عملية تستمر لأشهر.. كيف يتم توطين الأفغان في أميركا؟

اتجهت أغلب الطائرات التي غادرت العاصمة الأفغانية إلى قواعد عسكرية أميركية في دول ثالثة ضمن مرحلة أولى، وجاءت قطر على رأس هذه الدول، وتبعتها ألمانيا وإسبانيا والإمارات العربية المتحدة. وسيبقى آلاف الأفغان في هذه القواعد بانتظار استكمال إجراءات إدارية وأمنية وصحية في الولايات المتحدة، قبل مغادرتهم إليها.

تستقبل الولايات المتحدة نحو 50 ألف أفغاني لتوطينهم ضمن برامج متعددة على أراضيها (رويترز)

واشنطن – تم إجلاء أكثر من 123 ألف شخص مؤخرا من مطار كابل قبيل الانسحاب الأميركي، ويوجد حاليا ما يزيد على 50 ألفا منهم في قواعد عسكرية أميركية داخل الأراضي الأميركية وحول العالم.

وتزامنا مع استكمال عملية الانسحاب العسكري من أفغانستان، بدأت إدارة الرئيس جو بايدن عملية تهدف لتوطين أكثر من 65 ألف لاجئ أفغاني، لم يصل أغلبهم بعد إلى الأراضي الأميركية، ويتوقع أن تستمر عملية وإجراءات توطين هؤلاء الأفغان لأسابيع أو لأشهر مقبلة.

الجزيرة نت تعرض في سؤال وجواب تفاصيل عملية إجلاء الأفغان وتوطينهم في الولايات المتحدة.

  • ماذا حدث للأفغان الذين تم إجلاؤهم من مطار كابل؟

اتجهت أغلب الطائرات التي غادرت العاصمة الأفغانية خلال الشهر الماضي إلى قواعد عسكرية أميركية في دول ثالثة ضمن مرحلة أولى، وجاءت قطر على رأس هذه الدول، وتبعتها ألمانيا وإسبانيا والإمارات العربية المتحدة. وسيبقى آلاف الأفغان في هذه القواعد بانتظار استكمال إجراءات إدارية وأمنية وصحية في الولايات المتحدة، قبل مغادرتهم إليها.

ووصل نحو 20 ألف أفغاني للأراضي الأميركية، في حين اتجه آلاف آخرون للتوطين في دول ثالثة قبلت استقبالهم، مثل المكسيك وأوغندا وألبانيا.

وجود أقارب للاجئين الأفغان في الولايات المتحدة يسهل إجراءات توطينهم (رويترز)
  • أين يصل اللاجئون الأفغان فور وصولهم الأراضي الأميركية؟

يدخل أغلب اللاجئين الأفغان عبر مطار دالاس الدولي، الواقع بالقرب من واشنطن العاصمة، كما يستقبل مطار مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا عددا من الرحلات التي تقل هؤلاء اللاجئين.

ويتم توزيع اللاجئين أولا على عدد من القواعد العسكرية في عدة ولايات على رأسها كاليفورنيا وميريلاند وواشنطن وأيداهو وفيرجينيا، حيث تحولت 8 قواعد عسكرية إلى "مدن صغيرة"، على حد تعبير أحد مسؤولي البنتاغون. وتتخذ هذه القواعد مقر إقامة مؤقتا لحين استكمال عملية المراجعة الأمنية.

ويبدأ اللاجئون فور وصولهم الأراضي الأميركية إجراءات الحصول على وضع اللاجئ، أو الحصول على تأشيرة هجرة خاصة، لمن ليس لديه تأشيرات مسبقة.

ويتم الكشف الطبي الشامل على القادمين الجدد، ويخضع الجميع لاختبار كوفيد-19، ثم يتم تلقيح الأفغان ضد فيروس كورونا بلقاح "جونسون آند جونسون"، وذلك لأنه أسهل لوجيسيتا كونه جرعة واحدة.

  • ما الوضع القانوني للأفغان الذين وصلوا بالفعل للأراضي الأميركية؟

لا يمكن وضع كل الأفغان الذيم تم إجلاؤهم ووصلوا الأراضي الأميركية ضمن فئة واحدة؛ فبعضهم يحمل الجنسية الأميركية أو بطاقة الإقامة الدائمة (غرين كارد)، وهؤلاء غادروا المطار فور الانتهاء من استكمال إجراءات دخولهم.

وينقسم بقية الأفغان إلى 3 فئات رئيسية، أولها من تم قبولهم ضمن برنامج "تأشيرات الهجرة الخاصة" (SIV) المخصص للمترجمين والسائقين، وغيرهم ممن عملوا مع الأميركيين خلال العقدين الأخيرين في أفغانستان، ويخشون انتقام حركة طالبان.

