إسرائيل والإمارات.. إنتاج أمني وعسكري مشترك يؤسس لحلف إستراتيجي بالشرق الأوسط

على الرغم من العمر القصير "لاتفاقيات أبراهام"، فإن العلاقات بين إسرائيل والإمارات -بحسب باحث في معهد الأمن القومي بتل أبيب- قوّضت اشتراط إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قبل التطبيع، وأسست لحلف إستراتيجي بين تل أبيب والإمارات.

مراسيم التوقيع على إنتاج مشترك لسفت غير مأهولة للصناعات الجوية الإسرائيلية مجموعة "إيدج" الإماراتية (تصوير الصناعات الجوية الإسرائيلية)
مراسيم التوقيع على إنتاج مشترك لسفن غير مأهولة بين شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية ومجموعة "إيدج" الإماراتية (الصحافة الإسرائيلية)

القدس المحتلة- أظهر الربع الأول من العام الثاني "لاتفاقيات أبراهام" للتطبيع، المبرمة بين إسرائيل والإمارات، عمق العلاقات الإستراتيجية بينهما، والتي خرجت عن دائرة المألوف فيما يتعلق بالتنسيق والتعاون الأمني، وأسست لمرحلة جديدة نحو التصنيع العسكري المشترك.

ووصلت الدولتين في وقت قصير من العلاقة بينهما إلى مرحلة التصنيع العسكري المشترك، بعد الاتفاق على تصميم وتصنيع سفن غير مأهولة قادرة على تنفيذ هجمات مضادة للغواصات، وهي الصناعة التي تمهد لحلف إستراتيجي جديد في الشرق الأوسط، وفقا للمحللين ومراكز الأبحاث.

ويُعتبر هذا التطور أول شراكة من نوعها بين إسرائيل ونظام عربي، من خلال اتفاق الصناعات الدفاعية الإماراتية "إيدج"، مع شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية "آي إيه آي" (IAI) في دبي، لتصميم سفن غير مأهولة يمكن أن تستخدم لأهداف عسكرية وأخرى مدنية وتجارية.

وفد عسكري إسرائيلي خلال زيارته لمعرض دبي للطيران المصدر: تصوير المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي التي عممها للاستعمال الحر للإعلام)
وفد عسكري إسرائيلي أثناء زيارته لمعرض دبي للطيران (الصحافة الإسرائيلية)

للاستخبارات وجمع المعلومات

ووفقا للاتفاقية، سيتم تصميم وتصنيع سلسلة من السفن غير المأهولة من فئة "إم-170" (M-170). وتتيح هذه السلسلة استخدام تطبيقات عسكرية تركز على الاستخبارات والمراقبة وجمع المعلومات، ولديها القدرات للقيام بدوريات الحدود البحرية، وتدابير الأمن البحري، وكشف الألغام، واكتشاف ومهاجمة الغواصات.

كما سيتم تكييف السفن لتتلاءم مع استخدامات مدنية في علم البحار والمحيطات، ومراقبة التلوث، والتنقيب عن النفط والغاز في البحار، ونقل المواد والسوائل، والبحث والإنقاذ، ومكافحة الحرائق، والتدخل المبكر لمنع الحوادث البحرية.

وتزامن توقيع الاتفاقية مع الزيارة العلنية الأولى التي قام بها قائد "سلاح الجو الإسرائيلي" عميكام نوركين، وسبقتها زيارة نظيره الإماراتي إبراهيم ناصر العلوي للقاعدة الجوية الإسرائيلية "بالماخيم" جنوب تل أبيب، ضمن مناورات "العلم الأزرق".

وسرّع تبادل الزيارات والوفد بين إسرائيل والإمارات، ومشاركة شركات أمنية وعسكرية وسيبرانية إسرائيلية في معرض دبي للطيران، توقيع أول اتفاقية للتطبيع العسكري بينهما.

وبعد اتفاقية تصنيع السفن، تسعى الصناعات الجوية الإسرائيلية إلى إبرام اتفاقية لتطوير مشترك مع الإمارات لمنظومات دفاعية للطائرات المسيّرة. علما بأن الطرفين وقّعا في مارس/آذار الماضي مذكرة تفاهم بين مجموعة "إيدج" الإماراتية ومجموعة "آي إيه آي" الإسرائيلية أيضا، لتطوير نظام متقدم للدفاع ضد الطائرات المسيرة.

