عودة تدريجية للحياة بغزة.. جهود مصرية وأميركية لتثبيت التهدئة وبلينكن يزور المنطقة

استمر وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية بقطاع غزة وإسرائيل في يومه الثاني، وسط جهود مصرية وأميركية لتثبيته، في حين بدأت الحياة تعود بشكل تدريجي إلى قطاع غزة بعد 11 يوما من الحرب المتواصلة.

وقال مسؤولون إن وسطاء مصريين تشاوروا مع الجانبين لتثبيت الهدنة، وزار وفدان أمنيان مصريان المناطق الفلسطينية وإسرائيل لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة وإسرائيل، وسعى الوفدان لمطالبة الجانبين بالالتزام بتنفيذ اتفاق القاهرة لوقف إطلاق النار.

وبدأ وقف إطلاق النار قبل فجر أمس الجمعة؛ لينهي 11 يوما من القصف المتبادل عبر الحدود والذي تسبب في دمار جديد في غزة وأحدث هزة في إسرائيل وأثار مخاوف دولية من الانزلاق إلى صراع أوسع.

وقال مسؤولون من حماس لرويترز إن مصر -التي توسطت لوقف القتال بدعم من الولايات المتحدة- أرسلت وفدا إلى إسرائيل أمس الجمعة لبحث سبل تثبيت وقف إطلاق النار على أن يشمل ذلك مساعدة الفلسطينيين في غزة.

وأوضح المسؤولون أن أعضاء الوفد قاموا -منذ ذلك الحين- بجولات مكوكية بين إسرائيل وغزة وأن المحادثات استمرت اليوم السبت.

وأفادت صحيفة القدس بأن الوفد الأمني المصري غادر أمس قطاع غزة بعد لقائه قادة من حركة حماس لبحث تطورات وقف إطلاق النار ومطالب الفصائل بضرورة وقف الاستفزازات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى ومنع إخلاء حي الشيخ جراح.

وأكد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ أن وفدا أمنيا مصريا سيصل إلى مدينة رام الله اليوم لإجراء مشاورات مع القيادة الفلسطينية. وأضاف أن الوفد كان قد وصل إلى غزة يوم أمس وغادرها بعد أن بدأ اتصالات مكثفة مع كل الأطراف.

وفي وقت سابق، قال الرئيس الأميركي جو بايدن -أول أمس الخميس- إن واشنطن ستعمل مع الأمم المتحدة على تقديم مساعدات إنسانية ومساعدات لإعادة الإعمار في غزة مع ضمانات للحيلولة دون استخدام الأموال في تسليح حماس التي يعتبرها الغرب جماعة إرهابية.

زيارة بلينكن للضفة وإسرائيل

وبالتوازي مع التحركات المصرية، يُنتظر أن يزور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إسرائيل والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة يومي الأربعاء والخميس القادمين، وذلك في إطار جهود واشنطن لترسيخ التهدئة في غزة، وفق ما أفادت به وكالة رويترز اليوم نقلا عن مصدر مطلع.

ولم ينشر المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون والفلسطينيون البرنامج الكامل لزيارة بلينكن.

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت عن زيارته يوم الخميس قائلة إنه "سيناقش جهود الإعمار والعمل معا لبناء مستقبل أفضل للإسرائيليين والفلسطينيين".

وقال مصدر مطلع لرويترز إن زيارة بلينكن للشرق الأوسط ستشمل مصر التي توسطت في التهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية بقيادة حماس في غزة، وكذلك الأردن.

استئناف الصيد في غزة

وفي قطاع غزة، بدأت الحياة تدب من جديد ببعض القطاعات، وإن بشكل تدريجي وبطيء، في ظل حجم الدمار الواسع والحاجة لوسائل ومعدات كثيرة غير موجودة في القطاع، لإزالة ورفع الأنقاض وصيانة وإصلاح الأضرار.

وفي شواطئ غزة -التي استهدفها الاحتلال بغارات كثيرة خلال أيام الحرب- عاد الصيادون إلى قواربهم، وأعلنت الشرطة البحرية في غزة استئناف الصيد البحري بعد توقفه بسبب التصعيد الإسرائيلي في القطاع.

وكانت أعمال الصيد البحري -الذي يعد أحد أهم القطاعات الاقتصادية في غزة- قد توقفت خلال أيام الحرب بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل.

وقد تضررت بعض زوارق وقوارب الصيد جراء قصف منطقة الشاطئ وسواحل غزة.

واستُؤنفت أنشطة الصيد مع بدء عودة الحياة تدريجيا إلى القطاع، بعد سريان وقف إطلاق النار.

إصلاح المتاجر المتضررة من القصف

وعلى صعيد آخر، يواصل فلسطينيون إصلاح محلاتهم التجارية المتضررة من الغارات التي شنّها الجيش الإسرائيلي خلال عمليته العسكرية الأخيرة على قطاع غزة.

