نيويورك تايمز: هل تستطيع ليبيا أن تعود موحدة كما كانت؟.. هناك بصيص أمل

Libya Marks 10th Anniversary Of Arab Spring Uprising
الصحيفة: الليبيون سئموا الحرب والتدمير ونهج اللصوصية الذي ابتليت به بلادهم (غيتي)

قالت صحيفة نيويورك تايمز (The New York Times) إن قلة من الدول فقط تجسد مأساة الربيع العربي كما تجسدها ليبيا التي عاشت بعد سقوط نظام معمر القذافي الذي طال 42 عاما على وقع الفوضى بسبب تنافس الحكومات المتصارعة والمليشيات والقوى الأجنبية من أجل السيطرة على ثروات هذا البلد الغني بالنفط.

وأكدت الصحيفة -في افتتاحيتها– أنه حتى الولايات المتحدة والحلفاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذين دعموا الانتفاضة الشعبية ضد القذافي، من خلال حملات قصف استهدفت قواته، أداروا ظهورهم إلى ليبيا بعد سقوط نظامه، كما انهارت جهود الأمم المتحدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية مدخلة البلاد في فوضى عارمة.

لكن وعلى عكس كل التوقعات -تضيف الصحيفة- فإن لدى الليبيين الآن فرصة للخروج من هذا المشهد القاتم، حيث يستمر ما يبدو وكأنه وقف لإطلاق النار منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كما تمكن منتدى موسع للحوار السياسي بين الليبيين، عقد بإشراف أممي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بجنيف، من تعيين رئيس وزراء ومجلس رئاسي من 3 أعضاء كلفوا بقيادة البلاد حتى تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية في ديسمبر/كانون الأول المقبل.

بيد أن فرص نجاح الليبيين في الوصول إلى السلام المنشود مرتبطة بشكل وثيق -وفق الصحيفة- بإقناع الأطراف الخارجية التي أغرقت البلاد بالأسلحة والطائرات المسيرة والمرتزقة، وفي طليعتها كل من روسيا والإمارات، بالسماح للمسار السياسي بأن يأخذ مجراه.

مسؤولية أميركية

ورغم أن الولايات المتحدة لم تشارك بشكل مباشر في "سباق التسلح غير المشروع" الدائر على الأرض الليبية بين القوى الداعمة لطرفي الصراع (حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في الغرب ومعسكر اللواء المتقاعد خليفة حفتر في الشرق) فإنها تتحمل مسؤولية الفوضى الحاصلة بسبب انسحابها من الساحة الليبية بعد وقت قصير فقط من الإطاحة بالقذافي وقتله.

وكان الرئيس السابق باراك أوباما قد صرح -خلال إحدى المقابلات- بعد أيام من مغادرته منصبه أن الفشل في التخطيط لفترة ما بعد القذافي كان "أسوأ خطأ" اقترفه خلال فترته الرئاسية.

على صعيد آخر، تؤكد الصحيفة أن المسار السياسي وخيار السلام هما أفضل فرصة لليبيين لإعادة توحدهم، بعد أن سئموا الحرب والتدمير ونهج اللصوصية الذي ابتليت به ليبيا لعقد من الزمان، وتعبوا من تدخل الأطراف الخارجية والمرتزقة الذين زرعوا الموت في كل مكان، والذين تقدر الأمم المتحدة أعدادهم بحوالي 20 ألف عنصر في عموم البلاد.

وترى أن نهم القوى الأجنبية بالنفوذ والمواردَ الهائلة التي استثمرتها في ليبيا يجعلانها بلا شك مستعدة لمواصلة تدخلها بالشأن الليبي في حال انهار المسار السياسي، وإن كانت هذه القوى جميعها تقدر أنها حاربت ثم وصلت وعملاؤها إلى "نقطة النهاية" وأن العودة مجددا إلى دوامة الحرب الصفرية خيار غير مجدٍ لأي طرف.

FILE PHOTO: Overview of the first day of the Libyan Political Dialogue Forum at an undisclosed location, Switzerland, February 1, 2021. Violaine Martin/U.N. Photo/Handout via REUTERS THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY. NO RESALES. NO ARCHIVES/File Photo
جلسات الحوار الليبي بجنيف أفضت إلى اختيار قيادة مؤقتة لإدارة المرحلة المقبلة (رويترز)

تصحيح الخطأ

وتمثل القيادة الليبية المؤقتة -تضيف الصحيفة- قطاعا عريضا من المجموعات المتباينة المصالح في جميع أنحاء البلاد، كما أن رئيس الوزراء المؤقت عبد الحميد الدبيبة برغم كل ما قيل أو يقال عنه فإنه رجل أعمال ليس له ولاء صريح لأي من الخصوم الحاليين، وستكون مهمته فقط التحضير للانتخابات في ديسمبر/كانون الأول المقبل والتي لا يستطيع هو وأعضاء الفريق الرئاسي الترشح إليها.

وتختم الصحيفة بأن تحقيق السلام في ليبيا أمر مهم لأسباب تتجاوز نطاق البلد بالنظر لكونه دولة تمتلك احتياطات ضخمة من النفط، ولأن فوضى العقد الماضي حولته إلى نقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين غير النظاميين القادمين من عمق الصحراء الأفريقية الساعين لبلوغ أوروبا عبر المتوسط.

والإدارة الأميركية الحالية بقيادة الرئيس جو بايدن في وضع يسمح لها بتصحيح "خطأ" الرئيس أوباما من خلال تقديم دعم كامل ونشط وفوري لجهود الأمم المتحدة، خاصة وأن الدبلوماسية الأميركية المخضرمة ستيفاني توركو وليامز هي المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا، والتي ينسب إليها الفضل في هندسة السلام الحالية.

المصدر : نيويورك تايمز