تركيا بين حربين: سيادية وسياسية
قالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية في افتتاحيتها إن تركيا تخوض حربا موازية لحربها المشتركة مع الولايات المتحدة للجم واستئصال تنظيم الدولة من العراق وسوريا المحاذيتين لتركيا.
ورأت الصحيفة أن الحملة العسكرية التي يشنها الجيش التركي ضد مجموعات حزب العمال الكردستاني التركي المحظور تضعف الحملة على تنظيم الدولة وتمتص زخمها.
وكانت القوات الجوية التركية بدأت حملة جوية ضد مقرات وتشكيلات حزب العمال في جنوب غرب تركيا وفي إقليم كردستان شمال العراق، ورد الحزب بهجمات على قوات الأمن التركية، الأمر الذي يعد مؤشرا على انهيار الهدنة بين الحزب وأنقرة التي عقدت منذ سنتين.
وتبادلت أنقرة والحزب الاتهامات بشأن المسؤولية عن انهيار الهدنة، وأكدت الأولى أن عملياتها العسكرية تأتي ردأ على قيام الحزب بخرق الهدنة واتفاق وقف النار، بينما ردّ الأخير باتهام أنقرة بالتقصير في حماية النشطاء الأكراد، في إشارة إلى حادث سروج الذي ذهب ضحيته عشرات الأكراد كانوا في مظاهرة سياسية.
ورأت الصحيفة أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يمتلك دوافع قوية لاستهداف حزب العمال الذي يخوض منذ عقود حرب عصابات ضد الدولة التركية.
المأزق الكردي
ورغم أن الولايات المتحدة تصنف حزب العمال على أنه كيان إرهابي، فإن ذلك لم يمنع دعم واشنطن مجموعات كردية سورية متحالفة مع الحزب، ونجحت في انتزاع بعض الأراضي من تنظيم الدولة في شمال سوريا، حيث يسكن الأكراد على الحدود مع تركيا.
ورغم نجاح الدعم الأميركي للأكراد في تقليص مساحة الأرض التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، فإن النجاحات الكردية التي أسهم فيها حزب العمال دقت ناقوس خطر في أنقرة التي تخشى احتمالات قيام دويلة كردية على حدودها الجنوبية وبالقرب من إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بالحكم الذاتي.
إن المنطقة العازلة المزمع إنشاؤها في شمال سوريا قرب الحدود التركية الجنوبية بالتعاون مع واشنطن، قد تفيد أنقرة من حيث منع أو وقف تمدد الأكراد السوريين غربا، إلا أن ذلك كله قد يمثل إغراء لأردوغان لدفع أجندته ومصالحه الداخلية قدما.
وكان أردوغان وحزبه يطمحان إلى إعادة كتابة دستور البلاد، الأمر الذي يتطلب أغلبية مطلقة في البرلمان، إلا أن ذلك لم يتحقق في الانتخابات بسبب بروز لاعب جديد هو حزب الشعوب الديمقراطي العلماني الذي حقق فوزا مفاجئا حرم حزب التنمية والعدالة التركي من الأغلبية المطلقة. يذكر أن حزب الشعوب الديمقراطي هو حزب ذو ميول كردية ولديه صلات بحزب العمال.
ويتوقع المراقبون أن يدعو أردوغان لانتخابات مبكرة في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، وسيراهن على انخفاض الدعم لحزب الشعوب الديمقراطي نتيجة الحملة القائمة على حزب العمال وهجمات الأخير على قوات الأمن التركية.
وتوقعت الصحيفة أن أي خسائر سيمنى بها حزب الشعوب الديمقراطي تعني مزيدا من المقاعد البرلمانية لأردوغان وحزبه، وبالتالي الاقتراب أكثر من الهدف المنشود، الأغلبية المطلقة.