عومر دوستري أن بيع طائرات "إف- 35" إلى الإمارات فرصة لتدعيم الحلف الإستراتيجي بينهما وذلك رغم المخاطر القليلة الكامنة.

وأوضح المختص بالأمن القومي أن أميركا تهتم بضمان التوفق العسكري الإقليمي لإسرائيل من خلال تسليحها بالترسانة المتطورة والمتقدمة، مؤكدا أنه حتى بعد إنجازات صفقة المقاتلات للإمارات فإن ذلك لن يتجاوز الخطوط الحمراء، وستبقى إسرائيل تتفوق على جميع دول الإقليم حتى وإن كانت مجتمعة مع الإمارات المزودة بطائرات "إف-35".

وخلص بالقول "هناك مصلحة عليا مشتركة لإسرائيل والإمارات بالحد من التوغل الإيراني بالشرق الأوسط وتحييد مشروعها النووي، وعليه يعد الاتفاق السياسي مع أبو ظبي إنجازا جيوستراتيجيا مهما جدا لإسرائيل. وصفقة (إف- 35) تتعامل معها إسرائيل كأمر واقع وتحاول استغلالها لخدمة مصالحها وتعزيز نفوذها".

المصدر : الجزيرة