أيهم كممجي.. رائد خطف الإسرائيليين والتحرر من سجونهم

صورة للأسير أيهم كممجي
الأسير أيهم كممجي ظل لسنوات بين كر وفر يقارع الاحتلال. (الجزيرة نت)

نابلس – منذ حداثة سنه، اشتد عوده وهو ذو بأس شديد على عدوه، فكانت أولى صولاته في المقاومة "سيارة مفخخة" جهزها وانطلق لتفجيرها وقتل المحتلين، لكن عطبا أصابها ولم ينفذ الأسير الفلسطيني أيهم كممجي عمليته الفدائية فأضحى مطاردا للاحتلال.

كممجي البالغ من العمر 36 عاما ويتحدر من قرية كفر دان الواقعة غرب مدينة جنين (شمال الضفة الغربية) هو أحد الأسرى الستة الذي تحرروا عبر "نفق الحرية" من سجن جلبوع فجر الاثنين الماضي.

عام 2003، بدأ مسلسل مطاردة الاحتلال الإسرائيلي للأسير كممجي لتقوم أجهزة الأمن الفلسطينية باعتقاله بعدها لحمايته، فظل سنة ونصف في سجن أريحا الذي فرَّ منه بطريقته وعاد لعرينه في مدينة جنين ليواصل نضاله ضد الاحتلال.

ولأشهر طويلة، ظل بين كر وفر يقارع الاحتلال، فاتهم بإطلاق النار على حواجزه العسكرية واستهداف جنوده ومستوطنيه، حتى نجح باختطاف مستوطن يعمل طيارا حربيا ويدعى الياهو أوشري وقتله، ليعود الاحتلال لمطاردته، بل حاول اغتياله مرات عدة وفشل في ذلك.

الأسير ايهم كممجي ووالده بجانبه -الصورة مرسلة من والد الاسير للجزيرة نت 2
صورة للأسير أيهم كممجي ووالده بجانبه (الجزيرة نت)

مطاردة ومحاولة اغتيال فاعتقال

آنذاك، يقول والده فؤاد كممجي اعتقلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية أيهم مجددا تمهيدا لتحصيل عفو إسرائيلي عنه أسوة ببقية المطاردين، غير أن الاحتلال لم يكن يريد ذلك بل ضغط على السلطة لمحاكمته علنا وبحضور القنوات التلفزيونية "وأثناء توجهه للمحكمة اقتحم مقر المحكمة حيث مركز الشرطة واعتقله، وكان ذلك عام 2006".

وما زاد إصرار الاحتلال على ملاحقة أيهم ومحاولة قتله أو اعتقاله "وتهديد السلطة بقصف مقراتها الأمنية" تزامن عملية خطفه المستوطن "اوشري" وقتله مع خطف المقاومة بغزة للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط فازداد الحدث سخونة.

وببأس الأب ولين قلبه، يروي الوالد كممجي (56 عاما) للجزيرة نت -بينما كان يستعد للمشاركة في اعتصام تضامني مع الأسرى الفلسطينيين في قريته- "جرَّب أيهم -وهو فتى غضا طريا- الاعتقال وهو ابن 17 عاما، ليمضي نصف عمره وأكثر في سجون الاحتلال".

حر بطبعه

وبالعودة لطفولته، استذكرنا ووالد أيهم شخصيته بوصفه فتى "عنيدا" تميز بالإصرار والذكاء اللذين جعلاه متفوقا في مدرسته وسجنه، فنال شهادتي بكالوريوس وشهادتي ماجستير وكان يستعد لإكمال دراسات عليا أخرى أيضا.

تجلى هذا الإصرار عام 2014 في محاولة كممجي الفرار من سجن جلبوع، وعندما كشف عوقب بالعزل والحرمان من أبسط حقوقه ليعاود الكرة مع أفراد مجموعته نفسها وينجحوا معا بتحرير أنفسهم فجر الاثنين الماضي بعملية هروب وصفت "بالمعقدة والخطيرة جدا".

سألنا والد أيهم ما الذي يجعل طفلا بعمره -حين اعتقل آنذاك- أن يفعل كل ذلك ويرفض السجن؟ فرد متسائلا، ماذا ينتظر الاحتلال من طفل ولد إبان الانتفاضة الأولى عام 1987، وفتح عينيه على اجتياح إسرائيلي (عام 2002) لمدينته جنين ومخيمها، ومشاهد دمار وأشلاء شهداء تناثرت هنا وهناك، فضلا عن أنه "بطبعه يعشق الحرية".

وخارج المعتقل لم تكن حياة عائلته أكثر هدوءا، فالاحتلال اعتقل شقيقه الأصغر عهد وسجنه 3 سنوات ونصف، وبعد الإفراج عنه بأقل من شهرين عاود اعتقاله إداريا، وتوفيت والدته إثر جلطة مفاجئة.

وبعد نجاح أيهم في الهروب، عاقب الاحتلال عائلته بسحب تصاريح الزيارة لشقيقه الأسير عهد، واتصل ضابط المخابرات بوالده محذرا إياه من استقبال أيهم أو التجاوب معه حسبما أفاد والده الذي يضيف أيضا، "فقلت له أيهم بالكاد يعرف عائلته، فبعد اعتقال لنحو عقدين تغيرت جغرافية القرية وأهلها".

وبمشاعر مختلطة بين الخوف والحزن والفرح، تتابع عائلة الأسير كممجي مصير أيهم ورفاقه "لكن ما دام المجهول بيد الله، فهذا ما يطمئننا" يقول الوالد.

ثمة أبيات شعر تناقلها متفاعلون على وسائل التواصل الاجتماعي -يقال إن الأسير كممجي رددها قبل التحرر بفترة وجيزة- ذاع صيتها وتقول:

"السجن مظلمة لله أشكوها.. والقبر أرحم لي حي تخيرني

من علي بفرج أنت يسره.. كما مننت ليوسف عتق من السجن"

الشرطة الإسرائيلية تبحث عن أي خيط يوصلها للأسرى (غيتي)

القائد المدافع.. والشاعر المرهف

وأيهم -لمن لا يعرفه- أسير محبوب بين أقرانه وعنيد يرفض مهادنة الاحتلال خاصة فيما يتعلق بحقوق الأسرى وهو باعتباره مسؤولا للقسم الذي كان به في السجن، "ينتزع" حقوقهم من السجَّان.

يقول الأسير المحرر الشيخ ماهر الأخرس إنه "عاش معه في غرف واحدة لعدة أشهر وكان أيهم -رغم صغر سنه- يقود زمام المبادرة ويتصدر المشهد دوما وخطيبا مفوها؛ فكان يخطب الجمعة ويحرَّض دوما على رفض الظلم وطلب الحرية وينادي بقتال اليهود المحتلين علنا".

ويتابع الأخرس "أخبرنا كيف اختطف المستوطن وخطط لمبادلته بأسرى فلسطينيين"، وعلاوة على أنه حافظ للقرآن الكريم كان "شاعرا عظيما وقويا، وكنا نطلب منه شعرا فيكتب لنا خلال وقت قصير أعذب الكلام وأجمله".

وليس بغريب على أسير مثل أيهم -يحاول الهروب على عين السجان مرة واثنتين- أن يحدث رفاقه بالأسر بمعاركه في الميدان واشتباكاته مع العدو وكان دائم التفكير بكيفية الخروج من السجن.

المصدر : الجزيرة