غزة.. آلية جديدة لأونروا تفاقم معاناة مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين
أثار قرار "أونروا" إلغاء "الكابونة الصفراء" المخصصة للاجئين الأشد فقرا الذين يتلقون مساعدات مضاعفة بالقطاع غضبا عارما وسط تهديدات من لجان ممثلة للاجئين بالتصعيد المتدرج.
يتملك "أم فرج" القلق خشية على أسرتها المكونة من 9 أفراد عقب قرار وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تقليص مساعدات إغاثية تتلقاها الأسرة منذ 10 أعوام، وتعتبر مصدر معيشتها الرئيسي.
وعلى مدار السنوات الماضية كانت أسرة نهاد أبو سعد (55 عاماً) وتكنى بـ "أم فرج" مصنفة بحسب سجلات أونروا ضمن فئة الأشد فقراً الذين يتلقون مساعدات مضاعفة أو ما تعرف بـ "الكابونة الصفراء".
اقرأ أيضا
list of 4 itemsمطالبة برلمانات العالم بمنع تصفية مؤسسات الأونروا بالقدس
فلسطين 2021 أيضا.. بيتٌ ممزق على فُتات الجغرافيا
غزة المحاصرة تواجه كورونا بأدوات بدائية
وتقول أبو سعد للجزيرة نت "نتلقى كوبون مساعدات كل 3 شهور، ورغم أنها لا تكفي لشهر واحد، فإنها تسد جزءاً مهماً من احتياجاتنا".
تقليص المساعدات
وثار غضب عارم لقرار "أونروا" إلغاء "الكابونة" الصفراء التي يستفيد منها 770 ألف لاجئ فلسطيني في قطاع غزة الذي يقطنه مليونا إنسان غالبيتهم من اللاجئين، وسط تهديدات من لجان ممثلة للاجئين بالتصعيد المتدرج.
وأعلنت "أونروا" في العشرين من الشهر الجاري إلغاء "الكابونة الصفراء السلة الغذائية المضاعفة" التي كانت تصرف للأسر الأشد فقراً، والبدء في تطبيق نظام السلة الغذائية الموحدة لجميع اللاجئين المستفيدين.
ووصفت أبو سعد القرار بأنه "ظالم ولا يراعي الفوارق المعيشية" وتساءلت بحرقة "ما كنا قادرين نعيش بمساعدات كاملة، فكيف سيكون حالنا بعد قرار التخفيض".
ووفق النظام الجديد للوكالة ستفقد أسرة أبو سعد وآلاف اللاجئين حوالي نصف كمية المساعدات، باعتماد "الكابونة البيضاء" لجميع المستفيدين، بعدما كانت لسنوات مخصصة لفئة الفقر المطلق.
وتدعم أم سعد الفعاليات الاحتجاجية ضد قرار "أونروا" لكنها لم تتمكن من المشاركة فيها لعدم امتلاكها ثمن المواصلات من منزلها في منطقة الزوايدة إلى مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع (حوالي دولار واحد).
غضب وتصعيد
وتهدد اللجان المساندة للاجئين في غزة بتصعيد فعالياتها، إثر فشل اجتماعات، عقدتها مع مدير عمليات "أونروا" ماتياس شمالي، في التوصل إلى اتفاق.
وتبادل الطرفان خلال الساعات القليلة الماضية رسائل مكتوبة، يبدو أنها تدفع باتجاه تصاعد الأزمة.
وقال عضو لجنة القوى الوطنية والإسلامية ماهر مزهر "ما لم تتراجع أونروا عن قرارها فسنكون أمام تصعيد متدرج في الاحتجاجات، تبدأ بإغلاق جزئي لمراكزها مرورا بالإغلاق الكلي، وتنظيم مسيرات حاشدة".
وترفض لجنة القوى واللجان المساندة للاجئين مبررات "أونروا" وربطها القرار بالأزمة المالية.
وعاد مزهر مؤكدا للجزيرة نت أن "جوهر القرار سياسي".
غير أن المستشار الإعلامي للوكالة عدنان أبو حسنة أكد للجزيرة نت أنه لا يوجد بعد سياسي للقرار وإنما "وجدت أونروا في نظام السلة الغذائية الموحدة أنه أكثر شفافية وعدلاً".
وقال أيضا "غالبية سكان غزة أصبحت تحت خط الفقر، والجميع ينتظر أن تساعده أونروا".
وبحسب أبو حسنة فإن "أونروا" لم تخفض موازنة هذه المساعدات واشترت (مواد) للعام الجاري بذات قيمة العام الماضي والمقدرة بـ 80 مليون دولار. علماً بأن عدد المستفيدين من النظام القديم يبلغ مليوناً و140 ألف لاجئ، وسيرتفع العدد مع النظام الجديد إلى مليون و200 ألف.
لكن مزهر وصف النظام الجديد بأنه "جريمة بحق اللاجئين، وسيلحق الضرر البالغ بأكثر من 770 ألف لاجئ من المصنفين تحت خط الفقر المدقع".
وقال إنه لو كان توجه "أونروا" ونواياها صادقة وإيجابية لكانت وحدت "السلة الغذائية" على قيمة الكابونة الصفراء المضاعفة وليس على قيمة الكابونة البيضاء الأقل نوعية وكمية.
وبحسب ما رصدته مؤسسات مختصة بقضية اللاجئين فإن قيمة المساعدات التي ستقدمها "أونروا" للاجئين في غزة سنوياً وفق النظام الجديد ستنخفض من 95 مليون دولار سنوياً إلى 72 مليوناً.
تصفية قضية اللاجئين
بدوره، اتهم رامي المدهون مسؤول ملف "أونروا" في دائرة شؤون اللاجئين التابعة لمنظمة التحرير الوكالةَ الأممية بمحاولة "علاج أزمتها المالية على حساب اللاجئين".
وقال المدهون للجزيرة نت "أونروا مستهدفة ويجري تصفية برامجها بالتدريج في ظل تفاقم الحالة الإنسانية للاجئين في غزة".
وأضاف أن 68% من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ويعتمد حوالي مليون و100 ألف في معيشتهم على المساعدات الإغاثية المقدمة من "أونروا" بعدما ازدادت أوضاعهم سوءا جراء الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ 14 عاماً.
وقال أيضا "ليس من العدالة أن تأخذ أونروا من نصيب من هم أشد فقراً لتمنحه إلى فقراء جدد، وإنما عليها إيجاد تمويل إضافي لبرامجها ومعالجة أزمتها بعيداً عن قوت اللاجئين والخدمات المقدمة لهم".
وقد تأسست "أونروا" العام 1949 بموجب قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وهي تقدم خدمات في قطاعات مختلفة لنحو 5.6 ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين لديها في أقاليم عملياتها الخمسة: الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة.