إسرائيل أكثر الدول تسلحا وشعبها الأكثر خوفا

إسرائيل: أكثر الدول تسلحا وشعبها الأكثر خوفا وقلقا

قالت صحف ووسائل إعلام عبرية إن الحكومة الإسرائيلية ستنفق ثلاثين مليار شيكل (أكثر من ثمانية مليارات دولار) في السنوات العشر القادمة لتطوير أنظمة صواريخ مضادة للصواريخ.

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت في موقعها الإنجليزي (Ynet) إن الخطة ستغطي عموم إسرائيل، وستشكل درعا واقية من الصواريخ التي تعتبرها الدولة اليهودية أكبر تهديد عسكري لها، خاصة في العقدين القادمين.

وتملك إسرائيل عدة أنظمة فعالة مضادة للصواريخ، من بينها نظام القبة الحديدية (Iron Dome)، ومقلاع داود (David Sling)، إضافة إلى نظام باتريوت (Patriot) الأميركي المعروف.

نسبة نجاح القبة الحديدية في اعتراض الصواريخ والمقذوفات الفلسطينية لم تكن عالية

إخفاقات
يعترف قادة الجيش الإسرائيلي بأن نظامي القبة الحديدية ومقلاع داود لا يحققان نسبة عالية من النجاح في اعتراض وإسقاط الصواريخ والمقذوفات التي تطير على ارتفاع منخفض، مثل الصواريخ التي يطلقها الفلسطينيون من قطاع غزة صوب المستوطنات المجاورة.

ونقلت الصحف الإسرائيلية عن رئيس الأركان غادي آيزنكوت قوله إن نسبة نجاح القبة الحديدية في اعتراض الصواريخ والمقذوفات الفلسطينية (قذائف الهاون) خلال المواجهات الأخيرة لم تكن عالية. كذلك فشل نظام صاروخ مقلاع داود في اعتراض صواريخ أطلقت من الجانب السوري بتاريخ 24 يوليو/تموز، وذلك بسبب "خلل تقني".

ووفقا لمصادر غير رسمية إسرائيلية، فإن نسبة نجاح نظام القبة الحديدية، الذي طالما اعتبرته إسرائيل فخر صناعتها العسكرية؛ لا تتعدى 40%، ويعني ذلك أنه من بين كل عشرة صواريخ تُطلق على إسرائيل يتم اعتراض أربعة منها فقط.

الولايات المتحدة تعتبر الضامن الأساسي ليس فقط لأمن إسرائيل، بل أيضا لتفوقها النوعي

ميزانية ضخمة
تبلغ الميزانية العسكرية الإسرائيلية المعلنة نحو 19 مليار دولار، وهي من أكبر الميزانيات مقارنة بعدد السكان، كما أن الولايات المتحدة تعتبر الضامن الأساسي ليس فقط لأمن إسرائيل، بل أيضا لتفوقها النوعي على جميع الجيوش العربية مجتمعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كما تمتلك إسرائيل ترسانة نووية تشتمل على مئات الأسلحة النووية، إضافة إلى وسائل إطلاقها (Delivery systems) إلى أهدافها مثل الطائرات بعيدة المدى من طراز إف-35 وصواريخ "يريحو" التي يصل مداها إلى أكثر من 7800 ألف كيلومتر وتحمل رأسا حربية يتعدى وزنها نصف طن.

كما تمتلك إسرائيل أسطولا متطورا من الغواصات التي يمكن تجهيزها بأسلحة نووية إذا دعت الحاجة إلى ذلك، إضافة إلى ما ذكر تعتبر إسرائيل من الدول القليلة المتقدمة في مجال تطوير الأسلحة الكيميائية والجرثومية القاتلة، لكن تفاصيل تلك الأسلحة تبقى طي الكتمان.

من بين الأمثلة على الهوس الأمني الإسرائيلي تطوير طائرات مسيرة لاعتراض الطائرات الورقية

قلق مبالغ فيه
وعلى الرغم من تكدس الأسلحة كمًّا ونوعا، وحصول إسرائيل على الضمانات المتكررة والروتينية من الإدارات الأميركية المتعاقبة التي تؤكد بأقوى العبارات التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل وتفوقها على جميع أعدائها الفعليين والمحتملين؛ فإن كل ذلك لا يؤدي إلى تلاشي ظاهرة الخوف والقلق بين اليهود.

ومن بين الأمثلة على الهوس الأمني في أوساط المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية؛ قيام إسرائيل مؤخرا بتطوير طائرات مسيرة لاعتراض وتدمير الطائرات الورقية الملتهبة التي يطلقها الفلسطينيون وتتسبب في وقوع حرائق في الحقول الإسرائيلية المتاخمة لقطاع غزة.

غير أن هذه الوسيلة لم تحقق نجاحا يذكر في وقف ظاهرة البالونات والطائرات الورقية المشتعلة. ولعل ذلك يذكرنا بقيام الجيش الإسرائيلي في التسعينيات بابتكار ماكينة جرى تركيبها على العربات المصفحة، حيث تقوم بإلقاء الحجارة على الفلسطينيين.

خوف الإسرائيليين المبالغ فيه يشبه إلى حد بعيد القلق الدائم الذي يشعر به القاتل أو اللص

تفسيرات مختلفة
ولكن، ما السبب خلف ظاهرة القلق والهوس المبالغ فيه بالهاجس الأمني بين الإسرائيليين رغم أن إسرائيل من أكثر دول العالم تسليحا وتحصينا؟"

لا شك إننا نتحدث عن دولة مسكونة بالمخاطر الأمنية والأمن الشخصي بصورة ليس لها مثيل في دول العالم؛ فإسرائيل تملك أفضل الأسلحة -بما في ذلك السلاح النووي– ومع ذلك نرى اليهود من سكانها يعيشون في حالة خوف مستمر وقلق دائم.

إن خوف الإسرائيليين المبالغ فيه يشبه إلى حد بعيد القلق الدائم (existential anxiety) الذي يشعر به القاتل أو اللص؛ فالقاتل يخشى دائما أن تطوله يد العدالة، أو أن يصل إليه ذوو القتيل، وكذلك اللص يخشى دائما افتضاح أمره. فالقلق باق ما بقيت الدولة وأصحاب الدم لن يسامحوا ولن يسالموا، والدماء التي يحملها الإسرائيليون على أيديهم كثيرة وعجلة الزمن لا تتوقف والأيام دول.

إن الإسرائيليين يدركون في قرارة قلويهم أنهم يعيشون على أرض ليست لهم، سرقوها من أصحابها بقوة السلاح، وهذا ما يجعل الحكومات الإسرائيلية مهووسة بسن القوانين العنصرية مثل قانون القومية الأخير.

السبب الأساسي لإصابة إسرائيل بمرض نفسي جماعي مرده الجرائم الكبرى

قلق جمعي
إن انتشار ظاهرة القلق الأمني والخوف من المستقبل بين الإسرائيليين ليست مسألة دعائية أو هامشية، بل تستحوذ على الوعي واللاوعي اليهودي في إسرائيل، خاصة بين اليهود الغربيين الأشكناز مقارنة باليهود الذين قدموا من بلاد عربية وإسلامية؛ فالأشكناز بشكل خاص مسكونون بالخوف من الإبادة، ويشعرون بأن شبح اللاسامية يطاردهم أينما حلوا، رغم أنهم يدركون أن أكبر مولد ومحرك لللاسامية هو الجرائم المروعة التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين الذين لا يملكون الوسائل الحديثة للدفاع عن أنفسهم وأطفالهم.

صحيح أن اليهود الشرقيين لم يتعرضوا للإبادة، وعاشوا حياة عادية تقريبا في ظل الدول العربية والإسلامية، بل إنهم كانوا في أحوال كثيرة محسوبون على علية القوم، لذلك لا نراهم يعيشون هوس الهاجس الأمني مثل أقرانهم الغربيين"، لكن مرض الخوف والقلق انتقل إليهم من الأشكناز تماما كما انتقلت إليهم العنصرية المسمومة، ربما لكي يظهروا للمؤسسة الأشكنازية المهيمنة أنهم صهاينة أقحاح.

إن السبب الأساسي لإصابة إسرائيل بمرض نفسي جماعي (collective psychosis) مرده الجرائم الكبرى التي ارتكبتها الحركة الصهيونية وما تزال ترتكبها ضد الفلسطينيين.

ألا تلاحظ أنهم يفقدون صوابهم كلما ذكرهم الفلسطينيون والعالم بما فعلوه قبل عقود قليلة أي احتلال فلسطين وطرد أهلها وتشريدهم في أصقاع الأرض؟

ألا تلاحظون كيف أنهم يفقدون صوابهم ويطلقون الرصاص على صدور ورؤوس أطفال المدارس في غزة بمجرد اقتراب الأطفال من السياج الحدودي دون أن يشكلوا أي خطورة تذكر على الجيش الإسرائيلي؟! إن المجرم إذا خشي انكشاف أمره أو انتقام الضحية منه فإنه يزداد إجراما، ويتغول أكثر فأكثر؛ هذا هو التفسير المنطقي لتصرفات إسرائيل.

المصدر : الجزيرة