الشرطة تنفي ولجان التحقيق غائبة.. من يطلق الرصاص على المتظاهرين في السودان؟

أعلن رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان حالة الطوارئ في البلاد وتعليق العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية؛ في خطوة تلت إجراءات شملت اعتقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وأعضاء في حكومته ومسؤولين آخرين، ووصفتها وزارة الإعلام بـ"الانقلاب العسكري المتكامل الأركان".

Thousands protest military takeover in Sudan
محتجون مشاركون في مظاهرات يوم أمس السبت في العاصمة الخرطوم (الأناضول)

أثار سقوط عدد من الضحايا في المظاهرات الرافضة لقرارت  قائد القوات المسلحة السودانية الفريق أول عبد الفتاح البرهان القلق والتساؤلات بشأن الجهة التي تطلق الرصاص على المتظاهرين، ففي الوقت الذي تنفي فيه الشرطة ذلك، يلقي عليها المتظاهرون باللوم، في حين تغيب لجان التحقيق المستقلة.

وقد سقط عدد من القتلى ومئات الجرحى إثر الاحتجاجات التي انتظمت في العاصمة السودانية (الخرطوم) بعد إعلان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الاثنين الماضي حالة الطوارئ، وحلّ مجلس السيادة والوزراء، وتعطيل العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية.

وشهد اليوم الأول بعد إعلان حالة الطوارئ احتجاجات شعبية استطاعت تجاوز الحواجز التي وضعتها قوات الجيش أمام القيادة العامة في وسط الخرطوم.

تجمعات وروايات

وأطلقت قوات عسكرية الرصاص الحي على تجمعات المحتجين التي أخذت في الاتساع؛ وقتل على إثر ذلك 8 من المحتجين وأصيب أكثر من 100 بدرجات متفاوتة.

الطالبة في جامعة الخرطوم مريم تروي للجزيرة نت ما حدث، وتقول إن رصاصا كثيفا أطلق على المحتجين من اتجاه القيادة العامة، وتضيف أن قوات من الجيش حاصرت سكن الطالبات القريب من مقرّ القيادة العامة، ومنعت الجميع من الخروج.

وقالت إن عددا من مقارّ السكن الطلابي اقتحمتها بعض القوات النظامية بعد التحاق الطلاب بالمحتجين.

من جهتها، تقول عضوة نقابة الأطباء السودانيين هويدا محمد الحسن للجزيرة نت إن 8 قتلى سقطوا، وإن عدد الجرحى تجاوز 40 جراء استخدام الرصاص والعنف، ولم تشكل السلطات لجان تحقيق للكشف عن الجهات التي أطلقت الرصاص.

تحذير وضحايا

وعشية مليونية 30 أكتوبر/تشرين الأول الجاري التي أطلق نداءها تجمع المهنيين السودانيين وقوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي للمطالبة بعودة مسار الانتقال الديمقراطي، حذر مسؤولون في دول عدة، بينهم وزير الخارجية الأميركي ومسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي ومنظمات إقليمية ودولية، من استخدام العنف تجاه المحتجين السلميين، وتعهد البرهان في تصريحات بعدم استخدام العنف ضد المتظاهرين ما داموا ملتزمين بالسلمية.

ولكن في محلية شرق النيل (شمال شرق الخرطوم) كان الوضع مختلفا بعد محاولات المحتجين القادمين من شرق النيل عبور جسر المنشية إلى الخرطوم، وتصدّت القوات النظامية لتلك المحاولات بالغاز المدمع والرصاص الحي مما أوقع عددا كبيرا من الإصابات بينهم.

وهذا ما أكدته هويدا محمد الحسن للجزيرة نت، وقالت إن أكثر من 180 إصابة تم تسجيلها في مستشفى شرق النيل بالرصاص الحي والغاز المدمع بينها مصابان في حالة حرجة، وعزت عدم إدراج تلك الإصابات في بيان اللجنة المركزية إلى انقطاع الاتصالات.

بيان وتوضيح

من جهتها، أصدرت الشرطة السودانية بيانا نفت فيه إطلاقها الرصاص الحي في مواجهة المحتجين، وقالت إن أحد منسوبيها أصيب بطلق ناري ودرجت الشرطة على توضيح مواقفها في التصدي للتجاوزات بحسب القانون الذي يمنحها هذا الحق.

ويقول المستشار القانوني معاذ محمد أحمد للجزيرة نت إن تعامل الشرطة مع المظاهرات تحكمه القوانين التي تمنع استخدام الرصاص الحي إلا بأمر من وكيل النيابة المرافق للقوة.

وأضاف أنه لا يرجح أن تكون الشرطة أطلقت الرصاص على المحتجين في المظاهرات الأخيرة، وقال إن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة هو: من يطلق الرصاص على المحتجين؟

من جهته، اتهم أحد قادة الحراك في مدينة بحري (شمال الخرطوم) جهاز الأمن والمخابرات العامة وقوات الدعم السريع باستخدام الرصاص الحي لقتل المحتجين.

وقال إن الشرطة لم تستخدم الرصاص في الاحتجاجات الأخيرة، وإن قوات الجيش ظلت بعيدة عن الأحداث.

نفي وتبرير

في المقابل، نفى الناشط السياسي خليفة كمير فرضية إطلاق قوات من جهاز الأمن أو الدعم السريع الرصاص.

وقال للجزيرة نت إن المنطقة التي أطلق فيها الرصاص أمس السبت وأدى إلى مقتل 3 من المحتجين كانت بالقرب من المركز الرئيسي لحركة تحرير السودان التي يقودها مني أركو مناوي بمدينة أم درمان، وقال إن ما حدث هو تكرار لإطلاق الرصاص الذي وقع في مظاهرة 21 أكتوبر/تشرين الأول في المنطقة نفسها.

وسقط عشرات من القتلى ومئات من الجرحى منذ انطلاق ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، وقضت محاكم سودانية بإعدام منسوبين من جهاز الأمن إلى جانب أحكام قضائية أخرى بعد إدانتهم بقتل محتجين.

وشكلت الحكومة المنحلّة برئاسة عبد الله حمدوك لجنة برئاسة القانوني نبيل أديب معنية بالتحقيق في أحداث فض اعتصام القيادة العامة في الثالث من يونيو/حزيران 2019 التي راح ضحيتها أكثر من 100 قتيل ومئات من الجرحى والمفقودين.

وظلت أعمال اللجنة تراوح مكانها من دون الكشف عن الجناة، وتلك من القضايا التي أشار إليها قائد الجيش السوداني البرهان الذي يَعد بتقديم كل الدعم للجنة للكشف عن الجناة.

المصدر : الجزيرة