قبل بدء محاكمة ترامب بمجلس الشيوخ.. كيف تبدو احتمالات تبرئته أو إدانته؟

U.S. President Trump hosts workforce advisory board meeting at the White House in Washington
دونالد ترامب يواجه محاكمة في مجلس الشيوخ بهدف عزله بعد انتهاء مدة حكمه (رويترز)

يترقب الشعب الأميركي والعالم المحاكمة الثانية للرئيس السابق دونالد ترامب، التي تبدأ إجراءاتها الرسمية اليوم الثلاثاء أمام مجلس الشيوخ الأميركي.

وقد جادل خبراء بالدستور الأميركي بشأن شرعية محاكمة رئيس سابق بهدف العزل بعد انتهاء مدة حكمه، في حين رأى فريق آخر أنه يجب الاستمرار في المحاكمة على الرغم من عدم وجود سوابق تاريخية لمحاكمة رئيس بعد خروجه من البيت الأبيض.

وأكد ميت رومني السيناتور الجمهوري من ولاية يوتا -وهو أحد أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الخمسة الذين صوّتوا لمصلحة المحاكمة- أن "واضعي الدستور لم يكونوا ليحرموا الكونغرس من اللجوء إلى اتخاذ إجراءات ضد رئيس يرتكب أعمالا إجرامية في الأيام الأخيرة من ولايته".

ولإدانة الرئيس السابق -التي تعني منعه من دخول السباق الرئاسي الانتخابي في المستقبل- يحتاج الديمقراطيون إلى أغلبية ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ الـ100، وإضافة إلى أعضائهم الـ50 تلزمهم أصوات 17 سيناتورا جمهوريا، وهذا من الصعب إن لم يكن من المستحيل تصوّره.

Article of impeachment against former president Trump delivered to Senate
أعضاء مجلس الشيوخ سيقررون بشأن إدانة ترامب بتهمة التحريض في ما يتعلق باقتحام مبنى الكونغرس (رويترز)

انقسام الأميركيين سيد الموقف
وبصورة واضحة ينقسم موقف الشعب الأميركي تجاه المحاكمة وإدانة ترامب أو تبرئته بناء على الانتماء الحزبي.

وأشار استطلاع للرأي -أجرته جامعة كوينيبياك (Quinnipiac University) في الفترة من 28 يناير/كانون الثاني الماضي وحتى الأول من فبراير/شباط الحالي وشارك فيه 1075 مواطنا أميركيا- إلى انقسام كبير في آراء الأميركيين تجاه محاكمة الرئيس ترامب الثانية أمام مجلس الشيوخ.

وعبّر 50% من المستطلعين عن ضرورة إدانة مجلس الشيوخ الرئيس ترامب، في حين عبر 45% عن دعمهم تبرئته، و5% لم يجيبوا. واختلفت هذه النسبة مقارنة باستطلاع للجامعة أجري بين 15 و17 يناير/كانون الثاني الماضي حين عبر 54% من الأميركيين عن ضرورة إدانة ترامب، في حين رفض 42% الإدانة، ولم يرد 4%.

وحدة الجمهوريين
وفي حوار مع شبكة "فوكس" (Fox) الإخبارية أكدت رئيسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري -رونا ماكدانيال- أن "الرئيس ترامب لا يزال يمتلك أكبر شعبية بين زعماء الحزب الجمهوري، فقد صوت له أكثر من 74 مليون ناخب، كما ارتفعت نسب تصويت كل الأقليات للحزب الجمهوري بصورة لم يشهدها الحزب منذ 60 عاما".

وفي الوقت ذاته أشار موقع "مورنينغ كونسلت" (Morning Consult poll) للاستطلاعات إلى أن 81% من الجمهوريين ينظرون بصورة إيجابية إلى الرئيس السابق دونالد ترامب طبقا لاستطلاع أجراه الموقع بين 23 و25 يناير/كانون الثاني الماضي، كما رأى أكثر من نصف الجمهوريين أنه ينبغي أن يكون لترامب دور كبير ومؤثر في مستقبل الحزب الجمهوري.

وأظهرت نتائج التصويت على إدانة ترامب في مجلس النواب دعما جمهوريا كبيرا للرئيس السابق، فقد اختار 95% من الأعضاء الجمهوريين التصويت ضد قرار الإدانة، في حين وافق فقط 10 أعضاء (5%) على التصويت لمصلحة الإدانة.

كما عبر 45 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الـ50 عن تأييدهم مشروع قرار تقدم به السيناتور راند بول يعدّ المحاكمة غير دستورية في جوهرها، ولم يرفض المقترح إلا 5 أعضاء جمهوريين فقط.

