20 كيانا مسلحا يتصارعون في ليبيا

قوات فجر ليبيا تدخل مطار طرابلس الدولي وتسيطر على مركز لكتيبة الصواعق
قوات فجر ليبيا في معركة مطار طرابلس الدولي قبل سيطرتها على مركز لكتيبة الصواعق (الجزيرة)

تعاني ليبيا من أزمة سياسية منذ سقوط نظام الرئيس الراحل العقيد معمر القذافي، لكنها تحولت إلى مواجهة مسلحة متصاعدة في الشهور الأخيرة، بين تيار محسوب على الليبراليين وآخر محسوب على الإسلاميين، ما أفرز جناحين للسلطة في البلاد لكل منهما مؤسساته.

الجناح الأول معترف به دوليا في طبرق (شرق) ويتألف من: مجلس النواب، الذي تم حله من قبل المحكمة الدستورية العليا، وحكومة عبد الله الثني المنبثقة عنه، إضافة إلى ما يسميه هذا الجناح "الجيش الليبي".

أما الجناح الثاني للسلطة، وهو في طرابلس (غرب) فيضم، المؤتمر الوطني العام ومعه رئيس الحكومة عمر الحاسي، فضلا عما يسميه هذا الجناح هو الآخر "الجيش الليبي، تنظيم شباب شورى الإسلام".

وعلى صعيد التشكيلات العسكرية، فهناك أربعة كيانات تصطف مع الحكومة المدعومة من المؤتمر الوطني العام في طرابلس، و12 مع الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب في طبرق، وأربعة كيانات لا توالي أيا من الفريقين، لكنها تقاتل قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

خلفية الصراع
منذ الإطاحة بنظام القذافي عام 2011، لم تهدأ ليبيا، إلا لفترات قصيرة كانت حبلى بخلافات مكتومة بين فرقاء البلد العربي الغني بالنفط، والذي حكمه العقيد بقبضة حديدية لأكثر من أربعين عاما.

وشهرا بعد آخر صارت الأراضي الليبية كلها تقريبا ساحة صراع مسلح على بسط النفوذ بين ما لا يقل عن عشرين كيانا مسلحا، بعضها تابع للمؤتمر الوطني العام بالعاصمة طرابلس، والآخر تابع لمجلس النواب بمدينة طبرق، وكل منها يدعي أنه يدافع عما يسميها الشرعية وما يعتبره صالح الليبيين. وأضحى هناك حكومة وبرلمان في طرابلس وحكومة وبرلمان في طبرق، وقوة عسكرية هنا وأخرى هناك يسميها كل فريق بـ"الجيش". إضافة إلى كيانات أخرى لا تعترف بالفريقين الأولين.

وتصطف أربعة كيانات مسلحة مع حكومة طرابلس هي: "قوات فجر ليبيا"، و"غرفة عمليات ثوار ليبيا"، و"الدروع"، وأخيرا "كتيبة الفاروق."

وعلى الجبهة الأخرى، تقف إلى جانب حكومة طبرق، 12 قوة عسكرية، وهي: ما يسمى "قوات رئاسة أركان الجيش"، و"قوات حرس المنشآت النفطية"، و"كتائب الزنتان"، و"كتائب رشفانة"، و"صحوات المناطق"، و"كتيبة حسن الجويفي"، و"كتيبة 319 التابعة للجيش"، و"كتيبة 204 دبابات"، و"كتيبة 21 صاعقة"، و"قوات الصاعقة"، و"مديريات الأمن"، وأخيرا "كتيبة محمد المقريف".

وهناك أربعة كيانات مسلحة، لا تعترف بالحكومة المدعومة من مؤتمر طرابلس ولا تلك المدعومة من مجلس طبرق. وهي: "مجلس شورى ثوار بنغازي"، و"تنظيم أنصار الشريعة"، و"تنظيم مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها"، و"تنظيم شباب شورى الإسلام".

وهذه الكيانات الأربعة مناهضة لمجلس النواب وحكومة عبد الثني وتقاتل قوات حفتر، ورغم عدم اعتراف تلك الكيانات بالمؤتمر الوطني وحكومة الحاسي، فإنها لا تقاتل قوات ذلك الطرف، وتتلقى دعما سياسيا من المؤتمر وحكومة الحاسي.

ومن خلال تتبع المعارك المتداخلة بين تلك الكيانات في أرجاء ليبيا، يمكن رسم خارطة مناطقية لهذا الصراع المسلح، كالتالي:

أولا- المنطقة الشرقية:
يوم 16 مايو/أيار 2014، أطلق اللواء المتقاعد آنذاك بالجيش الليبي حفتر، ما أسماها "عملية الكرامة" لتبدأ مرحلة التغيرات الكبيرة، فقبل تلك العملية كان يسود البلاد صراع سياسي بين أحزاب ليبرالية وأخرى إسلامية، داخل ردهات المؤتمر الوطني والحكومات المتعاقبة.

