مصطفى الخلفي: حكومة العثماني واجهت تحديات

مصطفى الخلفي الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني

حوار/ سناء القويطي-الرباط

قال مصطفى الخلفي الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، إن السنة الأولى للحكومة الثانية للإسلاميين -التي يرأسها سعد الدين العثماني– لم تكن سنة عادية، وكانت امتحانا للتجربة الحكومية بالنظر للتحديات والصعوبات التي واجهتها.
 
ورغم ذلك -يضيف الوزير- استطاعت بعد مرور سنة من عملها أن تمتص وتستوعب وتتكيف مع هذه التحديات لتستعيد دينامية الإصلاحات التي انطلقت مع الحكومة السابقة.

واعتبر الخلفي أن الاحتجاجات التي شهدها عدد من المدن المهمشة، ليست وليدة اليوم أو نتاج  قرار حكومي، بل هي نتاج مشاكل في مناطق عانت من التهميش والتمييز لعقود، وهو ما يوضحه في الحوار التالي:

undefined مرت سنة على تعيين الحكومة الثانية التي يقودها الإسلاميون في المغرب، كيف تفسر صمود هذا التيار السياسي في المغرب بعد سبع سنوات من الربيع العربي بخلاف دول عربية أخرى؟

المغرب كان له دائما تميزه وخصوصيته، لعراقة وقوة نظامه السياسي القائم على الملكية والتعددية السياسية المتجذرة وإدماج مختلف الفاعلين السياسيين في إطار مقومات البلد وثوابته.

لهذا عندما جاء ما سمي الربيع الديمقراطي في 2011، كان المغرب مختلفا في تفاعله بالمقارنة مع باقي الدول، إذ تفاعل بطريقة استباقية وهو ما تمثل في قيادة جلالة الملك محمد السادس لجيل من الإصلاحات ما زال مستمرا إلى اليوم.

عندما برزت نزعة استئصال الإسلاميين في التسعينيات في المنطقة المغاربية مثلا، نأى المغرب بنفسه عن ذلك الخيار، وبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول كان المغرب له خياره المتميز بهذه النزعة الإدماجية الإيجابية، وهو نفس النهج الذي سار عليه تفاعلا مع التحولات التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة.

فالنسق السياسي في المغرب يسع الفاعلين السياسيين المشتغلين في إطار الثوابت الدستورية، وقد كان لحكمة الملك محمد السادس وقيادته للإصلاحات الدور الحاسم في جعل التجربة الإصلاحية مستمرة وتتقدم رغم ما قد تواجهه من تحديات.

وهناك عوامل أخرى لها علاقة بتجذر التعددية السياسية والثقافية وأثر الأداء السياسي والاقتصادي والاجتماعي للحكومة، وهنا لا بد من الوقوف عند حصيلة العمل الحكومي في السنوات الماضية مع الحكومة السابقة ومع الحكومة الحالية، فالحصيلة كانت مشرفة ونتيجة لذلك برز تصويت إيجابي في محطتين انتخابيتين سنتي 2015 و2016.

ففي سنة 2015 -سنة الانتخابات الجماعية- حصل الحزب الذي يقود الائتلاف الحكومي (أي العدالة والتنمية) على الأغلبية المطلقة من الأصوات في 19 مدينة من أصل 36 مدينة، وحصل على الأغلبية في المدن الست الكبرى التي تعتمد نظام وحدة المدينة، وتأكد هذا الرصيد في الانتخابات التشريعية لسنة 2016.

‪عاش المغرب على وقع عدد من الاحتجاجات والتحركات الاجتماعية‬ (الجزيرة)
‪عاش المغرب على وقع عدد من الاحتجاجات والتحركات الاجتماعية‬ (الجزيرة)

 undefined تشتغل الحكومة الثانية التي يقودها حزب العدالة والتنمية في سياق وطني ودولي مختلف، وهي تواجه اليوم انتقادات لاذعة من الخصوم وحتى المتعاطفين معها. هل تواجه هذه التجربة عراقيل وضغوطا لإنهائها؟

لا بد أن نعترف أن السنة الأولى للحكومة التي يرأسها سعد الدين العثماني لم تكن سنة عادية، إذ واجهت صعوبات عدة نتيجة تأخر تشكيلها وعدم اعتماد قانون المالية في الأجل المحدد، وبسبب تزامن بداية عملها مع احتجاجات في مدينتي الحسيمة ثم جرادة.