الأولوية للشراكة الأمنية

وقطع التطبيع مع الإمارات شوطا طويلا من وجهة النظر الإسرائيلية، إذ اتسمت علاقاتهما بـ"السلام الدافئ" كما توصف، واستطاعا التقدم في أعمالهما المشتركة كما لم تفعل أي دول عربية أخرى.

ويعتقد الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، أن اتفاقيات التطبيع في هذه المرحلة تركز على مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون في المجال الأمني، حيث كانت الإمارات السباقة بإبرامها مع إسرائيل دون الخوض علنا بعمق هذه الاتفاقيات ومضامينها.

وأوضح شلحت للجزيرة نت أن الاتفاق على الإنتاج العسكري المشترك وتبادل الوفود الأمنية ومشاركة إسرائيل في معرض دبي للطيران، يؤكد أن المفهوم الأمني هو مركب مهم وجوهري، بل يحتل الأولوية في مختلف مسيرة التطبيع بين إسرائيل والإمارات والدول الموقعة على "اتفاقيات أبراهام".

في واقع الأمر، يقول شلحت إن الشوط الذي قطعته إجراءات التطبيع بين إسرائيل والإمارات، كان أطول من الشوط الذي قطعته دول عربية أخرى مطبعة منذ زمن، وتلك التي انضمت لاحقا إلى "اتفاقيات أبراهام".

ويرى في هذا مؤشرا إلى بذور تحالف إستراتيجي بين إسرائيل والإمارات، "وهذا هو البعد الخفي والأعمق في كل ما يتعلق باتفاقيات التطبيع".

ويذكّر الباحث بنظرية إسرائيل التي كانت تروج لها دائما من خلال مقولة: "الشرق الأوسط الجديد"، وشعار "منا الأدمغة ومنكم المال"، ويعلّق قائلا: "على ما يبدو فإن الظروف مواتية لتطبيق ذلك".

ويتوقع شلحت أن يتم توسيع دائرة الإنتاج المشترك بين إسرائيل والإمارات في قضايا الأمن الإلكتروني، والأمن الغذائي والمائي. ويقول إن الإمارات يبدو أن لديها القرار بتعزيز وتوثيق العلاقات مع تل أبيب، والتوجه من اتفاق السلام إلى تحالف ذي صبغة إستراتيجية.

قائد سلاح الجو الإماراتي في زيارةللقاعدة الجوية الإسرائيلية "بالماخيم" جنوب تل أبيب. المصدر: تصوير المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي التي عممها للاستعمال الحر للإعلام)
قائد سلاح الجو الإماراتي ناصر العلوي (يمين) في زيارة لقاعدة "بالماخيم" الجوية الإسرائيلية (الصحافة الإسرائيلية)

السلام الدافئ

من وجهة نظر إسرائيلية، يشير تقرير لمعهد أبحاث الأمن القومي في جامعة "تل أبيب"، إلى أن اتفاقيات التعاون والمخططات الآخذة بالتراكم بين الدولتين، توفر الشروط اللازمة لإقامة ما يسمى "السلام الدافئ بين الشعبين"، لأول مرة في تاريخ الاتفاقيات مع دولة عربية أو إسلامية.

وعلى الرغم من الوقت القصير الذي انقضى منذ توقيع "اتفاقيات أبراهام"، يقول الباحث في المعهد شاؤول جوزنسكي إن العلاقات مع الإمارات يمكنها تقديم 3 رؤى، فهذه الاتفاقيات قوّضت اشتراط إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قبل التطبيع، وأسست لحلف إستراتيجي محوره تل أبيب وأبو ظبي.

كما أن الاتفاقيات -وفقا للباحث- تعكس تحسّنا في موقع إسرائيل الإستراتيجي في الشرق الأوسط، أبقى سلامها مع الإمارات الأقوى والأكثر تحصينا، حتى خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة.

المصدر : الجزيرة