لقاء بايدن وبوتين.. كيف اختلف عن تقليدية لقاءات القمم؟

US-Russia Summit 2021 In Geneva
أول لقاء بين بوتين (يمين) وبايدن منذ تسلم الأخير منصبه رئيسا للولايات المتحدة الأميركية (غيتي)

بعد أشهر من الترقب والإعداد الدبلوماسي، التقى الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين أمس للمرة الأولى منذ تولي بايدن منصبه.

واستخدم الرئيسان في وصفهما لقاء القمة عبارات متشابهة طغت عليها كلمات مثل "الإيجابية" و"البناءة"، وبالفعل نتجت عن القمة بعض التطورات الصغيرة، مثل قرار إعادة سفير كل دولة إلى الأخرى، وتشكيل فرق عمل معنية بالهجمات السيبرانية.

وعلى العكس من اللقاءات السابقة، لم يعقد الرئيسان مؤتمرا صحفيا مشتركا بينهما، من دون عرض المبررات وراء اتفاقهما على هذه الترتيبات.

في الوقت ذاته، لم يخل اللقاء من استخدام الرئيسين عبارة حادة أو تهكمية على الطرف الآخر، حيث قال بايدن إنه حذر بوتين من "عواقب مدمرة" إذا مات زعيم المعارضة المسجون أليكسي نافالني في السجن.

وتهكم بوتين من جانبه بشأن حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، وانتقد التعامل العنصري ضد السود، وأشار إلى حادثة اقتحام المتطرفين مبنى الكابيتول في السادس من يناير/كانون الثاني الماضي.

مصافحة للتاريخ

تصافح الرئيس الروسي مع بايدن الذي وصف بوتين خلال الأسابيع الأخيرة بالقاتل، وأظهرت القمة أن حسابات المصالح الإستراتيجية للدول تتخطى مواقف الرؤساء و"شخصنة" علاقاتهما.

وفي حين بدا كلاهما متفائلين، كان التوتر الكامن واضحا أيضا على وجهي الزعيمين، وشكر بوتين بايدن "لمبادرتكم بالاجتماع اليوم"، وابتسم بايدن، الذي لم يكتف بمبادرته لعقد القمة نفسها، وأضاف "نعم من الأفضل دائما أن نلتقي وجها لوجه".

أما اختيار مدينة جنيف لعقد القمة، فقد تكرر في قمم الحرب الباردة بين الرئيس الأميركي رونالد ريغان والزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف في المدينة السويسرية عام 1985.

وعلى النقيض من ذلك العام، فإن التوترات بين الدولتين لم تتعلق بالأسلحة النووية الإستراتيجية والأيديولوجيات المتنافسة بقدر ما تتعلق بما تعتبره إدارة بايدن نظاما عدائيا وخارقا لقواعد النظام الدولي، ويعمل على الإضرار بالولايات المتحدة.

في حين يعتبر بوتين أن روسيا تتحدى ببساطة الهيمنة الأميركية، كجزء من محاولة لتعزيز ما يسمى العالم "متعدد الأقطاب"، الذي شهد اقتراب روسيا من الصين الخصم الأكثر قوة للولايات المتحدة.

لغة جسد تليق بالزعماء

ورأت خبيرة لغة الجسد ماري سيفيلو في أداء الرئيسين "حضورا قويا يبرز سلطة وجاذبية، ولكن مع نهجين مختلفين تماما، فقد بدا كل منهما واثقا من نفسه، لكن لديهما أساليب مختلفة".

واعتبرت سيلفيو أن مصافحة اليد كانت لها دلالات مهمة، فقد أشارت إلى أن بايدن كانت لديه ابتسامة ودية صغيرة، وهي علامة على أنه "منفتح على الطرف الآخر"، في حين ظل وجه بوتين من دون أي تعبيرات مهمة.

وقالت سيفيلو إن "بوتين بدا كأنه يتحسس شخصية بايدن، وظهر كأنه لم يرغب في الحضور، وأنه مضطر للتواجد، وبدا كأنه يفضل أن يكون في أي مكان آخر".

وعن لغة الجسد داخل قاعة الاجتماع، اعتبرت سيفيلو أنه "عندما كانت ساقا بايدن فوق بعضهما البعض، كانتا تواجهان زاوية طفيفة تجاه بوتين، وهو أمر مناسب لشخص منفتح يجري محادثة".

ومن ناحية أخرى، لاحظت أن بوتين كان جالسا وساقاه متباعدتان ومباشرة إلى الأمام، وهو موقف أكثر عدوانية، ويشير إلى أنه أقل انفتاحا على التحدث.

واعتبرت سيفيلو أن لغة "جيد بايدن كانت أكثر انفتاحا، لكن في النهاية كانت لغة جسدهما أحد الأسباب التي جعلت الاجتماع بين الرجلين في جنيف أمس الأربعاء متوقعا للغاية".

اقتحام الكابيتول في قمة جنيف

كان الموضوع الأكثر إثارة للجدل في القمة تذكير الرئيس الروسي العالم بحادثة اقتحام الكونغرس على أيدي المتطرفين من أنصار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في السادس من يناير/كانون الثاني الماضي.

وأثار بوتين هذه القضية ردا على سؤال حول سجل حقوق الإنسان في روسيا، وكان رد فعل بوتين غير متوقع ومختلفا عما يتحدث به زعماء الدول في الدفاع عن سجلهم السيئ في قضايا حقوق الإنسان.

كما لفت بوتين الانتباه إلى الانتهاكات الأميركية في العراق وأفغانستان، فضلا عن استمرار وجود معتقل غوانتانامو.

وقال بوتين إن "الناس جاؤوا إلى مبنى الكابيتول الأميركي بمطالب سياسية". وأشار إلى أن رد سلطات إنفاذ القانون كان قاسيا للغاية.

ورد بايدن على هذا الطرح في مؤتمره الصحفي، وقال إن "أي مقارنة بين السادس من يناير/كانون الثاني والاحتجاجات المشروعة تعد شيئا سخيفا. لقد كان مثيرو الشغب في السادس من يناير/كانون الثاني مجرمين حرفيا".

بايدن لم يكن ترامب

عندما التقى الرئيس السابق دونالد ترامب بوتين في مدينة هلسنكي عام 2018، تعرض ترامب لانتقادات واسعة النطاق بسبب أدائه الحنون والمتعاطف مع روسيا والرئيس بوتين.

ودافع ترامب عن بوتين، الذي أنكر أي تدخل روسي في انتخابات 2016، وانتقد ترامب أمام العالم تقدير وكالات الاستخبارات الأميركية.

لكن بايدن لم يتعرض لهجوم على أدائه في قمة جنيف، ونجح في إزالة أي إرث تركه ترامب لصورة أميركا ورئيسها في مواجهة كبار المنافسين.

المصدر : الجزيرة