إذن هذه السنة كانت في الحقيقة امتحانا للتجربة الحكومية وما إذا كانت لها القدرة على التفاعل والتكيف مع هذه التحديات، ينضاف إليها التحديات التي واجهها الحزب على المستوى الداخلي وتتعلق بقيادته وتقييمه للتجربة السابقة، وهو ما دفعه لإطلاق حوار داخلي حول الموضوع.

أنظرُ إلى الانتقادات التي توجه للحكومة على أنها جزء من هذا الأمر، ورغم ذلك استطاعت بعد مرور سنة من عملها أن تمتص وتستوعب وتتكيف مع هذه التحديات لتستعيد دينامية الإصلاحات التي انطلقت في المرحلة السابقة.

وتبرز هذه الدينامية من خلال عدة مستويات، الأول له طابع اجتماعي إذ نتقدم في الوفاء بالإصلاحات التي أعلن عنها، والمستوى الثاني له دلالة ويعكس نظرة العالم لنا وهو المستوى الاقتصادي، إذ ارتفعت الاستثمارات الأجنبية، وحافظنا على المستوى الأدنى من احتياطي العملة الصعبة، فضلا عن تعزيز الاستثمار الداخلي.

ومع ذلك أؤكد على أن التحديات الاجتماعية والتنموية قائمة، وما بذل غير كاف بالنظر لاستمرار فوارق اجتماعية حادة في بعض المناطق.

undefined بالرغم من هذه الجهود، فإن ذلك لم يمنع ظهور احتجاجات في عدد من المدن المهمشة كون سكان هذه المدن لا يلمسون أثرا لما تحصونه من إنجازات؟

ظاهرة الاحتجاج في المغرب قديمة وجزء من الحياة السياسية في بلدنا، إذ تُنظم في المغرب ما بَين 30 و35 وقفة احتجاجية يوميا، وهي احتجاجات ذات طابع اجتماعي، وأسبابها ليست وليدة اليوم أو نتاج  قرار حكومي بل هي نتاج مشاكل في مناطق ينبغي أن نعترف أنها عانت من التهميش والتمييز لعقود، لذلك كان من الأولويات التي اشتغلت عليها الحكومة إطلاق البرنامج الخاص بمحاربة الفوارق المجالية، وخصصت له ثمانية مليارات درهم (حوالي 865 مليون دولار) في السنة الأولى، وهذه السنة سبعة مليارات درهم (حوالي 757 مليون دولار)، والهدف هو حل المشاكل المرتبطة بالتنمية ومحاربة الفوارق بين الجهات.

فعموم المطالب الاجتماعية -إن لم أقل غالبيتها- مشروعة ومتفهمة، لأن جوهرها ما هو اجتماعي وتطالب بمحاربة فوارق صارخة.

undefined واجهت الحكومة الحالية منذ تنصيبها حراكين اجتماعيين قويين: الأول في الحسيمة والثاني في جرادة، ونهجت الحكومة في البداية أسلوب الحوار لكنه انتهى بالتدخل الأمني واعتقال محتجين ومحاكمتهم. لماذا لجأتم إلى هذا الخيار لإنهاء الأمر؟

أولا ينبغي التمييز بين الاحتجاجات في كل مدينة وسياقها، ففي الحسيمة كان هناك برنامج للتنمية أعلن عنه ولم يتم تنفيذ جل مكوناته وفق الآجال المعلنة، وبالنسبة لجرادة كانت المطالبة مرتبطة ببديل اقتصادي تنموي جديد.

موقفنا في الحسيمة كان هو الإنصات والسعي إلى الاستدراك وتعبئة الموارد المالية اللازمة لتنفيذ المشاريع المعلنة، مع الإقرار بوجود صعوبات خاصة مع الاحتجاجات التي سجلت. وأما في مدينة جرادة فكان العمل على اعتماد برنامج تنموي، وفعلا حصلت التعبئة في مجال الطاقة ببناء محطة حرارية خامسة وإطلاق تعاونيات في مجال الفحم وسحب الرخص العشوائية ووضع برنامج صناعي وفلاحي وبرنامج على المستوى الصحي والتعليمي وبرنامج لحل إشكالية الكهرباء بحيث تم إلغاء غرامات التأخير أو جدولتها، واستغرق الحوار أشهرا وتسارع الأمر في شهر فبراير/شباط، واتفقنا على برنامج تنموي بعد أن استمعت الحكومة لمطالب الساكنة ووافقت على تلبيتها كلها باستثناء طلب واحد يتعلق بمجانية الكهرباء.

