الضغوط تتزايد على البرهان بشأنه.. هل يعود حمدوك لرئاسة الحكومة بالسودان؟

ربطت دول الترويكا (الولايات المتحدة والنرويج وبريطانيا) استمرار تعاونها مع السودان بعودة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لمباشرة مهامه.

German Chancellor Angela Merkel and Sudan's Prime Minister Abdalla Hamdok address the media at the Chancellery in Berlin
عبد الله حمدوك عاد إلى مقر إقامته بالخرطوم بعد يوم من تأكيد البرهان أنه يستضيفه بمنزله (رويترز)

الخرطوم – بخلاف أخبار الاتصالات التي تجرى معه وآخرها من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، تبدو المعلومات شحيحة عن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك بعد عودته إلى مقر إقامته في العاصمة السودانية (الخرطوم) وسط حراسة مشددة، بعد يوم من تأكيد قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان استضافته في منزله عقب إعلانه حالة الطوارئ وحلّ الحكومة.

وكان البرهان أشار -في مؤتمره الصحفي أمس الثلاثاء- إلى أن عودة حمدوك إلى مقر إقامته "مرهونة بتأمين سلامته"، على حد وصفه، نافيا الحديث عن احتجازه.

وواجهت الإجراءات التي نفذها الجيش فجر الأحد الماضي واحتجازه رئيس الوزراء إدانات دولية واسعة، إلى جانب الرفض الشعبي من مناصري الحكومة الانتقالية التي يرأسها حمدوك.

وطالب العديد من رؤساء الدول والمنظمات الدولية بالإطلاق الفوري وغير المشروط لحمدوك، وإعادة مسار العملية الانتقالية إلى ما قبل إعلان حالة الطوارئ.

Secretary Of State Blinken Testifies Before Senate Foreign Relations Committee
بلينكن اتصل بحمدوك اليوم الأربعاء (الفرنسية)

ضغوط إقليمية ودولية

إقليميا، أصدر الاتحاد الأفريقي بيانا شديد اللهجة في مواجهة إعلان حالة الطوارئ في السودان، وعدّ خطوة قيادة الجيش انقلابا عسكريا أمرا مرفوضا؛ علّق على إثره عضوية السودان في الاتحاد -المنظمة القارية التي رعت اتفاق الشراكة بين العسكريين والمدنيين بعد سقوط الرئيس عمر البشير في أبريل/نيسان 2019- ولم يكتف بقرار تعليق العضوية بل ذهب لإيفاد بعثة إلى الخرطوم للعمل على إعادة مسار الانتقال الديمقراطي، ومن المتوقع وصولها يوم غد الخميس.

وفي أول تواصل معلن له مع الخارج منذ الاثنين الماضي، تلقى رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.

وقالت الخارجية الأميركية إن بلينكن تحدث في اتصال هاتفي مع حمدوك، ورحب بإطلاق سراحه، وجدد المطالبة بإطلاق بقية المعتقلين.

من جهتها، ربطت دول الترويكا (الولايات المتحدة والنرويج وبريطانيا) استمرار تعاونها مع السودان بعودة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لمباشرة مهامه، وكانت واشنطن جمّدت أمس الثلاثاء مساعدات مالية بقيمة 700 مليون دولار لدعم عملية الانتقال في السودان.

وفي تطور لاحق، علّق البنك الدولي مساعداته للسودان، التي تبلغ 3 مليارات دولار لدعم مشاريع البنية التحتية والطاقة في السنوات الثلاث القادمة.

داخليا، لا تزال معالم العصيان المدني واضحة في شوارع العاصمة السودانية (الخرطوم) في مواجهة خطوة الجيش الأخيرة، حيث شهدت العديد من المدن مظاهرات ولا تزال الحواجز موضوعة على الطرق والشوارع الرئيسة مطالبة بعودة الحكم المدني.

حتمية الحوار

ويقول المحلل السياسي ياسين حسن بشير للجزيرة نت إن المعلومات شحيحة عن وضع حمدوك، وما ستؤول إليه الأوضاع بسبب استمرار قطع الإنترنت، لكنه أكد أن الحل للأزمة الحالية هو الحوار ولا شيء سواه.

وأضاف أن الفرصة لا تزال متاحة لكل الأطراف للجلوس والاستعداد لتقديم التناولات المطلوبة، وتجنيب البلاد خطر الانزلاق نحو الانفلات.

ويرى بشير أن اتفاق الجميع هو المطلوب حتى إن كان على الحكومة المستقلة، إذا كان ذلك يمثل مخرجا للأزمة.

البرهان تحدث حديثا إيجابيا عن حمدوك في مؤتمره الصحفي أمس الثلاثاء وقال إنه يستضيفه في بيته لتأمينه (الجزيرة)

توقع تسوية

"حمدوك هو الشخصية الوحيدة التي يراهن عليها الشارع السوداني الآن"، هكذا يقول رئيس تحرير صحيفة السياسي عثمان فضل الله، ويضيف في حديث للجزيرة نت "إن الدلائل تشير إلى افتقار الانقلاب إلى أي سند محلي أو دولي، وإن أي محاولة لإقصاء حمدوك من المشهد السياسي سيترتب عليها مواجهة للجيش السوداني مع المجتمع الدولي والشارع السوداني".

ويتوقع فضل الله تسوية سياسية للخروج من الوضع الحالي، وقال إن التسوية يجب أن يكون الشارع السوداني طرفا فيها وليس قوى الحرية والتغيير فقط.

أستاذة العلوم السياسية بجامعة الأزهري فاطمة العاقب أعربت عن تفاؤلها بعودة عبد الله حمدوك لرئاسة الحكومة، وقالت للجزيرة نت إن حمدوك لديه قدرات تمكنه من الحفاظ على الأمن القومي للبلاد.

وتابعت "في حال رفض حمدوك الاستجابة للضغوط الداخلية والدولية لعودته سيبدد آمال قطاعات كبيرة من السودانيين في نجاح بناء دولة المستقبل".

وكانت قيادة الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان أعلنت الطوارئ في البلاد لتصحيح ما سمته "مسار الثورة"، بعد خلافات حادة بين مكونات الائتلاف الحاكم واعتصام الحرية والتغيير "مجموعة التوافق الوطني" أمام القصر الرئاسي منذ 16 أكتوبر/تشرين الأول الجاري مطالبة بحلّ الحكومة وتوسيع قاعدة المشاركة فيها، وهو الموقف الذي كان يؤيده المكون العسكري في مجلس السيادة الانتقالي، في حين رفضت الحرية والتغيير -الشريك الآخر الذي جاء بحمدوك لرئاسة الوزارة- ضمّ عناصر من أحزاب تقول إنها دعمت نظام البشير حتى سقوطه.

المصدر : الجزيرة