أنباء عن زيارة البرهان القاهرة ليلة الاستيلاء على السلطة.. لماذا لم تنضم مصر للبيان الرباعي بشأن السودان؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) خلال استقباله رئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان (مواقع التواصل)

القاهرة- في تطور مفاجئ بالأزمة السودانية، دعت الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات إلى إعادة الحكومة المدنية ورفض الاستيلاء على السلطة الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، لتثور على الفور تساؤلات حول أسباب غياب مصر عن هذا البيان الرباعي، وهل ثمة علاقة بين ذلك وما أثير عن زيارة قام بها البرهان للقاهرة سرا ليلة سيطرة الجيش على السلطة؟

ففي مؤتمر صحفي عقد الأربعاء، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس إن البيان الرباعي دعا إلى إعادة الحكومة المدنية بالسودان، مشددا على أن العديد من دول العالم تتوافق بشكل تام مع بلاده بأن "سيطرة العسكر على الحكم غير مقبولة ويجب التراجع عنها فورا".

وردا على سؤال عن سبب عدم توقيع مصر على البيان الرباعي، أجاب برايس "عليكم أن تسألوا المصريين حول موقفهم من ذلك"، لكنَّه لم يستبعد دورها في النقاشات الدائرة حول القضية السودانية.

وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" (The Wall Street Journal) الأميركية -الأربعاء- أن البرهان زار مصر سرا ليلة الاستيلاء على السلطة في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتقى بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

ونقلت الصحيفة عن 3 مصادر مطلعة لم تسمّها، أن "البرهان أجرى سلسلة تحركات جيوسياسية جريئة قبل يوم واحد من الانقلاب"، كما أن "رئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل، زار الخرطوم قبل الانقلاب والتقى البرهان، وتفادى لقاء رئيس الوزراء عبد الله حمدوك".

وأردفت الصحيفة أن "كامل قال للبرهان: حمدوك يجب أن يرحل"، معربا عن استياء القاهرة من حمدوك "بسبب انفتاحه على إثيوبيا في قضية سد النهضة"، وذلك وفق مصادر الصحيفة الأميركية.

ولم تعقب السلطات السودانية ولا المصرية على ما ذكرته الصحيفة، إلا أن القاهرة كان قد دعت قبل أيام "كافة الأطراف السودانية إلى ضبط النفس وتغليب المصلحة العليا والتوافق الوطني"، وفق بيان للخارجية، بينما لم يصدر عنها تعقيبات رسمية أو تناول إعلامي لأسباب الغياب عن البيان الرباعي.

ليست طرفا

مستشار مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية هاني رسلان، عزا عدم مشاركة بلاده في البيان الرباعي إلى كونها ليست طرفا فيه، وليس من الضرورة أن تنضم إلى موقعي البيان، كما أنه ليس مطلوبا منها أن تتماهى مع الموقف الأميركي.

وفي تصريحات للجزيرة نت، اعتبر رسلان -وهو باحث متخصص في الشؤون الأفريقية- أن واشنطن استهدفت عبر البيان الرباعي إرسال إشارة إلى البرهان أنه لن يتلقى مساعدات اقتصادية من الإمارات أو السعودية، وهو ما يعني استخدام ورقة ضغط إضافية عليه؛ لتليين موقفه في التسوية التي يُسعى إليها، ومصر ليست طرفا في تلك المساعدات.

أما عن أسباب الصمت المصري الرسمي حيال الأزمة، فقد اعتبر رسلان أن مصر هدفها الأساسي استقرار السودان وسلامته ووحدة أراضيه، لما لديها من خبرة طويلة في النزاعات الداخلية للجار الجنوبي التي لا تنتهي، على حد تعبيره.

وزاد بالقول إن الدخول في الأزمة لحساب طرف ضد آخر، يعني اكتساب عداء الطرف الآخر، والوضع الحالي في السودان لا يحتمل ذلك نظرا لحالة التشظي الكبيرة على أسس جهوية وقبلية وسياسية وفكرية.

وفي ضوء ذلك، أكد المحلل السياسي المصري على أن الدولة السودانية لا تحتمل فكرة التجربة والخطأ، مطالبا بالتعامل مع الأزمة بقدر من الحذر والصبر، وضرورة أن تكون مقاربات الأطراف المختلفة ومواقفها متزنة مع الجميع.

زيارة البرهان

وفيما يتعلق بما أثير عن زيارة البرهان لمصر سرا ليلة الاستيلاء على السلطة، قال رسلان إن الأمر مجرد تقارير صحفية لم تتأكد من جهات رسمية، لكنَّه أشار في الوقت ذاته إلى أن العلاقات وثيقة بين مصر والجيش السوداني، وتتمثل في المناورات وعمليات التدريب وتبادل الخبرات المشتركة.

لكن رسلان فتح الباب لاحتمال حدوث الزيارة، قائلا إنه إذا كان البرهان قد زار مصر فعلا ليلة الانقلاب، فليس مستغربا لوجود مناورة عسكرية مشتركة، شهدتها قيادات عسكرية سودانية كانت موجودة بمصر في تلك الفترة.

يشار إلى أن الجيش المصري أجرى مع نظيره السوداني في خضم الأزمة الراهنة مناورات عسكرية مشتركة لتأمين الحدود، في الفترة من 19 إلى 28 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وذلك بقاعدة محمد نجيب العسكرية شمال غربي مصر.

إجراء بروتوكولي

بدوره، يرى الباحث المتخصص في النزاعات الدولية والعلاقات الاقتصادية إبراهيم نوار، أن موقف بلاده من الأزمة السودانية ينطلق من "الحرص على استقرار السودان وأمنه القومي، كما جاء في الموقف الرسمي المعلن".

وفي تصريحات للجزيرة نت، عزا نوار أسباب عدم مشاركة مصر في البيان الرباعي، إلى عدم مطالبتها بذلك من أطراف البيان، لكن تبقى السياسة المصرية تجاه السودان واضحة تماما، على حد قوله.

وأضاف أن أية دولة من الممكن لها أن تصدر بيانا تذكر فيه ما تشاء، مشيرا إلى أن البيان الرباعي لا يعبر عن موقف الإمارات والسعودية، وجاء موقفهما كإجراء بروتوكولي بطلب من أميركا.

وأوضح أن موقف الإمارات والسعودية مؤيد لمجيء حكومة تكنوقراط مطيعة تعمل تحت قيادة العسكريين، بينما يبقى من المنطقي أن يضمن القائمون على أي انقلاب عسكري تأييد قوى رئيسية قريبة.

المصدر : الجزيرة