حراك ديمقراطي أم أزمة قيادة.. أية دلالات لتواصل الاستقالات بحزب النهضة التونسية؟

جدد مجلس شورى حزب حركة النهضة في تونس تمسكه بقرار ترشيح رئيس للحكومة الجديدة من داخل الحركة، ورشح زعيمه راشد الغنوشي لرئاسة البرلمان.
مؤتمر شورى سابق لحركة النهضة (مواقع التواصل)

تثير استقالة شخصيات وازنة من هياكل ومؤسسات حركة النهضة التونسية، وآخرها القيادي لطفي زيتون، أكثر من سؤال حول طبيعة الخلاف داخلها، وتداعياته على مستقبل الحزب الأكبر والأكثر تنظيما وتماسكا في البلاد.

وأعلن القيادي في النهضة زيتون عن استقالته من شورى النهضة ومن باقي مؤسساتها، متهما قياداته بارتكاب عديد الأخطاء السياسية التي أضرت ليس فقط بالحركة، بل باستقرار البلاد في علاقة بمسار تشكيل الحكومات المتعاقبة، وموقف النهضة منها.

ودون زيتون، المستشار السياسي السابق لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قائلا "تونس أهم من النهضة" كما أشار في تصريحات إعلامية محلية إلى أن النهضة حادت عن مبادئها ومسؤوليتها، كأكبر حزب في البلاد، عن إدارة ومعالجة قضايا الشأن العام لتنصرف في صراعات داخلية وحرب تموقع.

سلسلة استقالات

وتأتي استقالة زيتون لتنضاف لسلسلة استقالات سابقة لقيادات تاريخية، على غرار عبد الحميد الجلاصي، محمد بن سالم، زبير الشهودي، وغيرهم.

وعبر الجلايصي، القيادي المستقيل من الحركة، في تصريح للجزيرة نت، عن حزنه من أن تلقى حركة النهضة مصير حركة "نداء تونس" بسبب طموحات وصفها بالشخصية لبعض الأفراد، وإصرار على التعنت وعدم احترام القانون داخلها.

ودعا رئيس حركة النهضة إلى الإبقاء على رصيده التاريخي والسياسي في الحزب، وأن يعي بأن معركة التمديد في ولايته "خاسرة أخلاقيا وسياسيا".

وختم قائلا "خوفي الآن ليس على النهضة بل على تونس".

وسبق أن وجه مئة قيادي بالحركة رسالة لرئيسها الغنوشي تطالبه خلالها بعدم الترشح لعهدة جديدة، احتراما للقانون الداخلي الذي يكرس مبدأ التداول داخلها، ويقضي بانتخاب رئيس جديد خلافا للغنوشي خلال المؤتمر القادم.

ويدافع شق آخر داخل النهضة على بقاء الغنوشي زعيما للحركة، وحجتهم في ذلك حاجة الحزب والبلاد له كشخصية اعتبارية لها من الرصيد السياسي والنضالي والخبرة في إدارة الشأن العام.

قال رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، صباح اليوم الأربعاء، إنّ حكومة إلياس الفخفاخ، لن تمر ولن تنال ثقة البرلمان في حال تم إقصاء حزب قلب تونس من تشكيلتها، معتبرا أن الرئيس قيس سعيّد لم يختر الشخصية الأفضل.
الغنوشي (مواقع التواصل)

تنافس انتخابي

ويرى المكلف بالإعلام في حركة النهضة خليل البرعومي، في تصريح للجزيرة نت، أن الاستقالات والخلافات داخل حركة النهضة، قبل أشهر قليلة من عقد مؤتمرها الانتخابي الحاسم، تعد أمرا طبيعيا في سياق التنافس الانتخابي والرغبة في التمايز من بعض القيادات.

ولفت، بالمقابل، إلى أن بعض الاستقالات جزئية وتتعلق باستقالة أصحابها من هياكل الحزب وليس من الحزب ككل، مشيرا إلى أن هذا الحراك داخل النهضة يعد أمر صحيا ومظهرا آخر من مظاهر الديمقراطية واختلاف الآراء والمواقف داخلها.

تطويق الخلاف

وسبق أن أطلق رئيس مجلس شورى النهضة عبد الكريم الهاروني، والقيادي رفيق عبد السلام، مبادرة سياسية داخلية تهدف لتطويق الخلاف داخل الحركة وتخفيف حدة الاحتقان، في محاولة للحفاظ على وحدتها واستقرارها.

وترتكز المبادرة -بحسب ما صرح به عبد السلام للجزيرة نت، إلى الذهاب نحو المؤتمر الانتخابي القادم بتوافقات سياسية موسعة صلب قيادات الحركة، مع النظر في مقترح إمكانية تأجيل المؤتمر بسبب الظرف الوبائي.

وشدد عبد السلام على أن المبادرة تكرس مبدأ التداول على الحركة، وضخ دماء جديدة داخلها، لكنها تحفظ أيضا مكانة ومقام زعيم الحركة (الغنوشي) من خلال مرافقته لعملية الانتقال القيادي صلب الحركة من باب حاجة الحزب والبلاد له.

رفيق عبدالسلام
عبد السلام: النهضة حريصة على وحدة جسمها السياسي (الجزيرة)

حسم الخلافات

ولفت عبد السلام إلى وجود ما سماها "إشكالية تموقع" داخل الحركة سيما من نخبها القيادية، بالتوازي مع الدخول في معترك الحراك الانتخابي، مشيرا إلى أن كل هذه الأمور والخلافات ستحسم داخل المؤتمر الذي يبقى سيد نفسه على ضوء ما سيقرره المؤتمرون.

وقال أيضا إن النهضة حريصة على وحدة جسمها السياسي وإدارة الاختلاف بين أبنائها، لكنه أشار -بالمقابل- إلى أن من ارتأى البحث عن خيارات سياسية خارج الحركة فهو حر في ذلك.

وأشار قيادي النهضة -في ختام حديثه- إلى أن موجة الاستقالات داخل النهضة تقابلها عودة لقيادات تاريخية على غرار حمادي الجبالي، رياض الشعيبي، وآخرين.

المصدر : الجزيرة