زعماء فرنسا ومصر والأردن أكدوا حضورهم.. قمة إقليمية وشيكة في بغداد وهذه أبرز أجندتها

القمة الإقليمية في العراق تأتي قبل أقل من شهرين على الانتخابات التشريعية المبكرة

ماكرون (وسط) اللاعب الوحيد غير الإقليمي المشارك بالقمة ( الأوروبية- أرشيف)

بعدما أضعفته الأزمات والحروب المتتالية خلال الأعوام الأربعين الماضية، يسعى العراق اليوم إلى الاضطلاع بدور الوسيط في الشرق الأوسط من خلال قمة إقليمية مقررة في العاصمة بغداد نهاية الشهر الحالي، وتهدف إلى "نزع فتيل" الأزمات في المنطقة.

ترى المحللة السياسية العراقية مارسين الشمري أن هذه القمة تشكّل رسالة مفادها أن زمن العراق "الذي كان يثير الخوف والاحتقار" قد انتهى، وأن حقبة "الدولة الضعيفة التي يدوس عليها جيرانها" بعد الغزو الأميركي عام 2003، قد ولّت أيضاً.

ويطمح رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي وصل السلطة في مايو/أيار 2020 في أعقاب حراك احتجاجي مناهض للفساد في أكتوبر/تشرين الأول 2019، إلى جعل العراق نداً لطهران والرياض وأنقرة وواشنطن.

وتهدف هذه القمة المقررة إلى منح العراق "دوراً بناء وجامعاً لمعالجة الأزمات التي تعصف بالمنطقة" على ما أكدت مصادر في محيط رئيس الوزراء.

لكن ذلك يشكل تحديا لهذا البلد الذي تمارس فيه إيران نفوذا كبيرا، وحيث تبدو السلطات عاجزة عن تلبية تطلعات الشعب على صعيد العمل والخدمات الأساسية والإفلات من العقاب وغيرها من المجالات.

وحتى الآن، تأكد فقط حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اللاعب الوحيد غير الإقليمي المشارك في الحدث، إلى جانب نظيره المصري عبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبد الله الثاني.

ودعي للمشاركة أيضا الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والإيراني إبراهيم رئيسي فضلا عن ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، لكنهم لم يؤكدوا حضورهم بعد بحسب مصدر عراقي.

An aerial view of the heavily fortified Green Zone in Baghdad
بغداد تسعى لأن تكون جسرا للوساطة بين السعودية وإيران (رويترز)

دور الوسيط

وفي حال حضر الخصمان الإيراني والسعودي معاً على طاولة واحدة بهذه القمة المقررة، فسيشكل ذلك حدثاً بحدّ ذاته، وقد يعزز موقع بغداد "كوسيط" كما يقول الباحث بمركز "شاتام هاوس" ريناد منصور.

وكانت بغداد أصلاً، خلال الأشهر الماضية، مسرحاً للقاءات مغلقة بين ممثلين عن الرياض وطهران. ويرى الباحث أن هدف العراق الحالي هو التحول من موقعه كـ "مرسال" إلى "محرّك" للمحادثات بين إيران والسعودية اللتين قطعتا علاقاتهما عام 2016. وحتى الآن، لم يكشف المنظمون العراقيون عن المواضيع التي ستطرح خلال هذه القمة.

ويرجح أن العراق ينوي أيضاً طرح النفوذ الإيراني على أراضيه والذي بات بالنسبة لكثير من العراقيين حضوراً سلبياً.

وأوضح مراقب غربي متابع للملف طلب عدم كشف هويته أن "العراق يريد الإمساك بزمام الأمور في تحديد مساره، ولا يرغب بعد اليوم أن يخضع لتأثيرات التوترات الإقليمية".

كذلك يفترض أيضاً أن تطرح خلال القمة قضية سيادة العراق.

من موقع الحكومة العراقية- الكاظمي في استقبال الرئيس المصري وملك الأردن في بغداد
الكاظمي (يمين) يسعى للموازنة بين الاهتمام بالقضايا الداخلية الطارئة والقضايا الإقليمية

فساد وأزمة اجتماعية

وقد يطرح في القمة ملف حساس آخر هو العمليات العسكرية التي تخوضها تركيا في كردستان العراق ضدّ متمردي حزب العمال الكردستاني المصنف "إرهابياً" من قبل أنقرة.

وتثير الضربات التركية المتكررة -التي تودي أحياناً بحياة مدنيين على الأراضي العراقية- استياء بغداد، لكنها لم ترفع النبرة كثيراً بهذا الملف ضد جارتها التي هي أحد أبرز شركائها التجاريين.

وعلى الصعيد الداخلي، تأتي القمة قبل أقل من شهرين على الانتخابات التشريعية المبكرة في وقت يعيش العراق أزمة اجتماعية واقتصادية وسط تفشي وباء كوفيد-19.

ويشير الباحث بمركز "شاتام هاوس" إلى أن العراقيين "لا يشعرون بأن هذه الحكومة تمثلهم" مضيفاً "الكثير من العراقيين يجدون أنفسهم ضحايا للفساد" المزمن المستشري في كل مفاصل المجتمع، في حين شهد العراق صيفا حارا وجافا تخللته حرائق بمستشفيات أسقطت ضحايا، وانقطاع للكهرباء.

ورغم أن الكاظمي غير مرشح لمقعد برلماني، لكنه قد يسعى إلى العودة رئيساً للحكومة لولاية كاملة من خلال "ائتلاف حكومي جديد تتفق عبره كل الأحزاب على رئيس للوزراء" كما تقول المحللة السياسية الشمري، في وقت تقع عليه مسؤولية الموازنة بين الاهتمام بالقضايا الداخلية الطارئة والقضايا الإقليمية، بدون تغليب الأخيرة على أزمات الداخل.

المصدر : الفرنسية