مسؤول أميركي سابق: مقتل ديبي يؤثر على السياسات الأمنية في الساحل لسنوات

الرئيس إدريس ديبي قتل في مواجهات مع المتمردين خارج العاصمة (الأوروبية)

اعتبر كاميرون هودسون، الدبلوماسي السابق ومدير الشؤون الأفريقية بمجلس الأمن القومي الأميركي في إدارة الرئيس جورج بوش الابن، أن مقتل الرئيس إدريس ديبي الذي حكم تشاد على امتداد 3 عقود ستكون له تداعيات ملموسة على سياسات فرنسا وبلاده الأمنية في منطقة الساحل لسنوات قادمة.

وذكر هودسون -في مقال تحليلي له بموقع مركز "المجلس الأطلسي" (Atlantic Council) بواشنطن- أن كلا من باريس وواشنطن اللتين تحظيان بعلاقات "قوية" مع ديبي غضتا الطرف طوال عقود عن سجله السيئ في مجال الحقوق الإنسانية والمدنية والسياسية في الداخل بسبب قوته وموثوقيته في قيادة العمليات العسكرية ضد أعداء مشتركين في جميع أنحاء المنطقة.

وقد حكم "صديق الغرب" -كما وصفه الكاتب- بقبضة من حديد بلدا يقع في موقع إستراتيجي بين منطقتي الساحل والقرن الأفريقي، اعتبرته القوى الغربية إلى حد كبير دولة مفصلية لوقف انتشار "الإسلام الراديكالي" والإرهاب القادم من غرب المنطقة وحاجزا منيعا لاحتواء حالة عدم الاستقرار طويلة الأمد التي يشهدها إقليم دارفور السوداني على حدود تشاد الشرقية.

كما أن اشتراك هذا البلد الأفريقي في حدوده الشمالية مع ليبيا جعله جزءا مهما من الإستراتيجيات الإقليمية لاحتواء الارتدادات التي نجمت عن حالة الانهيار السياسي والأمني التي تلت الإطاحة بالدكتاتور الليبي معمر القذافي في أكتوبر/تشرين الأول 2011.

وقد حظي ديبي -الذي تلقى تدريبه في التكتيكات العسكرية والطيران في فرنسا بـ "اعجاب واحترام" القوى الغربية خلال السنوات الأخيرة لدوره في عملية "برخان" التي أطلقت عام 2014 بقيادة فرنسية لمحاربة الجماعات المسلحة بمنطقة الساحل، وقوة "دول الساحل الخمس" أو "جي5" (G5) وهي مهمة أمنية أميركية أوروبية أفريقية منتشرة في المقام الأول في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو بهدف مواجهة التهديد "الإرهابي" هناك.

كما أنه كان نشطًا -يضيف الكاتب- بنفس القدر في نيجيريا المجاورة ضد عناصر جماعة "بوكو حرام" حتى أنه اشتكى في مقابلة له مع صحيفة نيويورك تايمز الأميركية مما سماه "العجز الواضح في التنسيق وعدم وجود عمل مشترك" من قبل الجيش النيجيري في القتال ضد التنظيم.

موجات صدمة

ويرى هودسون أن إسدال الستار على فترة حكم ديبي لتشاد من شأنه أن يرسل موجات صدمة يمتد مداها من البحر الأحمر وصولا إلى المحيط الأطلسي، وسيكون تأثيرها الفوري باديا على الأخص على قوة "جي 5" متعددة الجنسيات التي تعد الولايات المتحدة وفرنسا أبرز مساهميْن فيها.

لكن تصاعد العنف بعد 10 سنوات من العمليات القتالية، وتشكيك الرأي العام في كلا البلدين في أهداف وجدوى نشر قواتهما في مناطق نائية لا يبدو فيها التهديد المباشر لمصالحهما الوطنية واضحا، قد يدفع كلا من باريس وواشنطن لإعادة التفكير مليا في انخراطهما عسكريا بالمنطقة.

وقد بدأ بالفعل كثيرون -يختم الكاتب- ينتقدون المقاربة الأمنية والعسكرية الصرفة بالساحل، ويعلنون صراحة فشلها مؤكدين أن ما تحتاجه المنطقة في واقع الأمر هو المساعدة الإنمائية وتعزيز دور المؤسسات وتوفير الخدمات الأساسية وإشراك المجتمع المدني، وهي أمور كلها -للمفارقة- لم تعرفها تشاد في عهد ديبي.

المصدر : الصحافة الأميركية