في المغرب الحق في التظاهر مكفول ولكن في إطار القانون، في المقابل نحن معنيون بتنزيل البرامج التنموية التي وعدنا بها وتشجيع المستثمرين على التوجه للاستثمار في المدن والمناطق التي بقيت مهمشة والسعي لتوزيع منصف لها، وأهم عناصر التشجيع: وجود حالة من الاستقرار والهدوء.

وعموما وجود حركة احتجاجية أو احتجاجات في مدينة هو جزء من الحياة الديمقراطية، وما علينا في الحكومة إلا الإنصات للمطالب المعقولة والعمل على معالجتها، مع الإقرار بأن الأمر ليس سهلا.

 undefinedهناك مناطق مغربية أخرى تعيش الإشكالات التنموية نفسها. هل ستستمرون في لعب دور الإطفائي وتتفاعلون فقط مع مطالب ساكنة المناطق التي تشهد احتجاجات فقط؟ أليس لدى الحكومة عرض اجتماعي واضح يجيب عن الفوارق الاجتماعية؟ 

استعمال كلمة "إطفائي" غير دقيق، لأن الحكومة توجهت في اشتغالها الميداني لجهات ومناطق لم تشهد احتجاجات كبيرة مستمرة في الزمان، وعقدت وفود وزارية برئاسة رئيس الحكومة لقاءات مع المنتخبين من أجل الوقوف على الإشكاليات الموجودة على الأرض في جهة فاس مكناس وفي جهة بني ملال خنيفرة وجهة درعة تافيلالت. وهذا نموذج عملي على أن الحكومة توجهت لمختلف الجهات مع إعطاء الأولوية لتلك التي تعرف خصاصا أكبر أو عانت من التهميش.

وكما قلت سابقا، وضعنا برنامجا وطنيا لمحاربة الفوارق المجالية في يوليو/تموز الماضي، وميزانيته موجهة لمعالجة الخصاص في التعليم والصحة والطرق والماء والكهرباء في المدن الهشة والفقيرة.

البرامج الاجتماعية التي تضعها الحكومة موجهة لجميع المناطق حتى لا يعتقد المواطن أنه لكي نعالج مشاكله عليه أن يحتج، وقد أعطيت نموذجا للزيارات التي تمت لبعض الجهات، والسيد رئيس الحكومة أعطى تعليماته لكافة الوزراء بالنزول إلى الميدان والعمل على التصدي بشكل استباقي للمشاكل المطروحة.

وفي هذا السياق، أطلقنا مبادرتين نوعيتين: أولاهما مبادرة التلقي الإلكتروني للشكايات ومعالجتها، والثانية لجنة لتلقي العرائض من أجل إشراك المواطنين والمجتمع المدني في عملية التنمية ومعالجة الاختلالات.

‪الخلفي: المغرب يستدين من أجل تمويل عدد من المشاريع الكبرى التي أطلقها في البنى التحتية‬ (الجزيرة)
‪الخلفي: المغرب يستدين من أجل تمويل عدد من المشاريع الكبرى التي أطلقها في البنى التحتية‬ (الجزيرة)

undefinedجئتم إلى الحكومة الأولى والثانية بشعار محاربة الفساد. أين يتجلى هذا الشعار في عمل الحكومة بعد ست سنوات من التدبير؟

لا يمكن أن نتصور عملية تقدم من دون محاربة الفساد، هذه أولوية لكن صعبة ومعقدة ونتائجها لا تظهر سريعا. لقد اعتمدت الحكومة السابقة في سنة 2016 إستراتيجية من مقتضياتها إرساء لجنة وطنية لمحاربة الفساد بشراكة مع المجتمع المدني والقطاع الخاص، والحكومة الحالية صادقت على المرسوم المنظم لعمل هذه اللجنة وانطلقت في عملها يوم 4 أبريل/نيسان، ولا ينبغي أن نستهين بتحسن تصنيف المغرب بتسع نقط في مؤشر مدركات الفساد الذي تصدره منظمة ترانسبارانسي الدولية، إذ تقدمنا بتسع نقاط بين 2016 و2017، وذلك بفضل عدد من الإجراءات الحكومية من بينها إطلاق الرقم الأخضر لمحاربة الرشوة من لدن وزارة العدل، وهي تجربة مميزة مكنت من توقيف عدد من الأشخاص في حالة تلبس والحكم بعقوبات سجن لمسؤولين متورطين في قضايا فساد، كما بلغ عدد قضايا الرشوة في المحاكم 13 ألف قضية سنويا. 

