المرتزقة والجيش في ليبيا.. هذا ما اختلف عليه المجتمعون في "برلين 2"

يعتقد مراقبون ليبيون أن مخرجات "برلين 2" جاءت مكررة دون توضيح الإجراءات الفعلية على الأرض، وخاصة فيما يتعلق بتوحيد المؤسسة العسكرية وبسط حكومة الوحدة الوطنية سيطرتها على البلاد.

قدم مؤتمر "برلين 2" عناوين عامة دون التوافق على آليات تنفيذها (الأناضول)

طرابلس – اختتم مؤتمر "برلين 2" في العاصمة الألمانية حول ليبيا -بمشاركة دولية- بالتوافق على إجراء انتخابات نهاية العام الجاري 2021 واختلاف حول توقيت إخراج المرتزقة من البلاد. ودعا البيان الختامي للمؤتمر السلطات الليبية إلى ضرورة الاستعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر/كانون الأول القادم، والاتفاق حول القاعدة الدستورية لإجراء الانتخابات.

وأكد البيان الختامي إجماع المشاركين في المؤتمر على ضرورة سحب جميع المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا دون تأخير وتنفيذ كامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" في جنيف.

وقد أعلنت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش عن تقدم في ملف المرتزقة والقوات الأجنبية الذين قد يخرجون من ليبيا في الأيام القادمة، بينما صرح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أن هناك توافقا تركيا روسيا لإخراج تدريجي للمرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا للحفاظ على التوازن.

ولم يكشف المؤتمر الدولي عن موعد محدد لإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية الموجودة في ليبيا التي هيمنت على مباحثات الأطراف المشاركة في مؤتمر "برلين 2″، إلى جانب أسباب عدم توحيد مؤسسة الجيش إلى الآن ومن يعرقل هذه الجهود.

لن يخرجوا

ويعتقد عضو مجلس النواب في طبرق عصام الجهاني أن القوات الأجنبية والمرتزقة لن يخرجوا في المدى القريب من ليبيا لأسباب متعددة.

ويوضح الجهاني للجزيرة نت أن "مؤتمر برلين الأول والثاني هما لتدوير مفاوضات الدول وحلفائها في المنطقة؛ من أجل تقسيم الكعكة الليبية فقط دون الاتفاق على وضع مبادئ رئيسية واضحة للحل".

ويعتبر الجهاني الانتخابات نهاية العام الجاري فخا على أرضية هشة لا تحكمها قواعد "رغم أهميتها، خاصة في ظل وضع الأطراف أصابعها على الزناد واستمرار التوتر". ويرى أن من يُعقّد الأزمة الليبية قوى خارجية وقوى ضغط محلية، مشيرا إلى أن "مخرجات برلين الأول والثاني لا تكفي وغير حاسمة".

تجاهل الحلول

من جانبه، يعتبر عضو مجلس النواب بالقاسم دبرز أن المشاركين في مؤتمر برلين "يتجاهلون الحلول الجذرية الحقيقية، ويسمّون الأشياء بغير مسمياتها، من خلال وضع بنود عامة دون التفاصيل".

ويتابع دبرز قائلا "يشاهد العالم من يتجاهل أوامر الشرعية، ويتمرد على جميع السلطات ويتحرك بالمرتزقة الفاغنر والجنجويد من مكان لآخر، ويحشد ويقيم المناورات الحربية، والجميع يعلم أن حفتر هو المشكلة، لكنهم يتجاهلون ذلك".

ويتساءل دبرز -في تصريحه للجزيرة نت- عن سبب عدم توحيد المؤسسة العسكرية إلى الآن، وأسباب تجاهل المجتمع الدولي للمعرقل الأول لمشروع توحيد جميع القوات العسكرية تحت رئاسة أركان واحدة، وإعادة هيكلة الجيش.

ويرى دبرز أن المجتمع الدولي غير جاد في إخراج المرتزقة التشاديين والسودانيين والفاغنر والإماراتيين من ليبيا، مشيرا إلى أن القوات التركية في ليبيا هي لتدريب أفراد الجيش الليبي وإعادة التأهيل، وهي موجودة في ليبيا وفق اتفاقية أمنية واضحة المهام، ومسجلة وموثقة في الأمم المتحدة، وهي بذلك تختلف تماما عن مرتزقة حفتر والداعمين له.

ويعتقد دبرز أن من المهم توفير شفافية ونزاهة وبسط حكومة الوحدة الوطنية على كامل التراب الليبي، وعلى جميع المؤسسات والمصالح العسكرية والأمنية منها قبل الانتخابات المقررة في نهاية ديسمبر/كانون الأول القادم، لمنع فرض سلطة الأمر الواقع على الناخبين والمترشحين.

خيبة أمل كبيرة

ويعبر عضو لجنة الدستور سالم كشلاف عن خيبة أمله على مستوى المسار الدستوري الذي توصلت إليه مخرجات "برلين 2″، باستبعاد خيار الاستفتاء على مشروع الدستور للانتقال إلى المرحلة الدائمة.

ويقول كشلاف "أستغرب دعم دول بكل قوة إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في مشهد مضطرب، وإرجاع الأمانة إلى أهلها، وتستبعد الاستحقاق الدستوري الذي أنجزته هيئة منتخبة وهو أفضل الخيارات وأقصرها".

ويقول كشلاف -في تصريحه للجزيرة نت- إن هذه الدول تسعى إلى الحفاظ على مصالحها قبل استقرار الأوضاع في ليبيا وقبل اعتماد دستور دائم لليبيا.

ويوضح أن مخرجات "برلين 2" جاءت مكررة دون توضيح الإجراءات الفعلية على الأرض، خاصة فيما يتعلق بتوحيد المؤسسة العسكرية وبسط حكومة الوحدة الوطنية سيطرتها على البلاد.

مخرجات واحدة ونتائج غائبة

بدوره، يرى عضو المجلس الأعلى للدولة عادل كرموس أن مخرجات مؤتمر "برلين 2" واحدة، والنتائج المرجوة منها تكاد تكون معدومة.

ويضيف أن "المجتمع الدولي يصرح بدعم حكومة الوحدة الوطنية، لكن الدعم محدود والاعتراف بالمعرقل مستبعد في كل البيانات الدولية، وهو ما يؤكد أن المجتمع الدولي غير جاد في حل الأزمة الليبية، ويساهم فقط في وجود حكومة شرعية ثم يتخلى عنها".

ويؤكد كرموس -للجزيرة نت- أن ملف المرتزقة يحل إذا كان المجتمع الدولي صريحا عند حديثه في كل مرة عن المرتزقة في ليبيا بهدف إخراجهم، لكنه لا يذكر "من هم المرتزقة؟ ومن هي الدول المتورطة في إدخالهم إلى البلاد؟ ومن يدعم وجودهم؟ وما هي الضمانات لعدم عودتهم مجددا؟".

ويفيد كرموس أن صمت المجتمعين ببرلين عن التحشيد العسكري لحفتر في الجنوب، والسكوت عن إعاقة فتح الطريق الساحلي من قبل مليشيات حفتر "هو أمر مستفز، رغم القرارات واللقاءات الدولية التي كانت تحث على فتح الطريق ومعاقبة المعرقلين".

المصدر : الجزيرة