عود على بدء.. هل يحسم لقاء ملك ماليزيا مستقبل أنور إبراهيم؟

Malaysia opposition leader Anwar Ibrahim reacts during a news conference in Kuala Lumpur
رغم إعلان أنور إبراهيم امتلاكه الأغلبية في البرلمان، فإن قرار تشكيله الحكومة يبقى بيد الملك (رويترز)

يعزو مراقبون سبب الأزمة السياسية المستمرة في ماليزيا إلى غياب أغلبية واضحة في البرلمان، وتقلّب ولاء أعضائه بين الكتل المتنافسة على السلطة، وهو ما يجعل من الصعب التكهن بمدى قدرة أي كتلة حزبية على الاحتفاظ بثقلها البرلماني سواء أكانت في الحكومة أم في المعارضة.

ويستبعد محللون سياسيون أن تشهد ماليزيا حكومة ثالثة في الفترة البرلمانية الحالية، فرغم تأكيد زعيم المعارضة أنور إبراهيم حصوله على تأييد الأغلبية في البرلمان، فإن أستاذ العلوم السياسية البروفيسور عبد الرزاق أحمد يرى أنها غير كافية لإقناع الملك لتكليفه بتشكيل حكومة جديدة، وذلك لدى لقائه المرتقب الثلاثاء المقبل.

ويقول عبد الرزاق -في حديثه للجزيرة نت- إن اهتمام الملك "عبد الله رعاية الدين المصطفى بالله شاه" منصبّ في هذه المرحلة على ضمان استقرار النظام السياسي، أخذا بالاعتبار تغيير أعضاء البرلمان ولاءاتهم بما يجعل من الصعب التكهن باستمرار احتفاظ أي حكومة بتأييد الغالبية حتى نهاية فترة البرلمان.

ويؤيده في ذلك المحلل السياسي عبد القادر وارسي، بالقول إن أنور إبراهيم سبق أن ادعى حصوله على الأغلبية عام 2008، ولم يكن ذلك مقنعا للملك وقتذاك لتكليفه بتشكيل الحكومة، حيث إن الدستور ينص على ضرورة اقتناع الملك بمؤهلات المرشح لضمان تأييد الأغلبية، واستبعاد فقدانها بعد أيام من التكليف لتعود الأزمة إلى المربع الأول.

Malaysia's members of parliament attend a session of the lower house of parliament, in Kuala Lumpur
البرلمان الماليزي ساحة صراع على الأغلبية بين رئيس الحكومة وأنور إبراهيم (رويترز)

خيارات صعبة

ويرى خبراء في الشأن السياسي الماليزي أن أمام الملك عدة خيارات قبل اتخاذ قرار نهائي لإنهاء الأزمة الحالية، مثل استقراء آراء أعضاء البرلمان كل على انفراد لتحديد من يملك تأييد الأغلبية البرلمانية، وهو ما فعله قبيل تكليف محيي الدين ياسين في بداية مارس/آذار الماضي، أو إعادة الأمر إلى البرلمان ليقول كلمته بعد انقضاء عطلته السنوية، أو الاستماع إلى رأي رئيس الحكومة الحالي بشأن حل الحكومة والدعوة لانتخابات مبكرة بإشراف حكومة تصريف أعمال.

ويستبعد المحلل السياسي عبد القادر وارسي إمكانية عزل رئيس الوزراء عن طريق تصويت لسحب الثقة في البرلمان، ويرى أن أي مشروع لسحب الثقة يجب أن يوافق عليه رئيس البرلمان، وهو غير متصَّور نظرا لأن رئيس البرلمان موال للحكومة الحالية.

ويرى وارسي أن الدستور يمنح الحكومة حق الدفاع عن نفسها بإثبات عكس ادعاء فقدانها تأييد الأغلبية، ويدعم الحفاظ على السلطة القائمة ما لم تنته ولايتها وتسقط بانتخابات عامة.

أما خيار تشكيل حكومة وحدة وطنية الذي أثير في وقت سابق، فيرى البروفيسور عبد الرزاق أحمد أنه صعب المنال نظرا للتركيبة السكانية والسياسية للبلاد، وأنها لم تشهد مثل هذه الحكومة في تاريخها، بل يعتبرها تهديدا للأمن القومي، حيث إن هذا النوع من الحكومات يتم تشكيله بعد الحروب الأهلية، بينما تعيش ماليزيا حالة ديمقراطية وبرلمانا يعمل بشكل طبيعي في بلاد آمنة تعيش بسلام إلى حد بعيد، وأن حكومة تجمع الأضداد لن تعمّر طويلا وستفتح المجال للتفكك.

