بعد تردد ترامب بشأنها… تعرف على إستراتيجية بايدن لمواجهة متطرفي أميركا

خلال السنوات الأخيرة زادت حوادث الإرهاب التي تغذيها الكراهية، ووصل الأمر لدرجة شديدة الخطورة مع اقتحام المتطرفين مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني الماضي.

Tulsa Commemorates 100th Anniversary Of Tulsa Race Massacre
بايدن اهتم منذ بداية حكمه بقضية تزايد مخاطر الإرهاب المحلي (الفرنسية)

في اليوم الأول من حكمه، كلف الرئيس الأميركي جو بايدن مجتمع الاستخبارات، والوزارات الأخرى المعنية، بتقييم مخاطر الإرهاب المحلي، وعرض أفكار لتصميم إستراتيجية وطنية لمكافحة الجماعات المتطرفة.

وخلص تقرير صدر في مارس/آذار الماضي إلى أن المتطرفين ذوي الدوافع العنصرية والإثنية -مثل العنصريين البيض وأولئك المرتبطين بالمليشيات العنيفة- يعتبرون أكثر التهديدات خطورة على الداخل الأميركي.

وقبل أيام، أصدرت إدارة بايدن إستراتيجية وطنية لمواجهة الإرهاب المحلي، والعمل على استئصاله من المجتمع الأميركي.

وتمثل الإستراتيجية الجديدة انفصالا كبيرا عن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب التي ساوت بين جماعات دعاة "تفوق البيض" ومليشياتهم، وبين حركة "حياة السود مهمة".

U.S. Attorney General Garland gives policy address on domestic terrorism in Washington
الإستراتيجية الأميركية جاء الإعلان عنها على لسان وزير العدل ميريك غارلاند (رويترز)

ماهية الإستراتيجية الجديدة

تسعى الإستراتيجية -التي جاءت في 32 صفحة- إلى تنسيق الجهود أفقيا بين جهات حكومية عدة مثل وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) ووزارة الأمن الداخلي، ورأسيا من خلال التنسيق بين أجهزة إنفاذ القانون الفدرالية والمحلية على مستوى الولايات والمقاطعات، كما طالبت الإستراتيجية بالعمل على زيادة تبادل المعلومات بين الجهات الحكومة وشركات التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي.

وتعكس الإستراتيجية الجديدة تحولا أميركيا واضحا في إعادة ترتيب أولويات مكافحة الإرهاب الذي زادت حوادثه التي تغذيها الكراهية خلال السنوات الأخيرة، ووصل لدرجة شديدة الخطورة مع اقتحام المتطرفين البيض من أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب مبنى الكابيتول في السادس من يناير/كانون الثاني الماضي.

وأشار كريستوفر راي، مدير "إف بي آي" الأسبوع الماضي -أمام جلسة استماع بالكونغرس- أن مكتبه قام بما يقرب من 500 عملية اعتقال متعلقة بهجوم الكابيتول، وقال إن إجمالي عدد التحقيقات بقضايا الإرهاب المحلية ارتفع لألفي تحقيق خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2021، في وقت كان إجمالي التحقيقات عام 2020 لا يتخطى 1400 تحقيق.

وتقوم الإستراتيجية الجديدة على 4 دعامات أساسية هي:

  1.  فهم وتحليل وتبادل المعلومات المتعلقة بالإرهاب المحلي على المستوى الفدرالي وعلى مستوى الولايات والمقاطعات، وأسست وزارة العدل ومكتب التحقيقات الاتحادي نظاما جديدا لتتبع قضايا الإرهاب المحلية في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
  2. تخصيص ميزانية مقترحة بقيمة 77 مليون دولار لدعم جهود وزارة الأمن الداخلي لمنع الإرهاب المحلي ولمنع تجنيد وتعبئة العناصر المتطرفة، من خلال العمل مع الجمعيات الأهلية المحلية لمساعدتها على أن تصبح أكثر مرونة بحيث تعرقل عمليات تجنيد متطرفين جدد. كما تضمن الإستراتيجية مضاعفة الجهود للتصدي لتجنيد الإرهابيين المحليين على الإنترنت من خلال زيادة تبادل المعلومات مع قطاع التكنولوجيا.
  3. تخصيص 100 مليون دولار من ميزانية بايدن للسنة المالية 2022، لضمان حصول الجهات الفدرالية على الموارد اللازمة، للنظر فيما إذا كانت السلطات التشريعية الجديدة مناسبة لتحقيق التوازن بين السلامة وحماية الحريات المدنية.
  4. مواجهة المساهمين على المدى الطويل في دعم وتشجيع الإرهاب المحلي من خلال حماية الأميركيين من التعرض لخطابات الكراهية العرقية والدينية، ومنع شراء الأسلحة النارية من الأفراد الذين يعتزمون ارتكاب أعمال إرهابية محلية.

الحياد الأيديولوجي

جاء الإعلان عن إصدار الإستراتيجية على لسان ميريك غارلاند وزير العدل الذي قال "إن تهديد التطرف العنيف المحلي يتطور بسرعة أيضا، ونحن نعمل على مراقبة الجهات الفاعلة التي تحركها مجموعة من الدوافع العنيفة، التي يتم تغذيتها وتطويرها في بعض الأحيان من مزيج من الأيديولوجيات العنيفة".

وأشارت الإستراتيجية إلى "الحياد الأيديولوجي" والذي ذكرت أن المقصود به أن أدوات الإستراتيجية ستتعامل مع "الإرهابيين المحليين انطلاقا من الأفعال والوقائع والقانون، ولن تستند إلى أي أيديولوجية أو انتماءات فكرية للإرهابيين" في إشارة إلى أن الإستراتيجية الجديدة لن تكترث بمعتقدات المشتبه بهم، بل ستركز على أفعالهم وتهديداتهم الفعلية.

وأشارت الإستراتيجية إلى أن الإرهابيين المحليين لديهم "دوافع مختلفة، ويركز الكثيرون منهم على العنف تجاه نفس الشريحة أو شرائح المجتمع الأميركي بمن فيهم الأشخاص غير البيض، أو المهاجرون، أو اليهود، أو المسلمون، أو الأقليات الدينية الأخرى، أو النساء، والفتيات، أو المثليون جنسيا، وغيرهم".

وقال مسؤولون في إدارة بايدن للصحفيين إنه رغم أن هذا النهج محايد أيديولوجيا، فـ "إننا سنبني على التقييم السابق" بأن دعاة تفوق العرق البيض والمليشيات المناهضة للحكومة يشكلون التهديد الأكثر خطورة في هذه المرحلة.

دور البنتاغون

كشفت التحقيقات الجارية حول عملية اقتحام "الكابيتول" عن ارتفاع نسبة المتطرفين من أنصار سمو العرق الأبيض بين أفراد الجيش. وأشارت الإستراتيجية الجديدة إلى ضرورة اتباع إجراءات دقيقة لا تسمح بقبول المتطرفين بقوات الجيش أو الشرطة، وطالبت الإستراتيجية بتمويل عمليات الفحص والمراجعة للمتقدمين للانضمام للجيش من خلال إجراءات دستورية وقانونية.

وتشير الإستراتيجية إلى ضرورة مراجعة طلبات الحصول على مناصب حساسة في الحكومة الفدرالية بما يضمن عدم توظيف الإرهابيين المحليين في صفوف الجيش أو إنفاذ القانون وتحسين عمليات الفحص والتدقيق.

الحفاظ على الحقوق الدستورية

وقال بايدن على صدر افتتاحية تقرير الإستراتيجية "هذه الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب الداخلي تضع نهجا شاملا للتصدي للتهديد مع الحفاظ على الحقوق المدنية والحريات المدنية الأميركية الراسخة".

وأشار مسؤول بإدارة الرئيس -في إفادة صحفية- إلى أنه ومنذ 20 يناير/كانون الثاني "ركز الرئيس على التصدي للتهديد المتزايد للإرهاب الداخلي، وركز بنفس القدر على ضمان أن تبذل جهودنا لمواجهته في سياق دعم الحقوق المدنية والحريات المدنية" الأميركية.

المصدر : الجزيرة