بكلفة مليار دولار.. هل ينجح الأردن في تنفيذ مشروع لتحلية ونقل المياه بعد تعثر إنجاز ناقل البحرين؟

مشروع الناقل الوطني بوصفه بديلا إستراتيجيا يأتي بعد إعلان الأردن فشل تنفيذ مشروع ناقل البحرين المشترك الذي يربط بين ‏البحرين الأحمر والميت.

العجز السنوي في المياه أردنيا يبلغ نحو 400 مليون متر مكعب (الجزيرة)

بدأ الأردن تأهيل أفضل 5 ائتلافات عالمية لبدء -مطلع العام القادم- تنفيذ مشروع "الناقل الوطني" لتحلية مياه البحر الأحمر من مدينة العقبة جنوبا، ونقلها إلى محافظات المملكة شمالا، وبكميات تتراوح بين 250 و300 مليون متر مكعب، وبتكلفة تصل لمليار دولار في مرحلته الأولى.

ويأتي تنفيذ مشروع الناقل الوطني بعدما طوى الأردن صفحة مشروع "ناقل البحرين الإقليمي" بالشراكة مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية، الذي شكّل لعقد من الزمن مشروعا إستراتيجيا مهما، وتعلقت عليه آمال في إنقاذ المملكة من مشكلاتها المتعلقة بمياه الشرب.

وأعلن وزير المياه والري الأردني محمد النجار قبل أيام "تعثر تنفيذ مشروع ناقل البحرين المشترك بين الأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل، وأنه بات في خبر كان".

وهو مشروع طالما حلم الأردن بتنفيذه، خاصة بعد توقيعه اتفاقية دولية بين الأطراف لبدء تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع خلال عام 2015، وبحضور ودعم من الولايات المتحدة والبنك الدولي، إلا أن المشروع لم ير النور، وبقي حبيس الأوراق والمخططات التي رسمت.

آليات حفر الآبار والتنقيب عن مياه الشرب الجوفية تجري على قدم وساق (الجزيرة)

تعنت إسرائيلي

وجاء إعلان الأردن رسميا تخليه عن تنفيذ مشروع ناقل البحرين بعد "تعنت ومماطلة إسرائيلية في بدء التنفيذ استمرت عقدا من الزمن، وذلك لوجود الكثير من بدائل المياه بين يدي الإسرائيليين، بخلاف وضع الأردن"، وفق مصدر مسؤول.

وتعدى الأمر ذلك وفق المصدر لـ"الضغط الإسرائيلي على البنك الدولي لشطب المشروع من أجندة عمله"، وأعلنت مجموعة البنك الدولي في إطار الشراكة القطرية لمجموعة ‏البنك الدولي للأردن للسنوات المالية 2017-2022؛ أن مشروع المياه ‏الإقليمي (مشروع البحر الأحمر-البحر الميت) الذي تم وضعه في بداية ‏فترة إطار الشراكة القطرية لم يعد من ضمن المشاريع المنوي تنفيذها، ‏والسبب في ذلك هو عدم وجود اتفاق حكومي على معالم المشروع.

وتقوم فكرة المشروع على ربط البحرين الأحمر جنوبا والميت شمالا بواسطة قناة، وذلك ‏لرفع منسوب البحر الميت من المياه التي تتراجع بمعدل متر سنويا بسبب التبخر، وبمعدل كمية تصل إلى 200 ‏مليون متر مكعب سنويا‏، وتوفير 85 مليون متر ‏مكعب من المياه المحلاة للأردن سنويا، ومشروع لتوليد الكهرباء.

صيانة مشروع مياه حوض الديسي في جنوب المملكة (الجزيرة)

رحلة البحث عن بدائل

تعثر تنفيذ مشروع ناقل البحرين دفع السلطات الأردنية للبحث عن مشروع ناقل وطني جديد لتأمين كميات المياه اللازمة والضرورية للاستهلاك المحلي، فكان البديل المحلي "مشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر جنوبا ونقلها إلى محافظات المملكة شمالا".

أمين عام سلطة المياه أحمد عليمات اعتبر مشروع الناقل الوطني "خيارا إستراتيجيا وحلا دائما لمشكلة عجز المياه المتفاقم بالمملكة، وسيوفر المشروع 350 مليون متر مكعب من المياه المحلاة، بعد إنشاء محطات تحلية ضخمة على شاطئ مدينة العقبة الساحلية، ومحطات لنقل وضخ المياه لمحافظات المملكة شمالا".

