مقال في جيروزالم بوست: هل وقعت إسرائيل في فخ حماس؟

تراجع دعم إسرائيل حتى بين المؤيدين الرئيسيين لها بأميركا كالإنجيليين الأميركيين، وأصبحت حماس أكثر شعبية منها في أي وقت مضى.

احتجاجات في لندن تطالب بوقف الدعم البريطاني لإسرائيل (الأناضول)

قبل شهر من حرب غزة، كانت الأمور تسير على ما يرام بالنسبة لإسرائيل، في ظل إدارة أميركية جديدة حريصة على زيادة دورها في دعم حقوق الإنسان، وبدا أن اتفاقيات "السلام الإبراهيمي" تسير بقوة، وتبشر بعصر جديد في الشرق الأوسط، وكأنه لم يبق سوى منع إيران ووكلائها من محاولة زعزعة استقرار المنطقة، بعد حملة تطعيم ناجحة ضد كورونا، تحسد عليها إسرائيل.

بهذه المقدمة بدأت صحيفة "جروزالم بوست" (The Jerusalem Post) الإسرائيلية مقالا للكاتب سيث فرانتسمان، قال فيه إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حصلت على دعم شعبي كبير بعد الحرب الأخيرة على غزة، حيث جرى طرد مفتي السلطة الفلسطينية من الأقصى لعدم دعمه للحركة، في حين استهدفت الاحتجاجات -في العديد من البلدان- اليهودَ، ونُشرت مقالات تنتقد إسرائيل في جميع أنحاء العالم.

ويضيف الكاتب؛ كما قادت الصين جهودا في الأمم المتحدة لإدانة إسرائيل، حتى إن أعضاء اليسار المتطرف في الحزب الديمقراطي بالولايات المتحدة اتهموا إسرائيل بممارسة "الفصل العنصري" ودعوا لوقف مبيعات الأسلحة لها.

تراجع دعم إسرائيل

وكما يقول الكاتب، تراجع دعم إسرائيل حتى بين المؤيدين الرئيسيين لها بالولايات المتحدة الأميركية كالإنجيليين الأميركيين، وأصبحت حماس أكثر شعبية منها في أي وقت مضى، حتى إنها لم تتم إدانتها بإطلاقها 4 آلاف صاروخ على مدنيين إسرائيليين، وهناك حديث الآن عن تحول في تغيير بعض الدول كيفية تعاملها مع حماس بعد أن حصلت على مزيد من الشرعية في الأسابيع السابقة لم تلق مثله في عقود.

ووفق الكاتب فإنه وفي هذه الأثناء زادت قوة حزب الله وإيران وظهر كبير الدبلوماسية الباكستانية "معاديا للسامية" على شبكة "سي إن إن" (CNN)، وقادت تركيا إلى جانب إيران حملة لمعاقبة إسرائيل وعزلها، واحتفل الفلسطينيون في الضفة الغربية بانتصار حماس.

و"فضلا عن ذلك، بدأت جماعات معادية لإسرائيل -مثل هيومن رايتس ووتش- وغيرها تتحدث عن الفصل العنصري في إسرائيل وتطالب بحل الدولة الواحدة، وشعر النشطاء المناهضون لإسرائيل بأن المد قد انقلب، وأنه يمكن القضاء على إسرائيل باعتبارها دولة استعمارية استيطانية، فكيف وصل الأمر إلى هذا؟"، يتساءل الكاتب.

ويرى الكاتب أن إسرائيل كانت قد عزلت حماس بقوة في غزة منذ حرب 2014، وقطعت مصر عنها الكثير من الإمدادات، ولم يبق لها سوى القليل من الأصدقاء، رغم أنها حاولت توسيع الدعم المتضائل في الخارج في عامي 2019 و2020 بزيارات لتركيا وماليزيا وإيران، في حين بدا أن علاقات إسرائيل الجديدة في الخليج تجعلها مقبولة في المنطقة وأن تحالفها الجديد مع اليونان وقبرص يعد بصفقات طاقة جديدة، خاصة أن تركيا -التي تشعر بالقلق من رئاسة جو بايدن- كانت تتحدث عن المصالحة في جميع أنحاء المنطقة.

