هل يفعلها السيسي؟ المعارضة تدعو لاصطفاف وطني لمواجهة سد النهضة

مخاوف بمصر من نقص مياه النيل وفي الخلفية لافتة مؤيدة للرئيس السيسي (الجزيرة نت)

مع تصاعد أزمة سد النهضة الإثيوبي والحديث عن التدخل العسكري المصري، أعلنت قوى المعارضة المصرية استعدادها لدعم خطوات السلطة تجاه حل حاسم للأزمة التي تهدد مستقبل مصر وأمنها القومي.

واعتبر معارضون أن مواجهة سد النهضة هي قضية قومية تتطلب منهم التعالي عن الخلافات السياسية مهما كان حجمها.

وخلال مؤتمر افتراضي عقد الجمعة، دعا اتحاد القوى الوطنية المصرية إلى تنحية الخلاف مع نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي والتحرك سريعًا ضد الملء الثاني لسد النهضة الإثيوبي المرتقب في يوليو/تموز المقبل، مؤكدا في بيان أن "قضية الأمن المائي ليست محلًا للاستقطاب السياسي والاختلاف".

وأكد أيمن نور، رئيس الاتحاد الذي تشكل في فبراير/شباط الماضي ويضم أحزابا وشخصيات وجماعات بينها جماعة الإخوان المسلمين، ضرورة "تبني كل الخيارات بما فيها الخيار العسكري والذهاب لمجلس الأمن الدولي".

من جانبه، قال مدحت الحداد، عضو شورى جماعة الإخوان، إن "قضيتنا حياة أو موت، إنها حرب مياه من إثيوبيا ضد مصر والسودان (…) وأعمق وأشمل من مجرد خلاف بيننا وبين النظام (بمصر).

وعلى مدى الأيام الماضية، صدرت دعوات مماثلة بشكل فردي من العديد من الشخصيات المحسوبة على المعارضة المصرية، دون أن يصدر أي رد فعل عن السلطة التي اعتادت في السابق أن تتجاهل مثل هذه الدعوات.

وأعاد البعض التذكير بما دعا إليه الرئيس الراحل محمد مرسي إلى الاصطفاف الوطني لمواجهة أزمة سد النهضة، وذلك في الثالث من يونيو/حزيران 2013، أي قبل عزله بشهر كامل في انقلاب عسكري قاده الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي عندما كان وزيرا للدفاع.

ولم تجد دعوة مرسي وقتها صدى بين الأحزاب التي اجتمع بها وقتها، إذ انخرط معظمها فيما يسمى بجبهة الإنقاذ التي دعت لعزل الرئيس المنتخب بواسطة الجيش، وهو ما تحقق بالفعل في الثالث من يوليو/تموز 2013 بقيادة السيسي.

استعداد للفداء

في هذا الإطار، طالب رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات بضرورة البدء في الاصطفاف الوطني خلف السيسي فيما يخص أزمة ملف سد النهضة الإثيوبي، مؤكدا في بيان أن "على كل مصري في الداخل والخارج أن يؤدي دوره ويثبت مصريته ووطنيته وحرصه وخوفه على وطنه، لا مجال إلا للاصطفاف والتكاتف والاتحاد، فمياهنا حياتنا".

وفي وقت سابق، دعا وزير مجلسي الشعب والشورى الأسبق محمد محسوب هو الآخر إلى توحيد الصف واستجماع أسباب القوة، وذلك عبر حسابه على موقع فيسبوك.

بدوره، قال الكاتب الصحفي المعارض بالخارج وائل قنديل في منشور على تويتر "لو دخل الجيش المصري في حرب مع إثيوبيا دفاعا عن النيل، فنحن وما نملك تحت تصرف المحاربين، إن حاربوا".

كما دعت الكاتبة الصحفية مي عزام إلى فتح وسائل الإعلام أمام المعارضين لعرض رأيهم في التعامل مع الأزمة التي تمس حياة كل المصريين.

 

من ناحية أخرى، جرى تداول منشور بصيغة واحدة على مجموعات مؤيدة للسلطة على فيسبوك، مفاده أن مصر لا يمكن أن تذهب لمواجهة حاسمة لقضية سد النهضة إلا بعد تطهير الجبهة الداخلية من الخونة، في إشارة للمعارضين على ما يبدو.