الدكتور عبد القادر وارسي
وارسي يستبعد إمكانية عزل رئيس الوزراء عن طريق تصويت لسحب الثقة في البرلمان (الجزيرة)

أمنو والتحالفات

وتتجه الأنظار إلى حد كبير إلى حزب المنظمة الملايوية القومية المتحدة (أمنو) الذي حكم البلاد أكثر من 6 عقود، بسبب إعلان بعض قادته سحب دعمهم لحكومة محيي الدين ياسين، ولانعكاس الشرذمة السياسية على وضع الحزب الداخلي، والتي فاقمت من أزمة القيادة التي يعاني منها بسبب مثول قيادته أمام المحاكم بتهم الفساد.

الخبير في شؤون أمنو الدكتور عبد الرزاق أحمد يرفض حصر خيارات الحزب بالتحالف مع خصومه التاريخيين، وهو يشير في ذلك إلى حزب عدالة الشعب بقيادة أنور إبراهيم، وحليفه في المعارضة حزب العمل الديمقراطي الذي تهيمن عليه الأقلية الصينية.

عبد الرزاق أحمد يرفض حصر خيارات حزب أمنو بالتحالف مع خصومه التاريخيين (الجزيرة)

ويؤكد المحلل السياسي عبد الرزاق أحمد -في حديثه للجزيرة نت- أن أمنو متمسك بتحالفه التاريخي ضمن الجبهة الوطنية، والتفاهمات الأخيرة التي توصلت إليها الأحزاب الملايوية، وهو ما يعني الرهان على التفويض الشعبي من خلال انتخابات جديدة، مع أنه يرى أنها قد لا تكون سانحة في ظل جائحة كورونا، خاصة بعد انتخابات ولاية صباح الشهر الماضي التي تسببت في ازدياد أعداد الإصابات بالفيروس.

أما صحيفة "فري مالايسيا توداي" فنقلت عن مصادر لم تسمها في أمنو أن اتجاهات ثلاثة تحكم توجهات ممثلي الحزب في البرلمان، وهي مجموعة تدعم أنور ضد محيي الدين ياسين، وأخرى تعارض بشدة تقلده منصب رئيس الوزراء، وثالثة تفضل انتظار ما سينجم عن لقائه بالملك والتحضير للانتخابات المقبلة.

Malaysia's new King Sultan Abdullah Sultan Ahmad Shah and Queen Tunku Azizah Aminah Maimunah attend a welcoming ceremony at the Parliament House in Kuala Lumpur, Malaysia January 31, 2019. REUTERS/Lai Seng Sin TPX IMAGES OF THE DAY
ملك ماليزيا عبد الله المصطفى بالله شاه يملك قرار تكليف أنور إبراهيم من عدمه بتشكيل الحكومة (رويترز)

وفي ظل تردد حزب العمل الديمقراطي في دعم أنور إبراهيم صراحة لتولي رئاسة الوزراء، فإن استمرار تماسك تحالف الأمل المعارض بقيادته بات مشكوكا فيه، حيث ألمح مسؤولون في الحزب إلى أن مشاركة أمنو في السلطة قد تتسبب في خسارة قواعدهم الشعبية.

لكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملايو أوانغ أزمان باوي، لا يستبعد تغيّر موقف الحزب الذي تهمين عليه الأقلية الصينية في المعارضة، وذلك بالنظر إلى تغييرات كثيرة شهدها تاريخ الحزب، كان أبرزها تحالفه مع عدوه السابق مهاتير محمد.

لكن القيادي في حزب العمل الديمقراطي ليو تشن تونغ نائب وزير الدفاع السابق، يشبِّه وضع حكومة محيي الدين ياسين بما كانت تمر به حكومة عبد الله بدوي عام 2008، حيث تسبب إعلان أنور إبراهيم عن فقدانها للأغلبية البرلمانية بسقوطها، ولكن البديل كان نجيب عبد الرزاق وليس أنور إبراهيم.

ووسط جدل واسع تعيشه الساحة الماليزية بشأن مؤهلات أنور إبراهيم لقيادة البلاد، يرجّح مراقبون أن يلجأ الملك إلى تكليفه بمهمة غير رئاسة الوزراء، وذلك لتفادى تحدي أعضاء مجلس الحكام الذي يتشكل من سلاطين الولايات التسعة، والذين يعارض بعضهم بشدة تنصيب أنور إبراهيم على رأس هرم السلطة.

المصدر : الجزيرة