قرع الطبول

ويمضي الكاتب قائلا إنه عندما تولت إدارة بايدن السلطة كانت إسرائيل على تعاون وثيق مع القيادة المركزية الأميركية ولديها علاقات جيدة مع واشنطن لضمان حماية مصالحها، وكانت قادرة على العمل ضد التمركز الإيراني في سوريا، ولم يكن هناك ضغط كبير من أجل السلام.

ولكن، بدأ فجأة قرع الطبول استعدادا لإدارة بايدن القادمة، فأصدرت منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان تقريرا عن نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وحذت هيومن رايتس ووتش حذوها، وفي نفس الوقت بقيت إسرائيل منقسمة بعد انتخابات مارس/آذار الماضي الرابعة خلال عامين.

في هذه الأثناء -كما يقول الكاتب- كانت التوترات تتزايد في القدس، ومع بدء شهر رمضان، اندلعت اشتباكات مع الشرطة الإسرائيلية عند باب العامود، وبدأ الخلاف في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية يحظى ببعض الاهتمام الدولي والفلسطيني، وتوعدت حماس بالدفاع عن الأقصى.

وقال الكاتب إن المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي وصف إسرائيل بالدولة الإرهابية، وتوقع لها رئيس الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي هزيمة تكتيكية أو محاصرة في البحر، كما أدلى حزب الله بتصريحات مماثلة، وحذرت حماس من أنها سترد على اشتباكات القدس، وبالفعل في 10 مايو/أيار الجاري -تزامنا مع مسيرات يوم القدس الإسرائيلي- أطلقت حماس صواريخ على المدينة (القدس المحتلة).

وسارت الأمور نحو الأسوأ بعد أن خلقت أعمال الشغب -في أنحاء إسرائيل بالبلدات العربية والمختلطة- أزمة، هرع على إثرها حرس الحدود إلى اللد، وأرسلت قوات جولاني وجنود المدرع السابع إلى حدود غزة، وسارع الجيش إلى دعم الضفة الغربية، حيث تصاعدت هجمات إطلاق النار والاشتباكات، حسب الكاتب.

إسرائيل في الفخ

وعندما ردت إسرائيل في 10 مايو/أيار، وضعت حماس خطة لاستخدام آلاف الصواريخ لقصف عسقلان وأسدود وتل أبيب، والمطارات والمراكز السكانية الإسرائيلية، واستخدمت طائرات بدون طيار وخططت لاستخدام غواصات بدون قبطان، وأرسلت فرق الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات إلى الحدود لضرب المركبات الإسرائيلية، فكانت هذه -كما يرى الكاتب- عملية متطورة ومخططة، يتم بموجبها إطلاق ما يصل إلى 140 صاروخا في وقت واحد.

ويبدو، وفقا للكاتب، أن حماس أتقنت هذا الأمر، وعرضت صواريخ جديدة بعيدة المدى يصل مداها إلى 250 كيلومترا يمكن أن تستهدف إيلات وربما ديمونا أيضا، ولم يتوقف حتى الآن حراك نشطاء المقاومة وفتح حول الأقصى، وتقول حماس إن حربها أضرت باتفاقات أبراهام.

واختتم الكاتب بأن إيران وحزب الله أرادا اختبار دفاعات إسرائيل، وأن إسرائيل وقعت بفخ في غزة، بسبب عدم وجود حكومة جديدة وحصر مركز التخطيط الإستراتيجي في مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو دون ضوابط وتوازنات ومناقشة أوسع لمجلس الوزراء الأمني.

المصدر : الصحافة الإسرائيلية