الكويت.. رفض سياسي وشعبي للتطبيع مع إسرائيل واستياء واسع من تصريحات كوشنر

وقفة سلمية كويتية بجانب السفارة الفلسطينية رفضا للتطبيع
وقفة احتجاجية كويتية بجانب السفارة الفلسطينية رفضا للتطبيع (مواقع التواصل)

تعود "لا للتطبيع مع إسرائيل" من جديد وبقوة إلى واجهة الساحة السياسية والشعبية الكويتية، على وقع حدثين شغلا الكويتيين في الأيام القلية الأخيرة؛ أحدهما إعلان الإمارات وإسرائيل تطبيع العلاقات بينهما، والآخر التصريحات التي أدلى بها جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول الكويت.

وتعرض اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي لانتقادات كبيرة في الأوساط الكويتية، سواء بالتنديد الصريح والمباشر باعتباره اتفاقا ينافي الثوابت، أو بتجديد تأكيد الموقفين الرسمي والشعبي الرافضين للتطبيع والداعمين للقضية الفلسطينية.

كما تقدم عدد من أعضاء مجلس الأمة -بينهم رئيسه مرزوق الغانم- بطلب للتعجيل بقيام المجلس ولجانه بالبت في القوانين المقترحة المقدمة بشأن "مقاطعة إسرائيل، وحظر التعامل أو التطبيع مع الكيان الصهيوني" لإقرارها قبل نهاية دور الانعقاد الحالي في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وكان 41 نائبا (من أصل 50) وقعوا خلال جلسة الثلاثاء بيانا أكدوا فيه موقف الكويت الثابت لمناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني، وشددوا على أن الكويتيين لن يقبلوا أي تراجع عن التزام حكومة بلادهم بقضية العرب والمسلمين الأولى.

ومضى البيان فأكد أن الشعب الكويتي سيبقى يشد على يد القيادة السياسية في موقفها "الشجاع والثابت" تجاه القضية الفلسطينية على مر السنين، مشيرا إلى أن جرائم الاحتلال لا يمكن نزعها من نفوس أبناء الكويتيين.

41 نائبا كويتيا يوقعون بيانا يشدد على أن الشعب لن يقبل بالتراجع عن التزام حكومة بلاده بقضية العرب والمسلمين الأولى
41 نائبا كويتيا وقعوا بيانا يشدد على أن الشعب لن يقبل التراجع عن التزام الحكومة بدعم قضية فلسطين (الجزيرة)

كما تسابقت قوى سياسية وطلابية كويتية مختلفة إلى إصدار بيانات استنكار، وتنظيم فعاليات ومهرجانات افتراضية عدة، رفضت جميعها التطبيع، وأكدت دعم الموقف الكويتي المساند للقضية الفلسطينية.

وفي السياق نفسه، نظم مواطنون كويتيون وقفة احتجاجية أمام السفارة الفلسطينية مساء الثلاثاء، للتأكيد على تضامن الكويتيين مع حقوق الشعب الفلسطيني المنتهكة، ورفضهم التطبيع.

انتقادات لكوشنر
أما في ما يخص تصريحات كوشنر التي أدلى بها عقب أيام من إعلان التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، وانتقد فيها الموقف الكويتي الرافض للتطبيع، ووصف وقوف الكويت إلى جانب الحق الفلسطيني بالأمر "غير البناء"؛ فقد جوبه بموجة غضب عارمة في صفوف عدد كبير من أعضاء مجلس الأمة الكويتي، وكذلك المغردون الكويتيون.

واعتبر الكويتيون أن تصريحات كوشنر تدخلا سافرا في الشأن الكويتي الداخلي، مشددين في الوقت نفسه على أن الكويت ستبقى آخر القلاع المناهضة للتطبيع.

وأكدت السفارة الأميركية في الكويت -في تصريح نقلته بعض الصحف الكويتية- أن وجهة نظر كوشنر تعكس رأي الإدارة الأميركية، معبرة في الوقت نفسه عن احترامها لسيادة الكويت ورغبتها في اتخاذ القرارات بناء على ما تقتضيه مصالحها الخاصة.

عضو هيئة التدريس والأستاذ في جامعة الكويت الدكتور أحمد الذايدي يرى أن ردة فعل الكويتيين الغاضبة من تصريحات كوشنر جاءت على قدر ما مثلته من استفزاز كبير وجرح للمشاعر، إذ إنه لم يكتف بانتقاد الكويت لرفضها التطبيع مع إسرائيل فحسب، بل لوقوفها مع الحق الفلسطيني.

وتوقع الذايدي في حديثه للجزيرة نت أن تزداد الضغوط على الكويت خلال المرحلة المقبلة، لا سيما مع استمرار قطار التطبيع مع بقية دول الخليج، وبعض الدول العربية الأخرى.

لكن من وجهة نظر الذايدي فإنه كلما ازداد التضامن والتكاتف الشعبي الكويتي الرافض لهذه المسألة، شكّل ذلك دعما للموقف الكويتي الرسمي، وذلك باعتبار أن الرأي العام يلعب دورا كبيرا في مثل هذه القضايا.

ويعتبر الذايدي أن الكويت تتميز بوجود رأي عام حر فيها، وهذا لا يتوفر في باقي دول المنطقة، مما يضعفها أمام الولايات المتحدة والدول الأخرى، في حين أن الرأي الشعبي في الكويت يقوي وضع الحكومة إذا رفضت الصلح مع إسرائيل، لوجود حصانة وهامش مناورة أكبر مع حرية التعبير والديمقراطية التي يتميز بها المجتمع الكويتي.

وأعاد الذايدي التأكيد على أن الشعب الكويتي -بأغلبية وبشكل مطلق- يرفض التطبيع أو التدخل، سواء كان أميركيا أو من أي دولة أخرى، فالمسألة بالنسبة للكويتيين دينية ووطنية وعروبية نشأ عليها الشعب الكويتي حتى صارت من ثوابته، باعتبار أن فلسطين هي أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي صلوات الله وسلامه عليه.

المصدر : الجزيرة