المعارضة تبادر

في هذا السياق، يؤكد الكاتب الصحفي قطب العربي أن الدعوة لعمل عسكري يوقف بناء سد النهضة وإجبار إثيوبيا على تفاوض جدي يحفظ لمصر حقوقها، كان رأيا مبكرا من المعارضة استنادا لقراءتها الأمنية للوضع السياسي، حيث أدركت مبكرا أن النظام الإثيوبي مستمر في خطته لبناء السد ومن ثم ملئه وتشغيله، بشكل منفرد ودون أي اتفاق مع الجانب المصري والسوداني.

ومضى العربي في حديثه للجزيرة نت بالقول إن يقين المعارضة بهذا الحل زاد مع توقيع السيسي لاتفاق إعلان المبادئ في مارس/آذار 2015، وهو الإعلان الذي منح إثيوبيا الحق في بناء السد دون أن يحفظ لمصر حقوقها التاريخية في حصص المياه، وقد كان ذلك الاتفاق ثمنا لعودة السيسي للاتحاد الأفريقي بدعم إثيوبي.

ولفت إلى أنه حين دعت المعارضة لهذا الخيار العسكري واجهت حملة تندر وسخرية من أذرع السيسي السياسية والإعلامية باعتبار أن الحرب ليست مطروحة بالمرة، وأنها دمار شامل، وتهكمت تلك الأذرع من اللقاء الذي عقده الرئيس الراحل محمد مرسي لقادة القوى الوطنية في قصر الرئاسة والذي تضمن تلويحا بالحرب، وبالتالي فعندما اقتنع النظام بضرورة العمل العسكري ولو ظاهريا، لم يكن أمام المعارضة سوى إعلان تأييد هذه الخطوة، خاصة أنها هي من بدأت بطرحها في إطار مسؤوليتها الوطنية تجاه النيل.

وأكد المتحدث أن مواقف المعارضين بإبداء الاستعداد للاصطفاف الوطني لمواجهة أزمة سد النهضة هي مواقف حقيقية، على عكس الموقف الرسمي الذي يبدو أنه مجرد مناورة لم تنطل على الإثيوبيين الذين يثقون أنها تهديدات جوفاء، ولذلك فإنها لم تردعهم عن المضي قدما في خططهم.

ورأى قطب العربي أن الخطوة الحقيقية لتأكيد جدية السيسي في عمل عسكري -صغيرا كان أو كبيرا- هي توحيد الجبهة الداخلية أولا فهكذا تفعل الدول عندما تستعد لحروب، وهكذا فعلت مصر نفسها قبل حرب أكتوبر 1973، أما عدم اكتراث السلطة بذلك فهذا يعني أنها "غير جادة" في التلويح بالحرب، وأنها تتصور أنها بهذه التلويح "الأجوف" فإنها قد تخيف إثيوبيا أو تدفع أطرافا إقليمية ودولية للضغط عليها وإجبارها على احترام الحقوق المصرية.

وختم العربي بالتعبير عن اعتقاده بأن السلطة تخشى من مسألة توحيد الجبهة الداخلية وتراه خطرا على مستقبلها السياسي فهي "سلطة اعتاشت على الانقسام المجتمعي الذي صنعته ورعته، وبالتالي فهي تناهض أي دعوة لتوحيد الجبهة الداخلية وإجراء مصالحة مجتمعية وطنية شاملة".

في المقابل، رأى معارضون أن إبداء شخصيات محسوبة على المعارضة استعدادهم للاصطفاف، لا معنى له في ظل سلطة لا ترحب بهم.

وقال مغردون إن المعارضة تقدم هدايا مجانية للنظام الذي لا يعترف بها ولا يهتم بالرأي العام.

ورفض بعضهم شعارات مثل لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، مشيرين إلى أنها تستخدم للتغطية على أخطاء السلطة وإبعاد المسؤولية عنها، مثلما حدث في نكسة عام 1967.

وتعجب نشطاء من حديث بعض مؤيدي النظام عن المعارضة حاليا، في حين كانوا يهاجمونها في السابق ويتهمونها بالخيانة.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي