هل يستخدم الأسد الأسلحة الكيمياوية؟

A handout picture released by the official Syrian Arab News Agency (SANA) on July 7, 2012, shows a Syrian military vehicle launching a missile during an exercise at an undisclosed coastal location in Syria. AFP PHOTO/HO == RESTRICTED TO EDITORIAL USE - MANDATORY CREDIT "AFP PHOTO / HO / SANA" - NO MARKETING NO ADVERTISING CAMPAIGNS - DISTRIBUTED AS A SERVICE TO CLIENTS ==
undefined

عبد الرحمن أبو العُلا

مع تزايد حدة عمليات قوات النظام السوري ضد معارضيه، تصاعدت المخاوف من إقدامه على استخدام أسلحة كيمياوية كورقة أخيرة لحسم الموقف لصالحه.

وقال ضابط سوري منشق عُرف بأنه كان مسؤولا في إدارة الأسلحة الكيمياوية في سوريا لصحيفة التايمز البريطانية الأربعاء الماضي إن النظام السوري يعتزم استخدام أسلحته الكيمياوية ضد شعبه "كخيار أخير" إذا فقد النظام السيطرة على منطقة مهمة مثل حلب.

ويقول عدنان سيلو متحدثا من تركيا التي فر إليها منذ ثلاثة أشهر، إنه واثق من أن نظام الرئيس بشار الأسد يمكن أن يستخدم في نهاية المطاف أسلحته الكيمياوية ضد المدنيين، مشيرا إلى أن هذه المناقشات هي التي دفعته إلى الفرار من الجيش.

وقال "إن أعضاء من الحرس الثوري الإيراني حضروا اجتماعات عديدة لمناقشة استخدام الأسلحة الكيمياوية، وكانوا يزورون سوريا بصورة مستمرة لتقديم المشورة، ويرسلون العلماء ويستدعون العلماء السوريين لزيارة إيران".

وتأتي هذه التصريحات بعدما ذكرت مجلة دير شبيغل الألمانية، أن الجيش السوري أجرى تجارب على الأسلحة الكيمياوية نهاية أغسطس/ آب بالقرب من السفيرة بشرق حلب.

وقالت المجلة الأسبوعية نقلا عن شهود عيان إن خمسة أو ستة عبوات فارغة مخصصة لمواد كيمياوية أطلقت من دبابات أو طائرات على منطقة الدريهم في الصحراء بالقرب من مركز الشناصير الذي يعتبر أكبر مركز لتجارب الأسلحة الكيمياوية في سوريا.

تشير تقارير غربية إلى أن الترسانة الكيمياوية السورية تتضمن كميات كبيرة من غازات الخردل والأعصاب والسارين

ترسانة
ولا توجد معلومات دقيقة عن حجم الترسانة الكيمياوية السورية بسبب عدم انضمام سوريا إلى منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية التي تمتلك سجلات لمخزونات الدول الأعضاء فقط، ولكنْ هناك اعتقاد بأن سوريا تمتلك ثالث أكبر مخزون من الأسلحة الكيمياوية بعد الولايات المتحدة وإيران.

وتشير التقارير الغربية إلى أنها تتضمن كميات كبيرة من غازات الخردل الذي يسبب حروقا خطيرة، والأعصاب القاتل (فياكس)، والسارين السام بالإضافة إلى المدفعية والصواريخ التي توصلها إلى أهدافها.

وفي يونيو/ حزيران الماضي أكد الجنرال يائير نافيه -مساعد رئيس الأركان الإسرائيلي- أن سوريا تملك "أكبر ترسانة أسلحة كيمياوية في العالم".

وفي 2009 أصدرت المخابرات الأميركية تقريرا أكدت فيه أن لسوريا برنامج أسلحة كيمياوية ولديها غازات يمكن المهاجمة بها عن طريق طائرات أو صواريخ بالستية أو مدفعية.

كما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال في أغسطس/ آب 2011 عن مسؤولين أميركيين سابقين وحاليين قولهم إن لسوريا خمسة مواقع تنتج فيها أسلحة كيمياوية، واعترفوا بصعوبة تحديد هذه المواقع. لكن تقارير أخرى أشارت إلى أنها توجد في مدن منها دمشق واللاذقية وحلب.

وبحسب نفس الصحيفة فقد اكتشف مفتشو الأمم المتحدة أن سوريا كانت تبني سرا مفاعلا نوويا بمساعدة كوريا الشمالية قبل أن تهاجم إسرائيل الموقع وتدمره أواخر 2007.

مخاوف وتحذيرات
ومنذ أن بدأت الأزمة في سوريا أبدت الدول الغربية خشيتها من وصول الأسلحة الكيمياوية إلى أيدي جماعات "إرهابية" في حال سقوط النظام أو فقدانه السيطرة على المناطق التي بها هذه الأسلحة، كما أبدى آخرون تخوفهم من استخدامها ضد المدنيين. وهناك مخاوف أيضا من نقلها إلى حزب الله في لبنان.

وبحسب مصادر عسكرية واستخبارية غربية فإن التحدي الأكبر الذي يواجه هذه الأجهزة الغربية هو قصر الفترة التي يستغرقها نقل هذا السلاح من سوريا إلى لبنان. وتشير تقديرات الاستخبارات الأميركية إلى أن عملية نقل السلاح الكيمياوي تستغرق أقل من ساعتين.

المدن السورية أصابها دمار واسع جراء القصف المتواصل من الجيش النظامي (الجزيرة-ارشيف)
المدن السورية أصابها دمار واسع جراء القصف المتواصل من الجيش النظامي (الجزيرة-ارشيف)

وفي هذا الصدد قال الضابط المنشق عدنان سيلو إن النظام السوري "بحث أيضا تزويد حزب الله في لبنان بالأسلحة الكيمياوية لاستخدامها ضد إسرائيل"، مشيرا إلى أن النظام "لا يملك شيئًا يخسره في تقاسم الأسلحة مع حزب الله، لاعتقاده أن اندلاع حرب بين الحزب وإسرائيل سيصب في صالحه".

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون وقادة غربيون آخرون قد حذروا النظام السوري من استخدام الأسلحة الكيمياوية، وهددوا باللجوء إلى الخيار العسكري إذا ما استعملها.

وفي وقت سابق قال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك إن إسرائيل ستدرس القيام بعمل عسكري إذا دعت إليه الضرورة، لضمان عدم وصول الأسلحة الكيمياوية والصواريخ السورية إلى حزب الله، وأشار إلى أن بلاده "تراقب الوضع عن كثب".

في المقابل يرى الخبير الأمني والإستراتيجي اللواء أركان حرب عبد الحميد عمران أن النظام السوري سيتجنب استخدام الأسلحة الكيمياوية لأنه يدرك أنه بذلك سيدفع دولا غربية في مقدمتها أميركا وفرنسا إلى التدخل عسكريا في سوريا.

وأشار عمران في حديثه للجزيرة نت إلى أن الأسلحة الكيمياوية ذات خطورة إنسانية ضخمة وأن استخدامها قد يتسبب في خسائر بشرية كبيرة. وأضاف أن النظام السوري "قد يكون نقل بالفعل جزءا منها إلى حزب الله خلال الفترة الماضية".

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية