مصر.. هل يدفع الخوف من لقاح كورونا إلى ارتكاب جريمة تزوير؟

خوف بين المصريين من لقاحات كورونا/ إحدى المستشفيات الحكومية بمصر/ الجزيرة نت
خوف بين المصريين من لقاحات كورونا (الجزيرة)

القاهرة- في جنوبي مصر، ضبطت الجهات الرقابية ممرضة تبيع شهادت إثبات الحصول على لقاح فيروس كورونا من دون منح جرعة التطعيم مقابل 100 جنيه (أقل من 10 دولارات)، وذلك في إحدى الوحدات الصحية بمحافظة أسيوط.

وتواجه الممرضة تهمتي تزوير أوراق رسمية واستغلال وظيفتها لتلقي رشوة، وإثر ذلك أمرت النيابة العامة، الأربعاء الماضي، بحبسها 15 يوما على ذمة التحقيقات.

وفي فبراير/شباط الماضي كانت وزارة الداخلية قد أعلنت عن ضبط تشكيل عصابي تخصص في تزوير شهادات تحليل فيروس كورونا وبيعها للراغبين بالسفر خارج البلاد، ممن لديهم موانع طبية تمنعهم من السفر.

ثمة وقائع تزوير أخرى تتعلق بوثائق السلامة من فيروس كورونا تم الكشف عنها من جانب وزارتي الداخلية والصحة، ويبدو أن ذلك دفع الحكومة المصرية إلى التحذير على أصعدة عدة من تزوير شهادات تثبت تلقي اللقاح.

 

وكانت الحكومة المصرية منعت ابتداء من الـ15 من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري موظفيها وطلاب الجامعات من دخول المصالح الحكومية والمؤسسات التعليمية من دون إبراز شهادة تلقي جرعة واحدة من اللقاح على الأقل.

كما أعلنت الحكومة أنها ستمنع المواطنين ابتداء من ديسمبر/كانون الأول المقبل من دخول أي جهة تابعة لها إلا بإبراز شهادة تلقي اللقاح أو فحص كورونا المعروف اختصارا بـ"pcr" بتاريخ لا يتجاوز الأسبوع.

"فهلوة" المصريين

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي أجرت النيابة العامة تحقيقات موسعة مع مسؤولين بوزارة الصحة بمحافظة المنيا في إطار الكشف عن غموض واقعة العثور على 40 صندوقا بها 13 ألفا و214 جرعة لقاح سينوفارم، ملقاة على جانبي ترعة بإحدى قرى مركز بني مزار.

حينئذ ربط الإعلامي المقرب من السلطة، محمد الباز، بين جرعات اللقاح التي تم التخلص منها في الصعيد وحالة الخوف لدى مواطنين من تلقي اللقاح، بخاصة مع حث الحكومة على إلزام موظفيها بتلقي اللقاح للسماح لهم بدخول أماكن عملهم.

واستطرد خلال تقديمه برنامج "آخر النهار" المذاع على قناة النهار "لدينا 26 ألف أمبول تم التخلص منها، وكان من المفترض أن يتلقى هذه الجرعات نحو 13 ألف مواطن.. هل من هؤلاء الآلاف من يريد الحصول على الشهادة من دون تلقي اللقاح؟".

وأضاف الباز أن هناك حالة من الخوف لدى مواطنين من التطعيم، وتوقع أن يتم التحايل من جانب بعضهم للحصول على شهادات مزورة من دون تلقي اللقاح في ما سماه "فهلوة المصريين".

 

وحسب تصريحات مسؤولين حكوميين فقد أنفقت مصر 450 مليون دولار على شراء لقاحات فيروس كورونا، وبلغ عدد المواطنين الحاصلين على الجرعة الأولى من التطعيم نحو 27.5 مليون مواطن منهم 14.5 مليونا حصلوا على الجرعة الثانية أيضا، في حين بلغ عدد الجرعات المستهلكة من اللقاحات المضادة نحو 42 مليون جرعة.

وقد حذر المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة والسكان، حسام عبد الغفار، من الإقدام على تزوير شهادات الحصول على لقاح كورونا، وقال في تصريح لجريدة الوطن إنه في ظل قرار منع الموظفين من دخول المنشآت الحكومية حال عدم تلقيهم اللقاح، أصبح هناك تشديد من قبل وزارة الصحة لرصد أي عملية تزوير لشهادت اللقاح في المرحلة الحالية.

وأشار المتحدث إلى وسائل عدة يمكن بها التثبت من سلامة شهادة لقاح كورونا هي: درجة متانة الورق المطبوعة به الشهادة، والعلامة المائية الموضوعة على الشهادة، ورمز (qr code) الموجود بالشهادة، ووضوح الختم الرسمي لوزارة الصحة.