وتشير التقديرات الحكومية إلى إجلاء ما يقرب من 5 آلاف شخص من هذه الفئة. ويقع ضمن هذه الفئة كذلك أفغان في المراحل النهائية قبل الحصول على تأشيرة الهجرة الخاصة، وينتظرون فقط فحصا طبيا قبل الحصول على تأشيرة الدخول.

ويجب على الأفغان الذين يسعون إلى الحصول على هذه التأشيرة الخاصة إكمال عملية تقديم طلبات من 14 خطوة تتضمن مقابلة التأشيرة والفحص الأمني.

ويحق للأفغان الذين يحصلون على التأشيرات الخاصة الحصول على مزايا اللاجئين، مثل الخدمات الطبية والمساعدات النقدية. أما غير المؤهلين لهذا البرنامج فعليهم التقدم بطلب الحصول على مزايا الهجرة الأخرى، مثل اللجوء، للبقاء في الولايات المتحدة.

ثاني الفئات هم الذين لديهم تأشيرات صالحة لدخول الولايات المتحدة عن طريق أحد أفراد العائلة المقيمين في الولايات المتحدة بصفته ضامنا لهم.

أما ثالث هذه الفئات، فهم الأغلبية ممن وصولوا الأراضي الأفغانية من دون أن تكون لديهم تأشيرة صالحة، أو غير مؤهلين للحصول على تأشيرة هجرة خاصة على الإطلاق، وبدلا من ذلك يتم السماح لهم بالدخول لأسباب إنسانية مؤقتة عبر برنامج "الإفراج المشروط".

ويتيح برنامج الإفراج المشروط أن يعيش الشخص بشكل قانوني في أميركا لمدة عامين، لذا يجب عليه في هذه الأثناء التقدم بطلب للحصول على طريقة دائمة للبقاء؛ مثل التأشيرة عن طريق فرد آخر من أفراد الأسرة أو عن طريق التقدم بطلب اللجوء.

وقد سارعت منظمات إعادة التوطين إلى توفير شبكة من المحامين المجانيين، وبدأت في تعريفهم بالأفغان القادمين حديثا من المقيمين داخل القواعد العسكرية للمساعدة في تعديل أوضاعهم القانونية.

الجالية الأفغانية في الولايات المتحدة تلعب دورا في تسريع توطين اللاجئين القادمين من أفغانستان (رويترز)
  • ما دور الجالية الأفغانية في توطين الأفغان الجدد؟

تلعب الجالية الأفغانية الأميركية دورا كبيرا في مساعد اللاجئين الجدد، خاصة وأن كثيرا منهم مروا بمرحلة انتقالية مشابهة.

وتشير بيانات المنظمات غير الحكومية المعنية بمساعدة اللاجئين إلى اقتراب عدد الأفغان داخل الولايات المتحدة من 160 ألف شخص، ووصلت النسبة الكبرى منهم إلى الأراضي الأميركية على 3 موجات، أولاها مع الغزو السوفياتي 1979، والثانية بعد وصول طالبان للحكم منتصف تسعينيات القرن الماضي، وآخرها عقب بدء الغزو الأميركي لأفغانستان في نهاية عام 2001.

وتتركز الجالية الأفغانية الأميركية في ولايات كاليفورنيا ونيويورك وفرجينيا بصورة أساسية، وشكل كثير منهم جمعيات تسهم في مساعدة القادمين الجدد، وتوفر لهم الدعم النفسي والمعنوي والمادي في كثير من الحالات.

  • أين سيتم توطين الأفغان في الولايات المتحدة؟

بعد الانتهاء من الإجراءات القانونية المتعلقة بالتأشيرات والمراجعة الأمنية والصحية، يبدأ دور منظمات إعادة توطين اللاجئين في العديد من الولايات، أو بالقرب من تجمعات الجالية الأفغانية بالولايات المتحدة.

وقد أعرب 37 حاكم ولاية عن موافقتهم على إعادة توطين اللاجئين الأفغان داخل حدود ولاياتهم، في حين رفض حاكمان جمهوريان -هما كريستي نويم حاكمة ولاية داكوتا الجنوبية ومارك غوردون حاكم ولاية وايومنغ- استقبال ولايتيهما أي لاجئ أفغاني، في الوقت الذي يلتزم فيه حكام 11 ولاية جمهورية الصمت.