وتابع -في حديث للجزيرة نت- أن المشروع سينفذ "بنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية (‏BOT‏) بالشراكة مع القطاع ‏الخاص، وسيوفر في مرحلته الأولى 130 مليون متر مكعب، وصولا إلى طاقته القصوى التي تصل إلى 350 مليون متر مكعب، وفق أفضل المواصفات".‏

وتقدر قيمة المشروع الرأسمالية في مراحله بين 1.5 و2 مليار دولار، وسيتم بيع متر المياه المحلاة بسعر 35 إلى 37 قرشا (50 سنتا) في الموقع، لتصل إلى عمان بنحو 70 قرشا (دولار واحد)، ويسمح نظام تحلية المياه ببيع الكميات الفائضة عن حاجة المملكة لدول الجوار، وفق عليمات.

ويعاني الأردن من عجز سنوي بالمياه يقدر بـ400 مليون متر مكعب سنويا، إضافة إلى تأثيرات حالة التغير المناخي وتراجع كميات الهطول المطري، ويتوقع أن تبدأ كميات المياه المحلاة التدفق على محافظات المملكة الشمالية في المرحلة الأولى بين عامي 2025 و2026.

تنظيف مجاري الأودية الناقلة لمياه الأمطار لسد الملك طلال (الجزيرة)

كلفة عالية

وأمام كلفة مشروع الناقل الوطني، التي تصل لنحو ملياري دولار، في ظل دين عام سجل حتى نهاية فبراير/شباط الماضي ارتفاعا وصل إلى 33.3 مليار دينار (47 مليار دولار)؛ يشكك خبراء في قدرة الأردن على تنفيذ المشروع، إضافة إلى ضيق الشريط الساحلي لمدينة العقبة المطل على البحر الأحمر، ويبلغ نحو 30 كيلو مترا.

النائب موسى هنطش والخبير في مجال المياه والتربة أشار إلى جملة من البدائل المتاحة وسريعة التنفيذ وتوفر كميات المياه المراد تأمينها من مشروع الناقل الوطني، وأبرز تلك البدائل "معالجة فاقد المياه بسبب تلف شبكات التوصيل، والاعتداءات بالسرقة التي تتم على الخطوط الناقلة"، وتقدر قيمة الفاقد بين 48 و80% في محافظات المملكة، وفق هنطش.

وتابع هنطش للجزيرة نت أن من البدائل "حفر 1500 بئر في مناطق الأغوار الشمالية والجنوبية، توفر نحو 100 مليون متر مكعب حسب دراسات دولية، وبكلفة بسيطة مقارنة بناقل البحرين، مع ضرورة استثمار أفضل لمياه منطقة الأزرق (شرقي الأردن)، ونقل مياه نهر الفرات من العراق للأردن".

بوابة سد الملك طلال الأكبر في المملكة للحصاد المائي (الجزيرة)

حل سحري

في المقابل، يرى الخبير المائي رضوان وشاح في مشروع الناقل الوطني "حلا سحريا ودائما لمعالجة أزمة الطلب المتزايد على المياه بالأردن، ومع تنفيذ المشروع لا يوجد ما يمنع وزارة المياه من معالجة الفاقد من المياه، ومواجهة الاعتداءات والاستمرار في حفر الآبار وشراء المياه من أصحاب الآبار الارتوازية، والحصاد المائي وبناء السدود، وغيرها".

وأضاف للجزيرة نت أن من أسباب "فشل" مشروع ناقل البحرين "عدم قدرة الأردن على تسويقه على أنه مشروع بيئي لإنقاذ البحر الميت، خاصة أن انحسار مياه البحر الميت بمعدل متر سنويا يفقدنا نحو 50 مليون متر مكعب سنويا من المياه الجوفية تسيل للبحر نتيجة الانخفاض المتزايد".

وبتعثر مشروع ناقل البحرين يترك البحر الميت وحيدا، يواجه أزمته بمصير محتوم مع استمرار انحسار مياهه سنويا، وتراجع الكميات المتدفقة من نهر الأردن بسبب الاعتداءات المتكررة من الاحتلال الإسرائيلي على مصبات المياه المغذية للبحر الميت وأهمها نهر الأردن، فبعد أن كان النهر يغذي البحر بـ1.5 مليار متر مكعب سنويا، لا يصل للبحر أكثر من 200 مليون متر مكعب.

المصدر : الجزيرة