وأعاد عبد الغفار تحذيراته عبر برنامج "صباح الخير يا مصر" المذاع على التلفزيون الحكومي، مؤكدا أن عقوبة تزوير شهادت الحصول على اللقاح هي عقوبة جنائية سواء من قام بالتزوير حيث سيكون مرتكبا لجريمة التزوير في محررات رسمية، أو من يستخدم الشهادة المزورة حيث سيتعرض لعقوبة استخدام وثائق مزوّرة.

ويعاقب القانون المصري بالسجن المشدد "كلّ صاحب وظيفة عمومية ارتكب في أثناء تأدية وظيفته تزويرا في أحكام صادرة أو تقارير أو محاضر أو وثائق أو سجلات أو دفاتر أو غيرها من السندات والأوراق الأميرية سواء كان ذلك بوضع إمضاءات أو أختام مزورة، أو بتغيير المحررات أو الأختام أو الإمضاءات، أو بزيادة كلمات، أو بوضع أسماء أو صور أشخاص آخرين مزورة".

كما ينص القانون على معاقبة من يستخدم الوثائق المزورة، ويعدّها جريمة تراوح عقوبتها بين السجن المشدد أو السجن من 3 سنين إلى 10، في حين ينص القانون على تجريم إصدار الطبيب شهادة طبية أو بيانا مزورا بشأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة حيث يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تجاوز 500 جنيه.

الأوقاف تُحرّم

وعلى الدرب نفسه، سارت دار الإفتاء المصرية فذهبت إلى أن تزوير الشهادات المثبتة لتلقي لقاح فيروس كورونا أمر محرّم شرعا لما يشتمل عليه الفعل من كذب ومفاسد عدة.

وقالت الإفتاء -في فتوى أصدرتها الأسبوع الماضي- إن الإثم يقع على صاحب الشهادة المزوّرة لأنه كذب وأخبر بغير الحقيقة ولأنه قد يُلحق الضرر بنفسه أو بغيره، كما عدّت الطبيب أو الممرض المزور بمنزلة شاهد زور وخائن للأمانة بسبب تساهله في كتابة تقارير كاذبة.

ورأى أمين الفتوى بدار الإفتاء خالد عمران أن تزوير الشهادات الخاصة بالحصول على لقاح كورونا كبيرة من الكبائر، كونه يعدّ شكلا من أشكال شهادة الزور، وقال في مداخلة هاتفية على قناة صدى البلد إن تزوير شهادة لقاحات كورونا يضرّ الآخرين، في ظل احتمال نقل الفيروس إليهم.

وتابع "كل ما ساعد على تزوير الشهادة، سواء كان طبيبا أو موظفا، يُعدّون مشاركين في هذا الإثم".

 

 

لماذا يخاف الناس من اللقاح؟

رغم حصول ملايين المصريين على لقاح كورونا سواء بدافع رغبتهم في الوقاية من الأعراض الخطرة لفيروس كورونا أو بسبب الضغوط الحكومية لتلقي اللقاح، تظل هناك حالة من القلق تصل إلى الخوف من اللقاحات التي تم استيرادها لمواجهة الوباء.

وأرجع مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية والوقائية، محمد عوض تاج الدين، خوف المواطنين من اللقاح إلى جملة أسباب، منها أن جميع اللقاحات لم تأخذ الوقت الكافي لإعداد الدراسات الكاملة عليها فقد تم اعتمادها بشكل طارئ.

وأضاف -في مداخلة هاتفية مع برنامج "صباح الخير يا مصر" المذاع على التلفزيون المصري- أن الناس عادة يخافون من أي شيء جديد وهو ما ينطبق على فيروس كورونا واللقاحات المعتمدة لمواجهته، مشيرا إلى أن حالة القلق ظاهرة عالمية وليست في مصر فقط.

ومن بين الأسباب التي استدعت الخوف لدى المصريين، وفق تاج الدين، قيام بعض الدول بالإيقاف المؤقت لاستخدام بعض اللقاحات، إلى جانب الأعراض الجانبية لعدد من التطعيمات.

ومن جانبه، أرجع وكيل وزارة الصحة للشؤون الوقائية محمد عبد الفتاح لجوء بعض الناس إلى تزوير شهادات تزعم حصولهم على لقاح كورونا إلى شائعات ترددت حول خطورة التطعيمات على صحة الإنسان.

وأكد في مداخلة هاتفية على شاشة "النهار" حصول كل اللقاحات المتداولة على موافقات من منظمة الصحة العالمية والمرجعيات العلمية، وهو ما يعني أنها آمنة.

وأضاف أن هناك كثيرا من الأوبئة والأمراض المعدية لم يتم التخلص منها في العالم إلا باللقاحات، مثل شلل الأطفال والحصبة والدفتيريا، وكان من المستحيل مواجهتها لولا توفر اللقاحات.

 

 

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة