تولي مرسي وانعكاساته على المنطقة
اعتبرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن تولي الرئيس المصري محمد مرسي الرئاسة في مصر هو تتويج لرحلة جماعة الإخوان المسلمين التي استغرقت 84 عاما للوصول إلى السلطة، ورغم أن مرسي قد استقال من الجماعة سعيا منه نحو الوحدة الوطنية، فإن هذا لا ينفي أنه خاض الانتخابات الرئاسية وفاز بها تحت اسم مرشح حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الإخوان المسلمين.
ورأت الصحيفة أن الأحداث في مصر -أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان- لا بد أن يكون لها انعكاسات عميقة على العالم العربي، ومشاعر مختلطة لوصول رئيس إسلامي كأول رئيس منتخب فيها. ووصفت الصحيفة تلك المشاعر بأنها خليط من الارتياح والتخوف.
وقالت الصحيفة إن دول المشرق العربي تراقب عن كثب صعود التيار الإسلامي في أكثر من بلد في المغرب العربي، فقبل مصر كانت هناك تونس التي تتولى الحكومة فيها أحزاب إسلامية، وتوقعات قوية بفوز الإسلاميين في انتخابات ليبيا.
هناك مستوى عال من القلق والشك إلى جانب شعور بالارتياح. الأمر يعتمد على المزاج السياسي لكل شخص |
ويقول لبيب قمحاوي، المحلل السياسي في العاصمة الأردنية عمان "هناك مستوى عال من القلق والشك إلى جانب شعور بالارتياح. الأمر يعتمد على المزاج السياسي لكل شخص".
وتعتقد الصحيفة أن أكثر مكان ستظهر فيه انعكاسات الوضع المصري الجديد هو سوريا، حيث يبرز الفرع السوري للإخوان المسلمين كلاعب رئيسي وقطب تنافسي ضمن قوى المعارضة في المشهد السوري، الأمر الذي يبين مدى التعقيد الذي وصلت إليه الأمور في المشرق العربي بين الإسلاميين والعلمانيين، أي بين الحاكم والمحكوم.
وفي مدرسة في ضواحي مدينة حماة السورية، تحلق عدد من الناشطين وعناصر من الجيش السوري الحر حول التلفزيون لمشاهدة خطاب تنصيب مرسي الذي نقل على الهواء من جامعة القاهرة، وقال فيه إنه لن يدخر وسعا لدعم الثورة السورية، وانفجر كل من كان يشاهد المشهد بالتكبير والتهليل.
وتنقل الصحيفة عن مصعب الحمادي الناشط السوري قوله "هذا يقنعنا بأن أي ثورة مآلها النجاح. نحن متفائلون اليوم أكثر من السابق".
وعلّقت الصحيفة بالقول، إن كلمات مرسي تدل على الولوج السريع لمرسي في حقل السياسة الخارجية، وتشير بأكثر من دليل على سعي الإخوان لتقوية عضد نظرائهم في البلدان الأخرى.
ونقلا عن ملحم الدروبي -العضو في حركة الإخوان المسلمين السورية- فإن زملاءه سيلتقون مرسي في القاهرة قريبا للتباحث بشأن سبل دعم مصر جهود المعارضة السورية في إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد. وسيكون مطلب المحادثات الرئيس هو قيام مصر بإغلاق قناة السويس أمام السفن الروسية والإيرانية التي تمد نظام الأسد بالسلاح. إلا أن الصحيفة وصفت المطلب بأنه ذا انعكاسات على الجغرافيا السياسية في المنطقة.
ويقول الدروبي "الأمر يجعلني أشعر بالفخر، ولكني أيضا أشعر بحجم التحديات التي تواجه الإخوان المسلمين ليثبتوا للعالم أن لديهم القدرة على الحكم. إن ما حدث سيثبت للعالم وقبل ذلك للعرب، أن الإخوان ليسوا تهديدا لأحد".
التخوفات تحوم بالتحديد حول السياسة الخارجية للإخوان وكيف سيكون شكلها، فهل سيحاولون تصدير نموذجهم؟ سيثير ذلك الكثير من القلق |
ولكن الأمر لا يسلم من بعض التشكك من قبل العلمانيين في المعارضة السورية، ويقول شكيب الجابري "القوى العلمانية في الثورة (السورية) كثيرة، وترى أن الإخوان يحاولون إقحام أجندتهم على حساب الثوار، وهذا هو منبع الرد السلبي تجاههم".
لكن الصحيفة أشارت إلى أن مرسي كان حريصا في خطاب تنصيبه على التعامل مع المخاوف التي في خواطر الجميع، فأكد بوضوح أن "المصريين لا يصدرون ثورات".
ويتوقع المحللون أن يكون أمام مصر التي يعاني اقتصادها من مشاكل عويصة طريق طويل لتعود إلى لعب دور ريادي في المنطقة.