منع الندوات بعد قطع الإنترنت.. عسكر السودان يحاصرون قوى التغيير

Sudan’s military council deputy head Mohamed Hamdan Dagalo- - KHARTOUM, SUDAN - JUNE 18: Sudanese security forces take security measurements as Deputy Head of Sudan's Transitional Military Council, General Mohamed Hamdan Dagalo addresses local authority representatives in Khartoum, Sudan on June 18, 2019.
تشكيلات أمنية وعسكرية مشتركة منعت الندوات في عدد من أحياء الخرطوم وفقا لقوى الحرية والتغيير (الأناضول)

الجزيرة نت-الخرطوم

يُحكِم المجلس العسكري الانتقالي في السودان حصاره على قوى إعلان الحرية والتغيير يوما بعد يوم، لمنع تواصلها مع قواعدها للإبقاء على جذوة الثورة متقدة. وبعد قطعه خدمة الإنترنت، منع المجلس إقامة الندوات في الميادين العامة.

وعرف السياسيون في السودان الندوات كوسيلة للدعاية السياسية منذ عقود، لكن أهميتها تراجعت مع استغلال تجمع المهنيين السودانيين -أحد أبرز مكونات قوى الحرية والتغيير- منصات التواصل الاجتماعي من أجل التنظيم والحشد لسلسلة احتجاجات بدأت منذ 26 ديسمبر/كانون الأول وحتى 6 أبريل/نيسان، تحت اسم مواكب التنحي.

ونجح التجمع وحلفاؤه في القوى السياسية في تنظيم الحراك عبر مواقع التواصل وصولا للإطاحة بالرئيس عمر البشير ثم خلفه عوض بن عوف، وهو المصير ذاته الذي يبدو أن المجلس العسكري يخشاه.

وعمد العسكريون إلى قطع خدمة الإنترنت عن الهواتف المحمولة بعيد فض الاعتصام الذي كان مقاما أمام قيادة الجيش في الثالث من يونيو/حزيران الحالي، وهو ما لم تقدم عليه سلطات حكومة البشير التي اكتفت بحجب فيسبوك وواتساب وتويتر، ووقتها لجأ النشطاء إلى برامج الشبكات الافتراضية "في بي إن" (VPN).

قوات مشتركة
ومنعت تشكيلات مشتركة من الجيش والدعم السريع والشرطة وجهاز الأمن، قيام ندوات دعا لها تحالف قوى الحرية والتغيير في عدد من أحياء ولاية الخرطوم أمس الخميس.

وحشدت القوات منذ وقت مبكر شاحنات الدفع الرباعي في الميادين المعلنة لقيام تلك الندوات، كما حاصرت هذه الميادين بشكل محكم.

وقال عضو تجمع المهنيين السودانيين وليد صديق للجزيرة نت إن قوات مشتركة تضم كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية منعت ندوات في ضاحية شمبات بالخرطوم بحري، وأبو روف بأم درمان، وحي الصحافة جنوبي الخرطوم.

وفي أبو روف صعد ضابط من قوات الدعم السريع منصة الندوة وطلب فض التجمهر حتى لا تتعامل القوات مع الحضور بعنف، لكن منظمي الندوة لم يستجيبوا وواصلوا الندوة في ظل حصار القوات الأمنية للحي.

ويشير صديق إلى أن سلطات المجلس العسكري تنظر إلى هذه المناطق كبؤر شكلت عامل إلهام للثورة السودانية على مدى ستة أشهر، لذا لم تسمح بقيام هذه الندوات، بينما سمحت بندوة في حي حلفاية الملوك إلى الشمال من شمبات.

العودة لجداول الثورة
وأعلن تجمع المهنيين خلال الأسبوع الماضي جدولا للحراك الثوري بعد انسداد أفق التفاوض مع المجلس العسكري، حيث كانت قوى الثورة تعلن جداول أسبوعية للتظاهر كان آخرها جدولا امتد أسبوعين وانتهى بموكب السادس من أبريل/نيسان الذي تحول إلى اعتصام.

وركز جدول الأسبوع الماضي على عقد ندوات لإعادة التواصل مع القواعد إثر قطع الإنترنت، استعدادا فيما يبدو لسلسلة احتجاجات تهدف للضغط على العسكريين وحملهم على تسليم السلطة للمدنيين.

وبدأ نشاط الندوات مساء الثلاثاء الماضي بندوة في حي جبرة جنوبي الخرطوم، ظهر فيها القيادي في تجمع المهنيين محمد ناجي الأصم.

ويقول عضو التجمع وليد صديق إن الهدف من الندوات تنوير القواعد بشأن الخط السياسي لقوى الحرية والتغيير، بعد أن عمد المجلس العسكري لقطع الإنترنت بالكامل.

حيلة لمواجهة الحصار
وتحايلت اللجان الثورية في حي شمبات على حظر الندوة التي كان مقررا إقامتها في ميدان الرابطة المطل على شارع المعونة الحيوي، ونقلت الندوة إلى ميدان داخلي في الحي الذي شهد مظاهرات متواصلة قبل الإطاحة بالبشير.

وقال "أ.م" وهو عضو فاعل في لجان شمبات -للجزيرة نت- إن الندوة أقيمت بميدان داخلي بعد أن احتلت نحو 16 شاحنة صغيرة وشاحنتان كبيرتان للقوات النظامية الميدان الخارجي، فضلا عن قوة أخرى حاصرت الميدان من كل اتجاه.

وأشار إلى أن عناصر جهاز الأمن والمخابرات ظهرت لأول مرة في منطقتهم بعد اختفائها منذ سقوط البشير قبل حوالي شهرين.

وبنهاية يوم الخميس، انتهى جدول الحراك الثوري في انتظار جدول جديد يتوقع صدوره اليوم الجمعة بعد أن شهد الأسبوع ندوات ومواكب (مظاهرات) في عدة أحياء بالعاصمة الخرطوم، ومدن الأبيض بولاية شمال كردفان وبورتسودان بولاية البحر الأحمر والدويم بولاية النيل الأبيض.

بدائل الحراك
وبعد أن انتبه المجلس العسكري إلى خطورة الندوات التي أعقبها تحرك الاحتجاجات في الأحياء، سيكون على تحالف قوى الحرية والتغيير البحث عن بدائل جديدة.

ويؤكد عضو تجمع المهنيين وليد صديق أن من ضمن الخيارات القادمة تفعيل لجان الإضراب السياسي في المؤسسات، على أن تمضي الوسائل الأخرى مثل الاحتجاجات والندوات وحتى التفاوض بلا توقف.

ودعا تجمع المهنيين وحلفاؤه من القوى السياسية لإضراب سياسي في 28 و29 مايو/أيار الماضي حقق استجابة واسعة، كما تبنى عصيانا مدنيا أيام 9 و10 و11 يونيو/حزيران الجاري.

ومن المتوقع أن يعمل العسكريون على تقويض خطط أخرى لتحالف قوى الحرية والتغيير، مثل خطة الطواف على الولايات لتشكيل أجسام معتمدة للتحالف، وهو ما يضع هذه القوى أمام تحد كبير للحفاظ على ألق الثورة في الشارع.

المصدر : الجزيرة