وجاء قرار الجمهوريين بحماية الرئيس السابق ترامب محبطا لكثيرين، لكنه منطقي من وجهة نظر بعضهم لأن ترامب هدد بتأسيس حزب جديد، وأشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" (The Wall Street Journal) إلى أن 64% من الجمهوريين عبّروا عن استعدادهم للانضمام إلى أي حزب جديد يؤسسه الرئيس السابق.

وهذا ليس المؤشر الوحيد على أن ترامب يحظى بشعبية لدى الناخبين الجمهوريين، بعد تراجع قصير في النسب عقب اقتحام مبنى الكابيتول، فقد عاقب الحزب الجمهوري في ولاية أريزونا رسميا اثنين من أهم أعضائه التاريخيين -وهما السيناتور السابق جيف فليك، وسيندي ماكين ابنة السيناتور الرحل جون ماكين- بعد أن أيّد كلاهما جو بايدن.

علانية المحاكمة في مصلحة ترامب
وأظهرت تطورات الجدل الأسبوع الماضي استمرار تمتع ترامب بسطوة كبيرة على أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب من الجمهوريين.

واستطاعت النائبة ليز تشيني الاحتفاظ بمنصبها رئيسة لمؤتمر الجمهوريين في مجلس النواب أثناء اقتراع سرّي على تنحيتها من منصبها بسبب تصويتها لمصلحة عزل الرئيس السابق دونالد ترامب من منصبه، ورأى خبراء أن سرية الاقتراع هي سبب نجاة تشيني واحتفاظها بمنصبها.

وجاءت نتيجة التصويت بين أعضاء مجلس النواب الجمهوريين، بواقع 145 مقابل 61 صوتا لمصلحة إبقاء تشيني في منصبها القيادي.

وكانت تشيني من بين الجمهوريين العشرة في مجلس النواب الذين صوّتوا لمصلحة إدانة ترامب في المجلس.
في الوقت ذاته انضمّ 11 نائبا جمهوريا فقط إلى الأغلبية الديمقراطية في إدانة النائبة مارجوري تايلور غرين التي تؤيد نظريات المؤامرة وترى أن ترامب فاز بالانتخابات وتروّج لحركة "كيو أنون" اليمينية المتطرفة.
ودفع ذلك بآيان بريمر رئيس مؤسسة أوراسيا للاستشارات السياسية لنشر تغريدة مبرزا "عامل أهمية العلنية والسريّة في تصويت الجمهوريين الذين يفزعهم غضب ترامب وقاعدته الشعبية الجمهورية الصلبة على مستقبلهم السياسي". وقال بريمر إن "عدد الجمهوريون المصوتين في مجلس النواب (علنا) لعزل ترامب: 10، وعددهم في التصويت (سرا) لإنقاذ ليز تشيني: 145، وعددهم في التصويت (علنا) لإقالة مارجوري غرين من اللجان: 11، أيكشف ذلك عن نمط ما؟".

ماذا تعني براءة ترامب؟
يتخوف كثير من المراقبين من تبعات "تبرئة ترامب" على التخفيف من وطأة وخطورة أحداث السادس من يناير/كانون الثاني الماضي.

وعبّر المسؤول السابق بوزارة الخارجية، ديفيد آرون ميلر، المعادي لترامب، عن عدم اقتناعه الكامل بجدوى المحاكمة، وغرد يقول إن "الأمر لا يهم الآن، لكنني أتأرجح بين إيجابيات وسلبيات محاكمة مجلس الشيوخ لترامب، ما فعله ترامب كان أسوأ تجاوز ضد الجمهورية من أي رئيس، لذا فإن المحاكمة ضرورية لإظهار أنه لا يوجد رئيس فوق القانون، لكن إثبات براءته قد لا تخدم هذا الهدف".

في حين غرد المعلق الجمهوري الشهير بيل كريستول داعما محاكمة ترامب، واستشهد بالمذكرة القانونية المقدمة من فريق الادعاء، وقال كريستول إن "جزءا رئيسا من المذكرة القانونية المقدمة إلى مجلس النواب وصفت ترامب بأنه أعطى نائبه بنس أمرًا غير قانوني (رفض التصديق على نتائج الانتخابات)، وبعد أن رفض بنس اتباع هذا الأمر وأعلن أنه سيؤدي واجبه الدستوري، بدأ ترامب بتوجيه غضب الغوغاء على نائبه".

ولم يمنع ذلك من أن تستكشف مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بقيادة السيناتورة سوزان كولينز من ولاية ماين والسيناتور الديمقراطي تيم كاين من ولاية فرجينيا، إمكانية الاتفاق على قرار آخر بعد انتهاء المحاكمة في شكل اقتراح بتوجيه اللوم لترامب، وهذا يحتاج إلى أغلبية بسيطة فقط لتمريره بحيث يمكن أن يحظر على ترامب العمل السياسي المستقبلي استنادا إلى التعديل الدستوري رقم 14.

المصدر : الجزيرة