نحن نعتبر المعركة مع الفساد معركة طويلة ولا زالت مستمرة نتقدم فيها خطوات، وهي لا تقل عن معركة تعزيز حقوق الإنسان والحريات.

undefinedتحذر عدد من التقارير الوطنية والدولية من ارتفاع المديونية وتأثير ذلك على مالية الدولة والنمو الاقتصادي. كيف تتعامل الحكومة مع هذه التحذيرات؟

– لأول مرة خفضنا المديونية لتستقر في 64%، وهي نسبة متحكم فيها الآن خاصة بعدما قلصنا العجز، وهنا أشير إلى أنه كلما كان العجز أقل كانت المديونية كذلك أقل.

المغرب يستدين من أجل تمويل عدد من المشاريع الكبرى التي أطلقها في البنيات التحتية، ومن ذلك مشروع بناء ثلاثة سدود كبرى كل سنة وعشرة سدود صغرى، ومشاريع الطاقة المتجددة ومشاريع تحلية مياه البحر ومشاريع الطرق. 

undefinedرافق قرار الحكومة تعويم الدرهم مخاوف من تأثيره على القدرة الشرائية. بعد أكثر من شهرين على تنفيذ هذا القرار، كيف تقيمون النتائج؟

هذا الموضوع هو أحد الإصلاحات الكبرى التي انطلقت مع الحكومة السابقة وعملت الحكومة الحالية على تنفيذها في إطار الاختصاصات الموكولة لها، والحمد لله كانت خطوة ناجحة دحضت عددا من المقولات التي لم تكن لها ثقة في الاقتصاد المغربي وفي قوة الدرهم المغربي.

اليوم تمت العملية بنجاح، وسيكون لها دورها في تعزيز تنافسية الاقتصاد المغربي وفي دعم الانفتاح الاقتصادي لبلدنا، على اعتبار أن هذا النظام المالي لسعر الصرف يشكل صمام أمان إزاء التقلبات التي تقع على المستوى العالمي.

undefinedرغم المواقف المعلنة الرافضة للتطبيع، فإن الحكومة متهمة بغض الطرف عن العديد من المحاولات التطبيعية، مثل استقبال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق في البرلمان المغربي وعزف النشيد الإسرائيلي في مسابقة دولية في أكادير. كيف تفسرون هذا التناقض الذي يصف البعض به الحكومة؟

الموقف المغربي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية واضح وقوي ومتميز بالسبق، سواء في التفاعل مع المشروع الإسرائيلي لتهويد القدس أو إقدام الإدارة الأميركية على نقل سفارتها إلى القدس وإعلانها عاصمة لإسرائيل، أو إزاء قتل الفلسطينيين في مسيرة العودة. موقفنا كان دائما يدعم الصمود الفلسطيني ويرفض تغيير الطابع الإسلامي والمسيحي للقدس ويدعم السلطة الفلسطينية، كما أن المغرب ليست له علاقة رسمية مع إسرائيل وهو الموقف الثابت الذي نعبر عنه دائما.

undefinedيعيش المغرب حالة من التعبئة ردا على ما قال إنها محاولات من جبهة البوليساريو تغيير المعطيات الميدانية في المنطقة العازلة بالصحراء بشكل يخرق اتفاق وقف إطلاق النار، في المقابل قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن المينورسو لم ترصد أي تحرك في تلك المنطقة. ما الذي يقع بالضبط في المنطقة العازلة؟

فعلا، لقد وجد المغرب نفسه في مواجهة مناورات استفزازية من طرف جبهة البوليساريو الانفصالية التي سعت إلى تغيير الوضع على مستوى المنطقة العازلة شرق الجدار الدفاعي إلى الحدود الدولية للمغرب مع الجزائر، وذلك بإرساء منشآت في المنطقة واستقبال سفراء دول أفريقية فيها، علما بأن الوضع فيها منظم بمقتضيات اتفاق وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991 والذي عندما أعلن لم يكن هناك وجود للبوليساريو ورفض أن يكون لهم.

أمام هذا الوضع اتخذ المغرب موقفا حازما استند فيه إلى أدلة موثقة وانخرط في حملة على المستوى الدولي لشرح حقيقة ما يقع للدول العظمى والأمم المتحدة، حتى يتحمل كل طرف مسؤوليته.

وفي هذا الصدد وجّه جلالة الملك محمد السادس الأربعاء 4 أبريل/نيسان 2018 رسالة خطية إلى الأمين العام للأمم المتحدة، تم التأكيد فيها على أن هذه الخطوات تمثل تهديدا لوقف إطلاق النار المعلن، وانتهاكا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، كما تقوض بشكل جدي المسلسل السياسي الجاري تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة عبر المبعوث الشخصي السيد هورست كوهلر.

ويمكن الإشارة إلى أربع وقائع تشكل العناصر التي تثبت ما يتعلق بالتحولات التي حصلت في القضية، وهي:

– أن رئيس بعثة المينورسو السيد كولن ستيوارت الممثل الخاص للأمين العام، لم يتم استقباله لغاية اليوم من قبل البوليساريو بسبب وضعها شرطا يتعلق باستقباله في منطقة تيفارتي أو بئر لحلو، وليس بتندوف بالجزائر كما كان الحال منذ إحداث بعثة المينورسو.

– الرسالة التي وجهت من طرف البوليساريو إلى قائد القوات العسكرية بالمينورسو في 24 مارس/آذار، أبلغت فيها نيتها إنشاء مواقع عسكرية ثابتة في هذه المنطقة شرق الجدار الأمني الدفاعي.

– التصريحات العلنية للبوليساريو بتشجيع من الجزائر بشأن نقل بعض بنياتها الإدارية من تندوف إلى تيفارتي وبئر لحلو، وخاصة ما يسمى وزارة الدفاع بالجمهورية المزعومة والأمانة الوطنية للبوليساريو.

– صور ملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية في 8 أغسطس/آب الماضي أظهرت وجود أساسات في هذه المناطق، وأخرى ملتقطة في 26 مارس/آذار الماضي أظهرت استكمال البناء ووجود ثكنات عسكرية وعدة مباني.

وبالعودة إلى تطور الأحداث، فتلك المنطقة كانت تحت مسؤولية المغرب ووافق على وضعها تحت مسؤولية الأمم المتحدة سنة 1991 بهدف تسهيل تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، من طرف بعثة المينورسو.

وقد وجه المغرب خلال نفس السنة رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة خابيير بيريز دي كوييار بعد رصد تحركات لعناصر مسلحة من البوليساريو، دعا فيها إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة هذا الأمر، وأشار إلى حق المملكة المغربية في اتخاذ ما تراه مناسبا لحفظ الأمن في المنطقة.

وقد سبق للبوليساريو أن تقدمت بمطالب ليكون لها وجود عسكري في المنطقة العازلة بشكل متكرر منذ سنة 1991، إلا أنها قوبلت بالرفض، وتأكد هذا الرفض في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي وجهه لمجلس الأمن حول هذا النزاع في 1995، وأشار فيه إلى أن أي وجود عسكري للبوليساريو بين شرق الجدار والحدود الدولية مع الجزائر مخالف للشرعية الدولية.

وقد لفت تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء الصادر في أبريل/نيسان 2005 إلى ضرورة إشعار بعثة المينورسو عند القيام بمظاهرات في الشريط الفاصل، واعتبر مشاركة عسكريين مسلحين في المظاهرات بالشريط من شأنه أن يشكل انتهاكا للاتفاق العسكري، لذلك يتعين على منظمي المظاهرات أن يحرصوا على عدم إدخال أي أسلحة إلى هذه المنطقة، وعلى عدم ارتداء أي متظاهر للباس عسكري أو شبه عسكري، وذلك لإزالة كل مصدر محتمل للاستفزاز.

وبالنظر لما قامت به جبهة البوليساريو من تحركات في المنطقة، فنحن إزاء خرق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار، وما حصل هذه المرة هو محاولة يائسة لاستفزاز المغرب بعد الضربات المتتالية التي تعرضت لها الجبهة إثر استمرار سحب الاعترافات بها، وهو أيضا رد فعل بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي واكتسابه عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي، وهو الأمر الذي أنهى إمكانية استصدار مواقف باسم الاتحاد ضد الوحدة الترابية للمغرب.

اليوم نحن إزاء مناورة استفزازية لن نسمح بها، وسيتم إيقافها بكل الإجراءات اللازمة.

المصدر : الجزيرة