استنكار كويتي لسلفي أجاز التطبيع مع إسرائيل

عبد الرحمن الجيران - عضو مجلس الأمة الكويتي
فتوى الجيران تخدم أنظمة سياسية بحسب بعض المراقبين (مواقع التواصل الاجتماعي)
نادية الدباس-الكويت
مزيج من الاستنكار والجدل أثارته فتوى الدكتور عبد الرحمن الجيران عضو مجلس الأمة الكويتي السابق بجواز التطبيع مع إسرائيل ليعود وسم #لا_للتطبيع_مع_إسرائيل لصدارة المشهد السياسي في البلاد.

فتوى الجيران -عضو هيئة التدريس في كلية التربية الأساسية- المحسوب على التجمع السلفي التي نشرها في تغريدة له على تويتر جاء فيها "التطبيع مع إسرائيل لا يتعارض مع الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية إذا توافقت الإرادات، ولا مانع شرعا من الصلح مع اليهود، وهذا ما أجمعت عليه الأمة الإسلامية بعلمائها الكبار وحكامها وحكمائها، ولا عبرة بشذوذ الإخوان المسلمين".

وما إن نشر الجيران فتواه هذه، حتى انهالت عليه الانتقادات من كل صوب ومن مختلف شرائح الكويتيين، الذين كان من بينهم بعض أعضاء مجلس الأمة الحاليين والسابقين وكذلك بعض السياسيين والناشطين إلى جانب المغردين في مواقع التواصل الاجتماعي.

التجمع الإسلامي السلفي وعلى لسان الوزير والنائب السابق علي العمير تبرأ من تصريحات الجيران، مؤكدا أنها تمثل الجيران نفسه ولا تعبر عن وجهة نظر التجمع السلفي الذي لا يقبل بأن يلصق به هذا التصريح به.

وبيّن العمير -للجزيرة نت- أن فتوى الجيران اجتهاد خاطئ منه يرفضه التجمع السلفي رفضا تاما، كما يرفض التطبيع مع إسرائيل التي تغتصب الأرض العربية والمقدسات الإسلامية.

العمير أوضح أن الكويت عندما تقول إنها ستكون آخر المطبعين فلا يعني ذلك أنها سوف تكون ضمن صفوف الدول التي تطبع العلاقة مع هذا الكيان، فالكويت بلد يحكمه الدستور والقرار فيها لا يقتصر على الجانب التنفيذي فقط وإنما التشريعي أيضا، حيث هناك برلمان يراقب السياسة الخارجية للحكومة.

وأعرب العمير في الوقت نفسه عن أمله في أن تكون هناك حلول سلمية في منطقة الشرق الأوسط تفضي في آخر المطاف إلى تحسن العلاقة المبنية على إرجاع الحق إلى أهله وإنهاء الاحتلال.

لم يختلف الأمر مع تجمع ثوابت الأمة ذي التوجه السلفي، فعلى لسان رئيس مكتبه السياسي عضو مجلس الأمة الكويتي السابق الدكتور بدر الداهوم اعتبر فتوى الجيران شاذة وغير معتبرة أو مقبولة نهائيا، مشيرا إلى أن فتوى الجيران هذه ليست الأولى من نوعها، حيث إن له فتاوى وتصريحات كثيرة تخالف رأي السلف والشرع وتخالف أيضا رأي الشعب الكويتي، وبالتالي لا يعول عليها، وفق الداهوم.

وقال الداهوم -في حديث للجزيرة نت- "لا للتطبيع مع إسرائيل في ظل احتلالها أراضي عربية لإخواننا الفلسطينيين، وفي ظل انتهاك حقوقهم واحتلال مقدساتنا العربية والإسلامية لا يعذرنا أن نكون آخر المطبعين لأن الجميع طبع فهذه ليست حجة، وحتى إن طبع العرب جميعا فإنه ليس من المقبول أن تقوم الكويت بالتطبيع".

وأعاد الداهوم التذكير بالمرسوم الذي أصدره أمير الكويت الراحل الشيخ صباح السالم الصباح في عام 1967 الذي يعتبر فيه إسرائيل كيانا صهيونيا وعدوا للأمة العربية والكويت، متسائلا كيف سيجري التعامل مع عدو صدر بحقه مثل هذا المرسوم؟

وأشار إلى صدور أصوات بين الفينة والأخرى قد يعتبرها البعض تمهيدية للتطبيع، مثمنا انسحاب رياضيين كويتيين وخروجهم من مباريات دولية كان خصومهم فيها لاعبين إسرائيليين.

رفض فتوى الجيران امتد كذلك إلى الليبراليين في الكويت، ومنهم عضو مجلس الأمة السابق صالح الملا الذي قال في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر "حتى لا تعمم مواقف مدعي الليبرالية على الآخرين وقد أُحسب منهم، أنا ليبرالي وأفتخر، ولي موقف واضح ورافض للتعامل مع الكيان الصهيوني الغاصب والمُحتل"، وأضاف "‏الكويت كانت وما زالت وستظل حرة أبية داعمة للقضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في الحياة، وسيادته على كامل ترابه".

أما هجوم الجيران على جماعة الإخوان المسلمين خلال تغريدته فقد فسره أستاذ الإعلام والدعوة في جامعة الكويت أحمد الذايدي بأنه محاولة أراد من خلالها الجيران مغازلة بعض الشرائح بالهجوم على الإخوان وإيهام الجمهور بأن رفض التطبيع حكر على الإخوان، مشيرا إلى أن البعض يستخدم الإخوان ليقول إنهم مرفوضون، وبالتالي فكل ما يصدر عنهم مرفوض أيضا.

ووصف الذايدي -خلال حديثه للجزيرة نت- رأي الجيران بأنه شاذ ولن ينطلي على عموم الناس، مشددا على أن هذه القضية لا تتعلق بالإخوان المسلمين، فهناك سلفيون وإسلاميون وغير إسلاميين وعلمانيون وقوميون وليبراليون يرفضون التطبيع مع إسرائيل.

وعلل الذايدي شذوذ فتوى الجيران بمخالفتها لإجماع علماء المسلمين، الذين وصل الأمر بالكثير منهم إلى عدم إجازة زيارة المسجد الأقصى لمن هم خارج فلسطين طالما هي تحت الاحتلال.
وأضاف الذايدي "الجيران لم يحدد في كلامه من هم العلماء الذين أجمعوا على جواز التطبيع مع إسرائيل، كما أنه لم يفرق بين اليهود والصهاينة المحتلين، وخلط عن قصد أو عن غير قصد ما بين هذا وذاك، لأن اليهود والنصارى أهل كتاب لهم حكم معروف في الشريعة وهو جواز التعامل معهم، لكن إذا كانوا محتلين فإن حكم التعامل معهم يتغير".

الذايدي ربط تصريحات الجيران بالمشهد العام المتضمن لاجتماع وارسو الأخير الذي جمع وزراء خليجيين بكبار المسؤولين الإسرائيليين، معتبرا أن صوت الجيران يمثل تيارا يخدم النظم السياسية ويعد كل ما يصدر من ولي الأمر عملا شرعيا، مشيرا إلى أن فتوى الجيران وتصريحاته ليست مقتصرة على الكويت وإنما تتعداها إلى دول خليجية أخرى.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي