شاهد.. حزما بلدة مقدسية بلا تواصل جغرافي ومحاصرة بجدار وأسلاك وحواجز وطرق

الداخل لبلدة حزما يلحظ مركبات الاحتلال العسكرية منتشرة حولها، والجنود خلف سواتر حجرية عند مداخلها، ويلوحون بأسلحتهم دائما لحماية المستوطنين المارين من الشوارع الممتدة حول البلدة.

مع وصول فريق الجزيرة نت بلدة حِزْما (شمال شرقي مدينة القدس المحتلة)، بدأ جنود الاحتلال الإسرائيلي وضع مكعبات إسمنتية جديدة، وذلك في إطار بناء جدار يمنع التمدد العمراني لسكان البلدة المقدسية المحاصرة.

حِزْما؛ تلك البلدة التي تبتعد عن مركز مدينة القدس 8 كيلومترات، وتمتد مساحة أراضيها إلى نحو 18 ألف دونم (الدونم ألف متر مربع)، وتصل إلى حدود أريحا والأغوار والبحر الميت شرقًا، وترتبط بقرى وبلدات: شعفاط، وبيت حنينا، والرام، وعناتا من الجهات الأخرى، وبنى الاحتلال جدارًا حولها بطول 5 كيلومترات؛ فعزلها عن محيطها.

صور للشوارع الإلتفافية المحيطة بحزما والتي منعت توسعها وعزلتها عن محيطها الفلسطيني
بلدة حزما تحيط بها شوارع التفافية منعت توسعها وعزلتها عن محيطها الفلسطيني (الجزيرة)

جنود منتشرون

شاهدنا قبل دخول مركز البلدة مركبات الاحتلال العسكرية منتشرة حولها، والجنود يتخذون سواتر حجرية عند مداخلها للوقوف خلفها، ويلوحون بأسلحتهم دائما لحماية المستوطنين المارين من الشوارع الممتدة حولها، ولحماية الفرق الهندسية التابعة لجيش الاحتلال، التي تعمل في بناء جدار جديد خلف شارع التفافي من الجهة الغربية؛ لمنع التوسع العمراني لمواطني حزما.

يرعى محمود -أحد سكان حزما- أغنامه في الجهة الغربية من البلدة، ويراقب أعمال بناء الجدار الجديد، في محيطٍ كله عبارة عن جدار وأسلاك شائكة. ويقول محمود للجزيرة نت إنه لم يعد هناك مكان لرعي أغنامه في البلدة المحاصرة، ولم تعد هناك أماكن مفتوحة رغم أنها كانت مساحات شاسعة قبل سنوات.

وبعد وصولنا إلى مركز البلدة، استقبَلَنا رئيس البلدية السابق موفق الخطيب، ورافقنا إلى عمارة تعود لأحد المواطنين، وعلى سطحها ينكشف محيط حزما المحاصرة من كل الاتجاهات، حيث لم يعد لسكانها إلا نحو 950 دونما فقط، من أصل 18 ألف دونم؛ أي أن الاحتلال نهب قرابة 95% من أراضيها، وتبقى نحو 5% للمخطط الهيكلي للبلدة، الذي يسمح الاحتلال للبلدية بالعمل فيه، لخدمة قرابة 8 آلاف مواطن، هم سكان حزماـ التي تصنف مناطق "ج" ضمن اتفاق أوسلو، أي أنها مرهونة بقرارات الاحتلال العسكرية والمدنية.

الراعي محمود الذي يقول للجزيرة نت إنه لم يعد هناك مساحات لرعي أغنامه في البلدة بعد محاصرتها
الراعي محمود: لم تعد هناك مساحات لرعي أغنامي في البلدة بعد محاصرتها (الجزيرة نت)

عشرات آلاف المستوطنين

يعزل الاحتلال ومستوطناته البلدة بشكل كامل عن محيطها الجغرافي الفلسطيني، فلا وصول -كما في السابق- إلى قلب مدينة القدس، التي تعد حزما جزءا من قراها الشمالية الشرقية، ولا يوجد أيضا تواصل جغرافي مع القرى والبلدات المحيطة، التي أصبحت موزعة ومنقسمة ومعزولة داخل الجدار وخارجه.

