1700 قتيل منذ عام 2000.. فلسطينيو 48 ضحية للعنف والجريمة

موقع إطلاق النار على الدكتور سليمان إغبارية بأرضه في أم الفحم (الجزيرة)

حمّل أنس إغبارية نجل القيادي الحركة الإسلامية الدكتور سليمان إغبارية الذي تعرض لإطلاق نار خلال وجوده وسط أرضه بمسقط رأسه في مدينة أم الفحم بالداخل الفلسطيني الخميس الماضي، الشرطة والمخابرات الإسرائيلية كامل المسؤولية عن محاولة تصفية والده، الذي يرقد بالمستشفى بحالة خطيرة جدا، بحال لم تقم النيابة العامة بفك رموز الجريمة وتقديم الجناة للمحاكمة.

ويأتي هذا الاتهام للمؤسسة الإسرائيلية مع استفحال العنف والجريمة في الداخل الفلسطيني وتسجيل 10 جرائم منذ بداية العام الجاري، بينما قتل 113 شخصا في عام 2020، وقتل منذ انتفاضة القدس والأقصى بعام 2000 نحو 1700 عربي، وسط فوضى السلاح وتقاعس سلطات إنفاذ القانون وتواطؤ الشرطة الإسرائيلية مع عصابات الجريمة المنظمة التي تتغول وتسيطر على مفاصل الحياة لفلسطينيي 48.

الدكتور سليمان إغبارية القيادي بالحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا
الدكتور سليمان إغبارية القيادي بالحركة الإسلامية "المحظورة" في إسرائيل (الجزيرة)

ومع وجود قرابة 500 ألف قطعة سلاح في البلدات العربية دون تراخيص، بحسب تقديرات الشرطة الإسرائيلية، انتشرت الجريمة وبلا عقاب عندما يكون الضحية من فلسطينيي 48، وتحول العرب في قراهم ومدنهم إلى رهينة للعنف والجريمة.

ووسط المشهد الدموي الذي تعيشه البلدات العربية، تواصل الشرطة الإسرائيلية التحريض على الفلسطينيين بالداخل. وللتهرب من المسؤولية تحمل الضحية مسؤولية ما تزعمه من أن ارتفاع معدلات العنف والجريمة يعود أيضا لعدم استعداد المجتمع العربي للتعاون مع الشرطة في فك رموز الجرائم.

وقفات احتجاجية قبالة مقرات الشرطة بأم الفحم وطرمة تنديدا بجرائم القتل (تصوير مكتب النائب يوسف جبارين للاستعمال الحر)
وقفة احتجاجية قبالة مقرات الشرطة بأم الفحم تنديدا بجرائم القتل (الجزيرة)

دوامة العنف

ووصف نجل الدكتور إغبارية في حديثه للجزيرة نت ما يعيشه الداخل الفلسطيني من دوامة العنف والجريمة وسفك الدماء بـ"النكبة الثانية"، لافتا إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي شجعت الفتنة والاقتتال الداخلي واستباحة الدم العربي الفلسطيني بأيدي أبناء الشعب الواحد عبر آليات وأدوات إسرائيلية ضمن مشروع كامل ومتكامل لتفكيك المجتمع الفلسطيني بالداخل.

وحذّر إغبارية من تداعيات مخطط السلطة الإسرائيلية على المستقبل والوجود لفلسطينيي 48، خصوصا أن مشروع العنف الإسرائيلي يؤكد بصريح العبارة أنه لا حصانة مجتمعية والجميع في دائرة الاستهداف، إذ تمادى وانتقل لاستهداف القيادات.

وقال نجل القيادي بالحركة الإسلامية "خلال إفادتي اتهمتُ الشرطة الإسرائيلية بشكل مباشر وحمّلتها مسؤولية محاولة اغتيال والدي الدكتور سليمان إغبارية الذي له بصمات بالعمل الخيري والإغاثي بالقدس والأقصى وفلسطين التاريخية، بل وعلى مستوى العالمين العربي والإسلامي".

الدكتور سليمان إغبارية برفقة الشيخ رائد صلاح
الشيخ كمال الخطيب: إسرائيل هيأت الظروف لمحاولة اغتيال سليمان إغبارية (الجزيرة)

دائرة الاستهداف

الموقف ذاته يتبناه رئيس لجنة الحريات بالداخل الفلسطيني، الشيخ كمال الخطيب، الذي كان نائب رئيس الحركة الإسلامية "المحظورة" إسرائيليا، لافتا إلى أن إسرائيل وإن لم تنفذ اغتيال الدكتور سليمان بشكل مباشر، لكنها هي التي هيأت الظروف وجمعت كافة العوامل لتجعل من الدكتور سليمان هدفا مشروعا وسهل الوصول إليه لاستهدافه واغتياله.