يقول حفتر إنه دشن هذه العملية العسكرية ضد "كتائب الثوار" و"تنظيم أنصار الشريعة" متهمًا إياهما بالوقوف وراء تردي الوضع الأمني في مدينة بنغازي (شرق). بينما اعتبرت الحكومة المؤقتة آنذاك برئاسة علي زيدان هذا التحرك "انقلابا على الشرعية كونها عملية عسكرية انطلقت دون إذن من الدولة".

وبعد إطلاق "عملية الكرامة" برزت تكتلات عسكرية جديدة فرضتها التغيرات السياسية، ومن أبرزها حدوث انقسام كبير بين أعضاء مجلس النواب، إثر قرار أغلبية أعضائه الاجتماع في طبرق (إحدى المدن المؤيدة لحفتر) وليس في بنغازي كما ينص إعلان دستوري حينها، مدعومًا من التيار الليبرالي والفيدرالي والفصائل المسلحة الموالية لهما، وعلى رأسهم حفتر وقوات مدينة الزنتان و"حرس المنشآت النفطية".

وهي الخطوة التي استدعت من الإسلاميين، بدعم واسع من "ثوار سابقين" وقادة بارزين، دعوة المؤتمر الوطني للعودة إلى ممارسة عمله، وتكوين تحالف عسكري من "كتائب ثورية" شاركت عام 2011 في الإطاحة بنظام القذافي، وإطلاق عملية عسكرية عرفت باسم "فجر ليبيا".

ومنذ اندلاع حرب حفتر، ضمن "عملية الكرامة" على من أسماهم "الإرهابيين"، ظهرت تكتلات عسكرية غيرت خارطة السيطرة القديمة. ويمكن تقسيم قوى الصراع المسلح في الشرق الليبي إلى:

1- "قوات رئاسة الأركان" المعينة من قبل مجلس النواب بطبرق، والتي يدعمها حفتر، إضافة إلى مدنيين مسلحين يعرفون بـ"صحوات المناطق".

2- تجمعات ثوار متحالفة مع "تنظيم أنصار الشريعة".

ثانيا- المنطقة الغربية:
يدور فيها الصراع بين قوات "فجر ليبيا" من جهة و"كتائب الزنتان". وتبدو الخارطة كالتالي:

1- قوات "فجر ليبيا" وتديرها "غرفة ثوار ليبيا" من العاصمة طرابلس التي تسيطر عليها بشكل كامل، وتتألف من "درع الغربية" من مدينة الزاوية، وكتيبة "أنصار الشريعة" من مدينة صبراتة، و"درع الوسطى" من مدينة مصراتة.

وتسيطر "فجر ليبيا" على كامل مدن الساحل الليبي من مدينة سرت شرقا إلى منفذ رأس جدير الحدودي مع تونس غربًا، مرورًا بطرابلس، إضافة إلى اقتسامها السيطرة على مدن الجبل الغربي مع القوات المناوئة لها، إذ تسيطر على مدن غريان، وجادو، ونالوت، ويفرن، والقلعة.

2- "غرف عمليات رئاسة الأركان" بالمنطقة الغربية، وهي غرفة مستحدثة من قبل "الجيش" المدعوم من مجلس طبرق.

وتتألف من كتائب الزنتان وكتائب شفانة. ومرارا، قال حفتر إن كتائب الزنتان تابعة له، غير أن قادة الزنتان يقولون إنهم على خلاف كبير معه، رغم أن هدفهم واحد، وهو محاربة ما يسمى "الإسلام السياسي" في إشارة إلى المؤتمر الوطني وحكومة طرابلس.

ثالثا- المنطقة الوسطى:
حيث تدور المواجهة في المنطقة الوسطى، قلب الصحراء، بين الأطراف التالية:

1- "رئاسة أركان الجيش".

2- قوات "فجر ليبيا" المكونة من "ثوار" مصراتة وأغلب مناطق الغرب الليبي.

تمتد هذه الرقعة بين مدينتي البريقة شرقا وزليطن غربا، ويحدها من الجنوب مدينة سبها، وتسيطر علي هذه المنطقة قوات "فجر ليبيا" مشتركة بنقاط تماس مع "قوات حرس المنشآت النفطية" التابعة لرئاسة الأركان الموالية لمجلس النواب بمنطقة الهلال النفطي (شرق).

رابعا- المنطقة الجنوبية:
تطغى على هذه المنطقة السيطرة القبلية، فمعظم المعارك التي اندلعت فيها كانت لأسباب قبلية بحتة. وباستثناء قوات تابعة لمدينة مصراتة تسيطر على مدينتي سبها والجفرة، فإن سكان كامل مناطق الجنوب الليبي يتخذون موقف الحياد من العمليات العسكرية خارجها.

وحضور القوات التابعة لطرابلس في تلك المنطقة أكبر من حضور القوات التابعة لطبرق. ومن آن إلى آخر تندلع بالمنطقة معارك ذات طابع قبلي غير سياسي.

المصدر : وكالة الأناضول