وفي حيّ الرمال -غربي مدينة غزة- يحصي التاجر أبو أمين الشرفا خسائره المادية التي تكبّدها جرّاء تضرر محله التجاري بشكل بالغ من القصف الذي استهدف محيط المحل.

وقال الشرفا لوكالة لأناضول إن "الخسائر كبيرة جدا، خاصة أن المحل كان مليئا بالبضاعة الجديدة التي كنا ننوي بيعها خلال موسم العيد".

وتابع قائلا كنا نأمل أن نعوض الخسائر التي لحقت بنا جراء جائحة كورونا، لكن هذه الحرب تلت الأزمة مباشرة، وهو الأمر الذي كبّدنا خسائر مضاعفة.

ولفت إلى أنه جاء لمحاولة تنظيف وإصلاح وترميم محله التجاري، وإعادة تركيب أبواب بديلة عن تلك المُدمّرة.

ومنذ 13 أبريل/نيسان الماضي، تفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جراء اعتداءات وحشية من طرف شرطة الاحتلال والمستوطنين في مدينة القدس المحتلة، وخاصة المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، في محاولة لإخلاء 12 منزلا فلسطينيا وتسليمها لمستوطنين.

وتصاعد التوتر في قطاع غزة بشكل كبير بعد إطلاق إسرائيل عملية عسكرية واسعة فيه منذ العاشر من مايو/أيار الجاري، تسببت بمجازر ودمار واسع في المباني والبنية التحتية.

وقال مسؤولون فلسطينيون في غزة إن عدد الفلسطينيين الذين سقطوا -جراء العدوان الإسرائيلي وقصف الاحتلال الجوي والمدفعي- بلغ 248 قتيلا بينهم 66 طفلا، في حين قال مسعفون إن هجمات المقاومة الفلسطينية أدت إلى مقتل 13 شخصا في إسرائيل.

مساعدات طبية وإغاثية من 3 دول عربية

على صعيد المساعدات الخارجية، استقبل قطاع غزة، خلال الأيام الماضية، شاحنات محملة بالمساعدات مقدمة من ثلاث دول عربية، فيما يترقب وصول مزيد من شاحنات الإغاثة خلال الأيام القادمة، حسب مصدر أمني.

ونقلت الأناضول عن مصدر أمني، تأكيده أن 3 شاحنات كبيرة وطاقم طبي أردني وصلوا، الجمعة، إلى قطاع غزة، وأن الطاقم الطبي الأردني دخل برفقة معدّات وأجهزة وأدوية عبر معبر بيت حانون (إيرز)، شمالي القطاع.

وأشار إلى أن مستشفى ميدانيا أردنيا دخل إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم، المخصص لدخول البضائع، جنوبي غزة.

كما وصلت مساعدات طبية إلى القطاع مقدمة من المملكة المغربية، مساء الأربعاء الماضي، حسب المصدر ذاته، دون تفاصيل أكثر حول هذه المساعدات.

وأشار إلى أن 39 شاحنة محملة بالمواد الغذائية والمحروقات ومواد البناء وصلت، الجمعة، إلى القطاع عبر معبر رفح البري (جنوب) مقدمة من مصر.

ومن المتوقع، وصول شاحنات إضافية من المساعدات المصرية، غدا الأحد.

تحييد قرابة 300 قذيفة إسرائيلية لم تنفجر

وعلى المستوى الأمني، أعلنت الشرطة في قطاع غزة، السبت، أنها حيّدت قرابة 300 قذيفة وصاروخ إسرائيلي سقطت على منازل المواطنين ولم تنفجر، خلال العدوان الأخير.

وقال مدير عام الشرطة، محمود صلاح، إن فرق هندسة المتفجرات ما زالت تواصل عملها في التعامل مع مخلفات القصف الإسرائيلي من قذائف وصواريخ، برغم قلة إمكاناتها الفنية.

وكن صلاح يتحدث في مؤتمر صحفي، من مقر قيادة الشرطة بغزة، الذي تعرض للقصف خلال العدوان الإسرائيلي.

وأضاف صلاح، أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف إرباك الجبهة الداخلية بقصف مقار الشرطة، وثنيها عن تقديم خدماتها، إلا أن أبناء الشرطة لم يتوانوا عن المشاركة في مواجهة الاحتلال.

وأضاف "تدمير المقار الشرطية لن يثنينا عن مواصلة عملنا وتقديم خدماتنا لأبناء شعبنا، وسنبقى الدرع الحامي لهم في كل المحطات وتحت كل الظروف".

وشدّد على أن الشرطة ستشرع بإعادة بناء ما دمره الاحتلال، وستستمر بتقديم خدماتها للمواطنين.

المصدر : الجزيرة + وكالات