مبارك يلتقي صدام لمنع غزو الكويت.. آخر زيارة لرئيس مصري للعراق قبل السيسي

مبارك أبلغ أمير الكويت الشيخ جابر الصباح بضرورة اخذ الاحتياطات اللازمة "لأن صدام مراوغ" مؤكدا استعداده لإرسال أي مساعدات دفاعية يطلبها.

Iraqi President Saddam Hussein (r) and Egyptian President Hosni Mubarak (l) 28 January 1990 in Cairo reviewing the honor guard following Saddam's arrival in an unannounced visit to Egypt. Iraqi troops stormed into Kuwait early 02 August 1990 occupying the capital. (Photo by MONA SHARAF / AFP) (Photo by MONA SHARAF/AFP via Getty Images)
مبارك (يسار) قال إن صدام أبلغه أكثر من مرة أنه لا ينوي الاعتداء على الكويت (الفرنسية)

بعد عقود من الغياب جاءت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للعراق، أمس الأحد، كأول زيارة لرئيس مصري منذ أكثر من 30 عاما وبالتحديد منذ زيارة الرئيس الراحل محمد حسني مبارك لبغداد في 24 يوليو/تموز 1990.

وشارك السيسي في القمة الثلاثية بين مصر والعراق والأردن، مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وملك الأردن عبد الله الثاني، وهي الجولة الرابعة لآلية التعاون الثلاثي التي انطلقت بالقاهرة في مارس/آذار 2019.

وبحسب المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية بسام راضي، تناولت القمة بحث سبل تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات بين الدول الثلاث، وتكثيف التنسيق بشأن مستجدات الأوضاع السياسية في المنطقة.

مبارك وصدام

في الثامنة والنصف من صباح 24 يوليو/تموز 1990، توجه مبارك إلى بغداد على خلفية معلومات بشأن حشود للجيش العراقي على الحدود الكويتية، بحسب ما صرح الرئيس المصري في مؤتمر صحفي لاحقا عن تلك الزيارة.

مبارك حكى تفاصيل الزيارة في أكثر من مناسبة، وقال في تصريحات تلفزيونية إنها بدأت بورود معلومات مؤكدة آنذاك أن العراق حشد قوات على الحدود، ولا تبدو من حجمها وتمركزها أنها قوات دفاعية، ليقرر زيارة بغداد لتهدئة الأمور.

وقال إنه التقى آنذاك وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل مبعوثا عن الملك فهد بن عبد العزيز لمدة ساعة في مطار القاهرة ثم سافر للعراق مجتمعا 5 ساعات مع الرئيس صدام حسين ووزير خارجيته طارق عزيز، وكان أغلب الاجتماع شكوى عراقية من الكويت، لكن مبارك طالب صدام بحل المشاكل عبر الحوار، بحسب وصفه.

وحسب روايته، فقد سأل مبارك صدام بشكل محدد وأكثر من مرة عن نيته تجاه الكويت، حيث أكد له أكثر من مرة أنه لا ينوي الاعتداء على الكويت، غير أنه طلب من مبارك عدم إخبار القيادة الكويتية بذلك.

وقال مبارك إنه طلب من صدام عقد لقاء بين العراق والكويت، واقترح أن يتم يوم الأحد 29 يوليو/تموز بالسعودية ووافق صدام بالفعل، غير أنه فوجئ أثناء طريقه للكويت بتصريح صحفي من طارق عزيز يقول فيه إن لقاء مبارك صدام تناول العلاقات الثنائية بين البلدين، مما أثار غضب الرئيس المصري.

وحسب تصريحات مبارك، فقد نقل لأمير الكويت (آنذاك) الشيخ جابر الصباح، تأكيد صدام عدم القيام بأي عمل عسكري، لكنه طلب منه أيضا أخذ الاحتياطات اللازمة "لأن صدام مراوغ" وأكد استعداده لإرسال أي مساعدات دفاعية تطلبها الكويت، وفقا لتعبيره.

ومن الكويت سافر مبارك للسعودية، والتقى الملك فهد وولي عهده حينها الأمير عبد الله، واتفق معهما على الدعوة للقاء يضم العراقيين والكويتيين في المملكة، وبالفعل دعا الأمير عبد الله لاجتماع في جدة يوم الأحد 29 يوليو/تموز، إلا أن الوفد العراقي قرر الحضور بعد يومين أي الثلاثاء.

وترأس الوفد الكويتي الشيخ سعد الصباح، في حين كان عزة إبراهيم الدوري على رأس الوفد العراقي، واجتمع الوفدان مساء الثلاثاء وظهر الأربعاء، لكن حسب رواية مبارك فلم يكن لدى الوفد العراقي أي تفويض حقيقي بالتفاوض لحل الخلاف، وانتهت اللقاءات بدون اتفاق، وأدى الوفد العراقي مناسك العمرة، قبل أن يعود لبلاده فجر الخميس، وبعدها على الفور قامت القوات العراقية بغزو الكويت.

وحسب رواية مصطفى الفقي سكرتير مبارك للمعلومات، فقد توالت الاتصالات عليه من المسؤولين الكويتيين، فجر يوم الغزو 2 أغسطس/آب 1990، وطلبوا منه إبلاغ الرئيس باحتلال العراق للكويت، فاتصل بدوره بمدير مكتب الرئيس الذي أيقظه وأبلغه بالخبر.

وأكد الفقي أن الرئيس لم يكن يتخيل قيام صدام بغزو الكويت، وأنه عندما سمع خبر الغزو تصور أن صدام قام باحتلال حقل بترول الرميلة المشترك بين العراق والكويت، لكنه كان قد احتل البلد بأكملها.

وفي 2 أغسطس/آب، اجتاح الجيش العراقي الكويت، وبعد 6 أيام أعلن العراق ضم الكويت "الكامل وعلى نحو لا رجعة فيه". ونهاية الشهر ذاته، أعلنت بغداد التقسيم الإداري للكويت، وجعلت مدينة الكويت والمناطق المحيطة بها المحافظة 19 بالعراق.

وقد منح مجلس الأمن الدولي آنذاك فرصة للعراق للانسحاب من الكويت، لكن صدام رفض الاستجابة للدعوات والمبادرات الأممية والعربية والدولية، مما مهد الطريق أمام تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة لشن الحرب لإخراج القوات العراقية من الكويت في 17 يناير/كانون الثاني 1991، ونجحت في تحقيق ذلك، وأعلن الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش الأب تحرير الكويت يوم 27 فبراير/شباط 1991.

المصدر : الجزيرة