الاحتقان بمصر محط اهتمام صحف أوروبا
حالة الاحتقان السياسي والاجتماعي التي تشهدها مصر استحوذت على اهتمام غالبية الصحف الأوروبية التي أبدت رأيها في الانقسام الحاد بين معارضي الرئيس محمد مرسي ومؤيديه، حيث يتجلى ذلك في كثير من الأحيان في شكل مواجهات عنيفة.
أدت المظاهرات الحاشدة التي شهدتها مصر الأحد الماضي إلى مقتل 16 شخصا وإصابة المئات، ويبدو أن أحداث العنف لن تتوقف في الأيام المقبلة بسبب تصلب مواقف مؤيدي الرئيس ومعارضيه.
وفي هذا السياق اعتبرت صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ أن السنة الأولى لحكم مرسي تميزت بضياع فرص التوافق، وكتبت تقول "العام الأول لمرسي كان عام الفرص الضائعة.. الأخطاء ارتكبت من جانب الرئيس والمعارضة".
وأضافت الصحيفة أن الرئيس مرر الدستور رغم مقاومة المعارضة، وتمسك بحكومة غير ناجحة، ومقابل ذلك نجد أن المعارضة رفضت كل دعوة وجهها مرسي للحوار ورفضت التعاون بشكل قاطع، مشيرة إلى المصريين يحتاجون إلى عملية سلام خاصة بهم.
كارثية
صحيفة أوسنبروكر تسايتونغ وصفت حصيلة مرسي بعد سنة من توليه زمام الحكم بالكارثية، وقالت إنه بحلول الذكرى السنوية الأولى لتوليه السلطة زادت الفجوة عمقا بين مؤيديه ومعارضيه.
وتعزي الصحيفة نجاح الرئيس حتى الآن في مواجهة المعارضة في ميدان التحرير إلى الدعم الواسع من المصريين المحافظين، ولاسيما سكان الريف.
وتحذّر مرسي في الوقت نفسه من أن حالة عدم الرضا تكبر لدى الذين منحوا أصواتهم للإخوان المسلمين لأنهم ينشدون الاستقرار والرفاهية، لكن الواقع يعكس فقط ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية، وتزايد أعداد العاطلين عن العمل وتفاقم التوترات الاجتماعية.
أمّا صحيفة دي فيلت فاعتبرت أن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في مصر، وصلت إلى حد لا يطاق بالنسبة للمواطنين الذين لم يلمسوا منذ تولي مرسي زمام السلطة تحسنا في ظروف حياتهم اليومية.
ولاحظت الصحيفة أن الجيش في مصر يمثل النخبة المعتادة على بسط سيطرتها باستمرار، وحتى بعد إعفاء الرئيس مرسي في أغسطس/آب الماضي لجنرالين من مهامهما، فإن الجيش يظل القوة الحاسمة في البلاد.
استطلاعات
وتؤكد دي فيلت أن المصريين مرتاحون لذلك، ضاربة المثل ببعض استطلاعات الرأي الحديثة التي تقول إن 94% من أفراد المجتمع يثقون في الجيش، ويرون فيه القوة الوحيدة القادرة على إخراج البلاد من الأزمة.
وتشير الصحيفة إلى استطلاع يؤكد هبوط شعبية مرسي بين المواطنين من نحو 60 إلى 26%، وأن 70% من المصريين لا يثقون في قدرته على قيادة زمام الأمور.
وترجع الصحيفة ما ورد في هذه الاستطلاعات إلى الفقر المدقع كأحد الأسباب الرئيسية، فخلال ولاية حكمه لم تتراجع عائدات قطاع السياحة فقط، بل إن 1500 مصنع أعلنت إفلاسها في غضون عامين.
في الوقت نفسه تقلص مخزون العملة الصعبة، وارتفع مستوى التضخم وأسعار المواد الغذائية، فالمصريون يصرفون حاليا نصف راتبهم الشهري لاقتناء مواد غذائية أساسية، وأكثر من 25% من مجموع المصريين يعيشون تحت عتبة الفقر.
ودفع هذا الوضع بعض المحللين -حسب صحيفة دي فيلت- للتعبير عن خشيتهم من أن تنزلق البلاد مستقبلا إلى ظروف شبيهة بتلك التي سادت عام 1977 عندما قمع الرئيس أنور السادات انتفاضة شعبية ضد غلاء المعيشة، وقالت إنه في غضون سنة ارتفعت نسبة جرائم السرقة بنسبة 350%.
احتقان شديد
وفي تعليقها على أحزاب المعارضة المصرية، قالت صحيفة دي فيلت إنها فوتت فرصة توحدها وترسيخ حضورها في جميع أنحاء البلاد وتكوين قاعدة شعبية، فغالبية المتحدثين باسمها ينتمون لنخبة القاهرة المعروفة بمواطن ضعفها وهي العجرفة والميول إلى الفساد وعدم القدرة على التوافق.
أما صحيفة ذي أوبزيرفر البريطانية فقالت إن منتقدي مرسي وأنصار النظام السابق والقوميين واللبراليين متوحدون في رفضهم للرئيس، لكن جماهير الشعب قلقة أساسا من ارتفاع حدة الأزمة الاقتصادية، وذلك بلا شك هو التحدي الكبير والملح أمام مصر.
وقالت الصحيفة ناصحة إن من الأفضل في هذه الظروف أن يحصل توافق بين مختلف تيارات المعارضة والرئيس مرسي والإخوان المسلمين، فمصر لا يمكنها تحمل نزاعات، والعالم العربي ينظر إلى البلاد بترقب، ويجب تلبية شعار الثورة الذي يطالب "بالرغيف والحرية والعدالة الاجتماعية".