عشرون جنيها للحصة.. فوضى التعاقدات تضرب وزارة التعليم بمصر

نقص المعلمين بالمدارس مشكلة تواجه المدارس بمصر
نقص المعلمين مشكلة تواجه المدارس بمصر (الجزيرة)

حسن المصري-القاهرة 

سحر فتاة مصرية تخرجت من كلية التربية، يحدوها الأمل في العمل معلمة، وبعد أن أرهقها البحث، وجدت ضالتها في إعلان وزارة التعليم عن مسابقة لتعيين معلمين جدد لسد العجز، لكن بعد شهور أصابها وزملاءها الإحباط، حيث أعلنت الوزارة الاستغناء عن المقبولين في المسابقة، والتعاقد مع متطوعين فقط بمبلغ عشرين جنيها للحصة الواحدة (الدولار نحو 15.5 جنيها).

بدأت القصة عام 2018 عندما قرأت سحر إعلانا عن مسابقة لوزارة التعليم بهدف توظيف 36 ألف معلم من خريجي كليات التربية، وذلك في إطار خطة سد عجز أعداد المعلمين بالمدارس المصرية.

تقول سحر للجزيرة نت "تقدمت كما تقدم آلاف الشباب لمسابقة العمل مدرسة لغة عربية على أمل النجاح، ولم يكن الأمر سهلا بسبب الروتين، وفي النهاية راح الجهد هباء وتبددت أحلامنا، حين أعلنت الوزارة الاستغناء عنا كمقبولين في المسابقة، وذلك بعد فصل دراسي واحد، حيث انتهى عملنا في آخر مايو/أيار العام الماضي".

سحر مثل آلاف تحطمت أحلامهم فوق صخرة فوضى مسابقات وزارة التعليم، إذ أعلنت الوزارة في 2 مارس/آذار الاستعانة بمتطوعين من حملة المؤهلات التربوية، كمتطوعين بمقابل لا يتجاوز عشرين جنيها للحصة الواحدة، بهدف سد العجز في أعداد المعلمين.

وأعلنت الوزارة مسابقة لتشغيل 120 ألف معلم بعقود مؤقتة أيضا، رغم مطالبات معلمي المسابقة بالتجديد لهم، وهو ما رفضته الوزارة تحت ذريعة مخالفة بنود العقد، مؤكدة أنه ستكون لهم الأولوية في حال تقدمهم لمسابقة الـ120 ألف معلم، وهو ما أثار حالة من الغضب بين المعلمين، خاصة أنه تم الاستغناء عن معلمي المسابقة الأولى بعد ثلاثة شهور فقط.

ما يمكن وصفها بفوضى التعاقدات داخل وزارة التعليم المصرية دفعت النائب بالبرلمان هيثم الحريري إلى تقديم طلب إحاطة للوزير حول القضية، مؤكدا أن الوزارة حصلت 120 مليون جنيه من نحو ستمئة ألف معلم دفعوا ثمن استمارات التقديم، مضيفا "ورغم حاجة الوزارة إلى معلمين جدد تم الاستغناء عنهم وإعلان مسابقة جديدة".

حمدية معلمة أخرى ممن تقدمت لمسابقة التعليم في 2018، تؤكد أنها مرت باختبارات صعبة لكي تجتاز امتحانات التعيين، ولم تتجشم إنفاق الأموال فقط على استمارة التقديم للمسابقة، بل كانت مقرات الاختبار بعيدة عن منزلها نحو ساعتين، فضلا عن الزحام الشديد والضغط النفسي، بحثا عن لقمة العيش الحلال.

ورغم نجاحها فإن الوزارة تخلت عنها بدعوى انتهاء العقد، وذلك بعد ثلاثة أشهر فقط، ورغم حاجة الوزارة إلى معلمين جدد، حيث تحطمت أحلامها وعشرات الآلاف من الشباب، بعدما ظنوا أنهم بدؤوا رحلتهم الحقيقية في الحياة العملية، حسب حديثها للجزيرة نت.

التطوع ليس حلا
وحسب بيان وزارة التعليم الصادر حول طلب متطوعين، فإنه لا يجوز للمتعاقدين المطالبة بالتعيين، ويجوز للجهة الإدارية الاستغناء عنهم في أي وقت من دون المطالبة بأي تعويضات.

ويرى الخبير التربوي كمال مغيث أن التطوع للتدريس ليس حلا لمشكلة نقص المعلمين، معتبرا أن الاعتماد على معلمين جدد بنظام التطوع ظلم لخريجي كليات التربية.

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح مغيث أن المعلمين المتعاقدين سيبحثون بلا شك عن فرص أفضل مما تقدمه الوزارة، خاصة أن التعيين مؤقت وبمقابل زهيد.

ولفت الخبير إلى أن من أسوأ ما يعاني منه التعليم هو سوء أوضاع المدارس والمعلمين؛ فالمعلم يحتاج تحسين أوضاعه المادية لضعف ما يتقاضاه باعتراف وزير التعليم، وربما ذلك يبرر اتجاه المعلمين للدروس الخصوصية.

ويقدر أعداد المعلمين بمصر نحو 1.187 مليون مدرس، في حين يبلغ عدد الطلاب 22 مليونا، أي نحو مدرس لكل عشرين طالبا، حسب تصريحات تلفزيونية لوزير التعليم طارق شوقي.

ووفق تصريحات سابقة لوزير التعليم، يُقدر العجز في أعداد المدرسين بنحو 320 ألف مدرس، مشيرا إلى اتجاه المعلمين للعمل بوظائف إدارية وترك مهنة التدريس، مؤكدا أن للأزمة جذورا قديمة متصلة بالفساد الإداري.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي