اعتقالات متكررة لقيادات حماس بالضفة.. هكذا تتدخل إسرائيل في الانتخابات الفلسطينية

إسرائيل اعتقلت خلال الأيام القليلة الماضية 7 من قيادات وكوادر حماس بالضفة الغربية، في خطوة وصفها قيادي بالحركة برسالة تحذيرية من الاحتلال لحماس من خوض أي انتخابات بالضفة وضمن أي قوائم

عاطف دغلس-الشيخ عدنان عصفور بين افراد عائلته بعد تحرره من سجون الاحتلال في اعتقال سابق- الجزيرة نت8-الصورة من عائلة الشيخ عصفور للجزيرة نت- ارشيف (1)
عدنان منصور بين أفراد عائلته بعد تحرره من سجون الاحتلال في وقت سابق (الجزيرة نت)

لم يكد يمضي أسبوع على اعتقال الاحتلال الإسرائيلي للقيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عدنان عصفور ليقوم بتحويله للحبس الإداري لـ6 أشهر، أي أن ملف الاتهام "سري" وجاهز، كما وصفه ناشطون.

لم تستغرب عائلة عصفور "سرعة الحكم أو نوعه"، فهي تدرك سلفا "أن اعتقاله احترازي ومتوقع منذ أعلنت حماس نيتها المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة في 22 مايو/أيار، فالاحتلال كعادته يستبق ذلك باعتقالات تستهدف كوادر الحركة وقياداتها في الضفة الغربية لمنع مشاركتهم بها".

وأسقطت إسرائيل تهديداتها واقعا بعدما اعتقلت خلال الأسبوعين الماضيين 7 من قيادات الحركة والعشرات من كوادرها واستدعت العديد للتحقيق وحذرتهم من الانخراط في الانتخابات بأي شكل.

جرى ذلك مع الشيخ نايف الرجوب القيادي بحماس بعد اقتحام جنود الاحتلال لمنزله في محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية أمس الثلاثاء وإخطاره وتحت طائلة المسؤولية بعدم "الترشح للانتخابات" في أي قائمة حتى لو كانت لعائلته أو ضمن قوائم حركة فتح، وقال "هذه رسالة الاحتلال لي ولمن يحمل فكري وأيديولوجيتي".

عاطف دغلس-القيادي بحماس مصطفى الشنار الذي اعتقتله إسرائيل قبل أيام من منزله بنابلس- الضفة الغربية- نابلس- الجزيرة نت1
القيادي بحماس مصطفى الشنار الذي اعتقلته إسرائيل قبل أيام من منزله بنابلس (الجزيرة نت)

المنع المطلق

هذه الرسائل يعزوها رئيس المجلس التشريعي السابق د.عزيز الدويك إلى "قرار" يجمع عليه أطراف عديدة "فلسطينية وعربية ودولية"، لعدم خوض حماس في الضفة الغربية أية انتخابات وضمن أي قوائم.

وقال الدويك في حديثه للجزيرة نت إن إسرائيل تدرك حقيقة توجه الشارع الفلسطيني وإن الحركة الإسلامية ستفوز بالانتخابات، وأضاف أن إعاقتها لها "خطير للغاية" لمخالفة ذلك ادعاءها الديمقراطية.

واستطرد بأن على الجميع أن يقرأ الرسالة بوضوح بأنه "لن يسمح للإسلاميين وتحت أي ظرف أن يكونوا جزءا من العملية الانتخابية".

واعتقلت إسرائيل خلال الأيام القليلة الماضية كلا من مصطفى الشنار وعدنان عصفور وياسر منصور وخالد الحاج، وكذلك عبدالباسط الحاج وعمر الحنبلي وفازع صوافطة.

واتفق وصفي قبها القيادي في حماس مع ما ذهب إليه الدويك، واعتبر أن "الاعتقالات لغم يعترض العملية الانتخابية عبر تفريغ الساحة الفلسطينية من كل الشخصيات المؤثرة وذات الكاريزما والتي تحظى بالحضور الشعبي والإجماع الوطني، ويخطئ من يظن غير ذلك".

واستغرب قبها في حديثه للجزيرة نت "صمت السلطة الفلسطينية وعدم استنكارها لاستهداف إسرائيل لمُكون أساسي من مكونات الشعب الفلسطيني"، ودعا ما سمّاه الأطراف الضامنة للانتخابات من العرب والغرب للضغط على إسرائيل ولجمها عن التدخل في العملية الانتخابية.

قيادات من حماس يعتصمون وسط نابلس (الجزيرة نت)

مستمرة.. رغم المؤامرة

وقال إن هناك "مؤامرة" وقرارا دوليا وأميركيا وإسرائيليا بعدم السماح لحماس بخوض هذه الانتخابات وإن الاحتلال أبلغ قياداتها بذلك علنا، وأضاف "الجميع يضغط على حماس".

وأسِف قبها لكون "مخرجات القاهرة" في إشارة للقاء الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية مطلع الشهر الجاري بالعاصمة المصرية "لم تحصن" العملية الانتخابية، وقال إن كل من يترشح أو يفوز معرض للاعتقال.

ورأى القيادي الحمساوي أن الحل يكون "بمرسوم رئاسي" يُبقي صوت من يفوز بالانتخابات حاضرا سواء بالإنابة أو بتفويض كتلة تمثله في البرلمان.

وأضاف أن هذا المرسوم -وبعد أخذ ورد- تنازلت عنه حماس ووثقت فيمن تثق فيهم، وقالت إنها ترحب بالمجلس التشريعي المقبل.

لكن الفرصة لا تزال تسمح لتدارك هذه النقطة كما يقول قبها، ودعا الفصائل في اجتماعها المقرر بالقاهرة في مارس/آذار المقبل للمطالبة بإصدار مرسوم يحول دون غياب صوت من يُنتخب وإن اعتقله الاحتلال، وبأن يبقى حاضرا داخل السجن أو خارجه لسحب الذرائع من تحت أقدام إسرائيل.

ورغم الاستهداف الإسرائيلي "المزعج والمقلق"، فإنه لن يثني حماس عن مشاركتها في الانتخابات برأي قبها، كونها أعلنت ذلك، لكن ترك الباب مواربا أمام الزمن بقوله إن هناك أكثر من شهرين على موعد الاقتراع "وما يحصل خلالها كثير لأن الساحة الفلسطينية متقلبة ومتغيرة".

عاطف دغلس-القيادي بحماس الشيخ ياسر منصور الذي اعتقتله إسرائيل قبل أيام من منزله بنابلس- الضفة الغربية- نابلس- الجزيرة نت2
القيادي بحماس ياسر منصور الذي اعتقلته إسرائيل قبل أيام من منزله بنابلس (الجزيرة نت)

توقع وتحضير

ولم يغب عن بال قيادات حماس وكوادرها وعبر صفحاتهم على مواقع التواصل ولو من باب التندر والفكاهة، توقع ما سيحل بهم من اعتقال وملاحقة إسرائيلية فور إعلان مشاركة حركتهم في الانتخابات، فكتب بعضهم يقول "اللقاء في المعبار" (سجن الترحيلات)، وقال آخرون "هذا العام سنقضي العيد ورمضان في سجون عوفر ومجدو".

ووصل ببعضهم تحضير أنفسهم للاعتقال كما حدث مع القيادي في حماس فازع صوافطة من مدينة طوباس والذي ظهر بمقطع فيديو وهو يحمل حقيبة ملابسه خلال اعتقاله فجر أمس الثلاثاء.

وهذا أمر بدهي حسب فؤاد الخفش الباحث الحقوقي والخبير بشؤون الأسرى، فإسرائيل اعتقلت قبيل الانتخابات التشريعية عام 2006 أكثر من 560 قياديا وكادرا من حماس.

ويتفق الخفش في حديثه للجزيرة نت مع سابقيه من المتحدثين في أن إسرائيل تسعى لإفراغ الساحة من "المؤثرين" في سير هذه الانتخابات لقلب الأمور وحصر خيار حماس فيمن تبقى.

واتفق أيضا في أن حماس ذاهبة للانتخابات ولن تكترث بالاعتقالات "لأن أغلب مرشحيها من غزة".

ولا يصب اعتقال قيادات حماس لصالح طرف فلسطيني على حساب آخر، فهو وفق الخفش ضد الانتخابات بشكل عام ويستهدف حماس بشكل خاص ويسعى لعدم عودتها للعمل.

الكل بمأزق

وفي تحليله، يتقارب أيضا أيمن يوسف المحلل السياسي مع الخفش في أن الاحتلال جاء "لإفشال" الجهود الفلسطينية لإنجاح الانتخابات.

وقال إنه ورغم ذلك لن يؤثر إجراء الاحتلال سلبا خاصة أن لدى حماس وفتح رغبة بالذهاب باتجاه الانتخابات لكونهما تعيشان مأزقا واستجابة لرغبة دولية أيضا، وأضاف أن حماس قد ترشح أناسا خارج دائرتها الحزبية أو "قائمة ظل".

محمد اشتية قال إن القرار يشجع على ملاحقة المستوطنين من جنسيات أوروبية
محمد اشتية: لا يوجد لدينا معتقلون سياسيون ولدى حماس بغزة أكثر من 80 معتقلا سياسيا (الجزيرة)

تلاسن مستمر

ورغم عزم الفصيلين الرئيسين حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحركة حماس خوض هذه الانتخابات وتهيئة كل الظروف التي تنجحها ولا سيما بإصدار الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوم الحريات قبل أيام، فإن الملاسنة بين الطرفين لم تتوقف.

وتجلى ذلك في ما أعلنه رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية بقوله إنه لا يوجد لديهم معتقلون سياسيون وأن لدى حماس بغزة أكثر من 80 معتقلا سياسيا، وهو ما نفته الأخيرة وقالت إن "الموقوفين أو المحكومين لديها على قضايا جنائية أو أمنية تتعلق بالإضرار بالمقاومة".

ويرى أيمن يوسف أن الطرفين -حماس وفتح- متحفظان على هذه القضية "الشائكة والمعقدة"، إرضاء لمنظمة الأمن لديهما، وهو ما يخفي "نوايا سيئة" عندهما خاصة أن هناك "مفشلين" لأي تفاهم بين الجانبين.

المصدر : الجزيرة