وكرر الخطيب اتهاماته للمؤسسة الإسرائيلية وتحميلها كامل المسؤولية عن مشهد العنف والجريمة الذي يعكس مشهد الاغتيال الجماعي لفلسطينيي 48، مبينا في حديثه للجزيرة نت أن مشهد الاغتيال يتركز عبر الاستهداف الإسرائيلي الممنهج للثقافة الفلسطينية والإعلام والتعليم والتربية والنسيج المجتمعي، مع محاولة مسخ وتشويه الهوية الوطنية والقومية والدينية لفلسطينيي 48.

وحذّر رئيس لجنة الحريات من الخطة الإسرائيلية للاغتيال الجماعي للفلسطينيين، وهي الخطة التي أفرزت أشخاصا اختطفتهم إسرائيل بعد أن نجحت بتشويه هويتهم وسلخهم عن انتمائهم وشعبهم، أضيف إليهم عنصر آخر وهو سهولة الوصول للسلاح، علما أنه بموجب الإحصائيات الرسمية وإقرار وزارة الأمن الداخلي فإن مصدر 70% من الأسلحة بالبلدات العربية بالداخل، هو مخازن مقرات الشرطة ومستودعات الجيش الإسرائيلي.

تشييع جنازة شاب من بلدة كفر قرع قتل بجريمة إطلاق نار قبل أيام (تصوير الزميل الحج أبو فنة للاستعمال الحر)
تشييع جنازة شاب من بلدة كفر قرع قتل بجريمة إطلاق نار قبل أيام (الجزيرة)

غض الطرف

وتساءل الخطيب، هل مخازن الشرطة ومستودعات الجيش الإسرائيلي سائبة ودون رقابة حتى تسرق منها كل هذه الأسلحة والذخائر؟! مؤكدا "أن ذلك يتم من خلال غض الطرف وخطة مدروسة لتسهيل الترويج للسلاح ووصوله لبلدات الداخل الفلسطيني، ناهيك عن تهريب الأسلحة من الأردن والضفة الغربية للداخل والذي يتم تحت رعاية إسرائيل التي ترصد كل تحرك بفلسطين الداخلية وليست عاجزة أو قاصرة عن الوصول إلى هذا السلاح وجمعه".

ويعتقد أن إسرائيل أرادت بعد الانتفاضة الثانية عام 2000 معاقبة أهل الداخل الفلسطيني على دورهم بالانتفاضة ومساندتهم لقضايا شعبهم الفلسطيني والدفاع عن القدس والأقصى، بالترويج للفتنة والتشرذم والاقتتال والفوضى الخلاقة بالداخل الفلسطيني، وتكدس جثث قتلى رصاص الفتنة، والعصبية القبلية والطائفية وعصابات الجريمة المنظمة، وذلك على غرار خطة وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس في الشرق الأوسط.

الجريمة المنظمة

من جانبه، وصف النائب عن القائمة المشتركة الدكتور يوسف جبارين، حالة الغضب الشعبي التي تعيشها البلدات العربية بالداخل الفلسطيني، بـ"الحالة الأكثر تعبيرا وصدقا عن فقدان الشعور بالأمان الشخصي كحق أساسي"، مؤكدا أن التحدي الأكبر في هذه المرحلة يبقى "هو كيف نحول هذا الغضب إلى فعل نضالي وجماهيري متواصل يفرض على الشرطة الإسرائيلية أن تغير سياساتها المتواطئة".

وأوضح جبارين للجزيرة نت أن تفاقم العنف والجريمة في المجتمع الفلسطيني بالداخل، يتطلب التصعيد والجهوزية النضالية والكفاحية من أجل إجبار المؤسسة الإسرائيلية وسلطات تنفيذ القانون على أخذ دورها بمكافحة العنف والجريمة وفوضى السلاح ومحاربة عصابات الجريمة المنظمة، ومن أجل تعزيز التكافل الاجتماعي نحو إيقاف المشاهد الدموية في القرى والمدن العربية.

وقفات احتجاجية قبالة مقرات الشرطة بأم الفحم وطرمة تنديدا بجرائم القتل (تصوير مكتب النائب يوسف جبارين للاستعمال الحر)
غضب وسط فلسطينيي 48 من استشراء العنف وجرائم القتل بالمجتمع العربي (الجزيرة)

ويعتقد النائب عن القائمة المشتركة أنه عدا تحميل الشرطة الإسرائيلية كامل المسؤولية عن استفحال العنف والجريمة، فإن هناك مسؤولية تقع على عاتق المجتمع العربي بفلسطين 48 عبر الوحدة وتعزيز النضال الجماهيري وترسيخ التعاضد المجتمعي في سبيل التحرر من وباء العنف والجريمة وسطوة عصابات الجريمة المنظمة.

وأكد جبارين أن الشرطة الإسرائيلية التي تمنح الجريمة والمجرمين حكما ذاتيا في البلدات العربية، هي الشرطة ذاتها التي تقمع المتظاهرين الذين يطالبون بحقهم بالحياة الآمنة، علما أن الحراك الجماهيري المتواصل والاحتجاجات الشعبية هما التعبير عن إصرار المجتمع العربي بالداخل على مواجهة العنف والجريمة، وهما السبيل الأهم لتحقيق الأمن المجتمعي.

المصدر : الجزيرة