  • ما الوضع القانوني لمن وصل من الأفغان الأراضي الأفغانية؟

يأمل كثير من المراقبين أن يتبنى الكونغرس تشريعا جديدا يسهل حصول القادمين الجدد على بطاقة الإقامة الدائمة (غرين كارد)، وسبق أن أسهم إقرار الكونغرس عدة قوانين في تسهيل وتسريع وصول الأفغان للأراضي الأميركية، ومن أهم تلك التشريعات قانون اللاجئين في الولايات المتحدة لعام 1980، وقانون حماية الحلفاء الأفغان لعام 2009، وقانون تمديد حماية الحلفاء الأفغان لعام 2014.

وينظر الكونغرس في توفير برامج لدعم الأفغان الجدد، وهناك بالفعل مشروع قانون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي قُدم مؤخرا من قبل النائبين، الديمقراطي سيث مولتون من ولاية ميريلاند، والجمهوري دون بيكون من ولاية نبراسكا، من شأنه أن يمهد طريقا أمام الأفغان الجدد للحصول على الإقامة الدائمة ضمن تشريع مقترح، يمنحهم كذلك الخدمات نفسها التي يحصل عليها اللاجئون، والتي تشمل راتبا نقديا، ومساكن، وتدريبا على الوظائف، والتوظيف، من بين خدمات أخرى.

تتعامل الولايات المتحدة مع اللاجئين الأفغان ضمن 3 فئات من الناحية القانونية (رويترز)
  • ما المساعدات والبرامج التي يتلقاها الأفغان بعد وصولهم الأراضي الأميركية؟

عادة، عندما يصل اللاجئ عن طريق البرنامج الرسمي لقبول اللاجئين في الولايات المتحدة، يتلقى بعض المساعدات مثل المساعدة في العثور على منزل وتأثيثه، ومنحه عدة أشهر من الرعاية الصحية وبطاقات خاصة لشراء الطعام. ويحق لكثيرين من الأفغان الجدد الذين سيسجلون بوضعية لاجئ الحصول على استحقاقات إعادة التوطين نفسها.

لكن من يسمح له بدخول البلاد باستخدام آلية الإفراج المشروط، (تقدر الحكومة الأميركية أن تعداد هذه الفئة سيصل إلى 50 ألف شخص في الأشهر المقبلة) لا يعتبر لاجئا من الناحية القانونية، وبالتالي لا يحصل تلقائيا على الخدمات نفسها.

  • إلى أين سيذهب الأفغان بمجرد إجلائهم من هذه القواعد العسكرية؟

أنهى كثير من الأفغان بالفعل كل الإجراءات المطلوبة، وغادروا القواعد العسكرية التي أقاموا فيها لأيام أو أسابيع، وانتقلوا بالفعل إلى منازلهم المؤقتة أو النهائية في بعض الحالات.

وتعمل المنظمات غير الحكومية المتعاقدة مع الحكومة الأميركية لإعادة توطينهم، ويتم ذلك عن طريق المنح الحكومية الفدرالية أو منح الولايات، أو عن طريق التبرعات الخاصة في المقام الأول.

وقد طلبت وكالات إعادة التوطين من الكونغرس أن يجعل الأفغان الذين دخلوا بآلية الإفراج المشروط مؤهلين للحصول على جميع الخدمات التي يحصل عليها اللاجئون الآخرون، لكن الكونغرس لم ينظر بعد في تشريع يقر ذلك.

  • ما المنظمات التي تساعد الأفغان الجدد؟

هناك 9 وكالات رئيسية لإعادة توطين اللاجئين، وهي مؤسسات غير ربحية متعاقدة مع وزارة الخارجية الأميركية للمساعدة في توطين اللاجئين في مختلف الولايات الأميركية.

وتساعد هذه المنظمات اللاجئين وتقرر لهم مخصصات مالية أو توفر لهم أماكن المعيشة المؤقتة. كما يبحثون عن ملاك عقارات على استعداد لتأجيرها للاجئين، وتعمل على أن توفر للاجئين وظائف وفرص عمل.

وتعمل كثير من المنظمات على إيجاد فرص عمل سريعة وبسيطة في المراحل الأولى من توطين الأفغان في الولايات المتحدة، مثل العمل في مصانع تجهيز الأغذية أو التعبئة والتغليف.

ويمكن للقادمين الجدد الحصول على مساعدة نقدية شهرية للاجئين. وتختلف المبالغ باختلاف حجم الأسرة وحاجاتها المعيشية.

وهناك منظمات تقوم بتعليم اللاجئين اللغة الإنجليزية لمن لا يتحدثها، وتعلمهم كيفية فتح حساب بنكي، وكيفية التقدم للجامعات والمعاهد الأميركية، وكيفية الحصول على رخص قيادة السيارات. وتنسق كثير من هذه المنظمات مع المساجد والجاليات المسلمة بمختلف الولايات في القيام بكل ما سبق ذكره.

المصدر : الجزيرة