لم يمنع هذا الحصار الاحتلالَ من مواصلة تقليص مساحات أراضي حزما، وبدأ شق شارع موازٍ لشارع التفافي سيُبنى على طرفه جدار يحصر بناء المواطنين، ويقول موفق الخطيب للجزيرة نت إن هذا الحصار يأتي في ظل وجود 4 مستوطنات على أراضي حزما تتوسع بشكل دائم.

ويصف الخطيب مستوطنة "بزغات زئيف" بأنها الأكبر على مستوى مستوطنات ضواحي القدس، والتي تقام على أراضي حزما، وعدد سكانها يزيد على 70 ألف مستوطن، وهناك بشكل دائم طرح عطاءات لتوسعة هذه المستوطنة والمستوطنات الأخرى على أراضي البلدة، وهي مستوطنات: "النبي يعقوب" من الجهة الغربية، و"آدم" من الجهة الشمالية، و"علمون" من الجهة الجنوبية الشرقية.

وفضلا عن المستوطنات والطرق الالتفافية؛ أقام الاحتلال الحاجز العسكري الرئيسي عام 1990 على أراضي حزما، الذي فصلها عن بيت حنينا وشعفاط؛ وبالتالي عزلها عن مدينة القدس بشكل كامل بعد بناء الجدار حول الحاجز عام 2004.

يقيم الاحتلال كذلك حواجز دائمة عند مدخلي حزما الشمالي والجنوبي، وبوابات حديدية تقطع أي طرق تؤدي إلى البلدة، ويتواجد الجنود بشكل دائم على هذه الحواجز، وهم دائما مستعدون لعمليات الاقتحام والاعتقال التي تتم بشكل شبه يومي في حزما؛ التي قدمت شهداء ارتقوا بدايةً من ثورة عام 1936 ضد الاحتلال البريطاني، وما زالت تقدم الشهداء والمعتقلين والجرحى خلال الاحتلال الإسرائيلي المستمر.

صورة الحاجز العسكري المقام على أراصي حزما عام 1990 والجدار المقام حوله عام 2004 والذي عزلها عن مدينة القدس
الحاجز العسكري المقام على أراضي حزما عام 1990 والجدار المقام حولها عام 2004 يهدفان إلى عزلها عن القدس (الجزيرة نت)

زنزانة صغيرة

لا تبعد حزما المحاصرة اليوم سوى نحو كيلومترين فقط عن البلدات المحيطة، مثل الرام وجبع وعناتا، التي تقع خارج الجدار، ولكن لا يوجد تواصل جغرافي نهائيا بين هذه القرى بسبب الجدار الذي عزل حوالي 4300 دونم من أراضي حزما خارج الجدار، ويمنع على السكان الفلسطينيين في حزما الاستفادة بشكل أكبر من الشارع الرابط بين شمال الضفة وجنوبها، والذي يمر قرب حزما.

عندما خرجنا من حزما شاهدنا جدرانا وأسلاكا شائكة تلاصق بيوت مواطني البلدة وتعزلهم عن الشارع الذي يسلكه المستوطنون المتجهون إلى القدس، كما أن هذا الشارع في الجهة المقابلة يلتف حوله جدار مرتفع يعزل البلدة ومحيطها المحاصر -في الأساس- عن مدينة القدس، لتصبح حزما بلدة مقدسية خارج القدس جغرافيا، نتيجة الجدار والحواجز، ومعزولة عن محيطها الفلسطيني بشكل كامل بحواجز وبوابات حديدية ومستوطنات وشوارع التفافية، كأنها زنزانة صغيرة، كما يصفها رئيس البلدية السابق موفق الخطيب.

المصدر : الجزيرة