الفشل يلازم تحركات الجامعة لسوريا

epa02907903 A handout photo released by the official Syrian Arab News Agency (SANA), shows Syrian President Bashar al-Assad (R) meeting with Arab League Secretary General

الرئيس السوري بشار الأسد مستقبلا أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي في دمشق الشهر الماضي (الأوروبية-أرشيف)

للمرة الثالثة منذ اندلاع المظاهرات المنادية بالإصلاح في سوريا، تتدخل الجامعة العربية لمحاولة إيجاد حل للأزمة المتفاقمة بين النظام السوري ومعارضيه الذين تخطت مطالبهم الإصلاح إلى المطالبة بإسقاط النظام.


فقد حث وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماعاتهم بالقاهرة أمس الطرفين على عقد جولة من المفاوضات برعاية الجامعة بالقاهرة في غضون 15 يوما.


كما قرر المجتمعون تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير خارجية قطر وعضوية وزراء خارجية كل من الجزائر والسودان وسلطنة عُمان ومصر والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، تكون مهمتها "الاتصال بالقيادة السورية لوقف كل أعمال العنف والاقتتال، ورفع كل المظاهر العسكرية، وبدء الحوار بين الحكومة السورية وأطراف المعارضة لتنفيذ الإصلاحات السياسية التي تلبي طموحات الشعب السوري"، وفق تعبير البيان.

 

تحفظ وتشكك
ولقيت الدعوة الجديدة تحفظا من قبل السلطات السورية التي قالت إنها
قادرة على إدارة شؤونها وأمنها، كما تحفظت دمشق على رئاسة قطر للجنة. ومن ناحيتهم انتقد المحتجون السوريون هذه المبادرة مطالبين بإسقاط النظام لا الحوارمعه.

 

ويبدو أن الجامعة بدأت تشعر أنها باتت مهمشة في واحدة من أخطر الأزمات على المستوى العربي، فقررت رفع سقف مطالبها من النظام السوري بعد أن كان أمينها العام قال إثر زيارته لدمشق قبل أكثر من شهر إنه اتفق مع الرئيس الأسد على خطوات للإصلاح، وإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية. وهو التصريح الذي أثار سخط المحتجين، ولم يسفر حتى الآن إلا عن زيادة أعمال العنف ضد المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام.

 

وحمل المتظاهرون في ريف دمشق لافتة كتب عليها "لا نبيل.. ولا عربي" و"علي الطير علي الطير.. يا نبيل يا نبيل ما في منك خير".

ومع ذلك، فقد أبدى المندوب السوري لدى الجامعة تشككا في توقيت قرار الجامعة الأخير، واعتبر أنه "غريب ومريب"  لأنه جاء بعد فشل محاولة أوروبية أميركية لاستصدار قرار من مجلس الأمن يدين قمع الاحتجاجات بسوريا.

مندوب سوريا لدى الجامعة شكك في توقيت القرار العربي (الفرنسية)
مندوب سوريا لدى الجامعة شكك في توقيت القرار العربي (الفرنسية)

غير أن وزراء الخارجية العرب دافعوا عن مشروع القرار بأنهم يريدون وقف إراقة الدماء في سوريا، وذلك بعد أن ووجهت أكثر من مائة من منظمات المجتمع المدني نداء جماعيا للأمين العام للجامعة لعزل الحكومة السورية، والتعاون مع التحقيقات الأممية في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان.

 

وكانت الجامعة تحركت في يوليو/ تموز الماضي، بزيارة أمينها العام لدمشق ولقائه مع الأسد، إلا أن النتيجة كانت مخيبة للأمال بعد أن نقل عن العربي قوله "الجامعة تلتزم بميثاق الأمم المتحدة وميثاق الجامعة العربية، ولا تقبل التدخل في شؤون أي دولة من الدول" مشددا على أن "الاستقرار السوري والمصري والليبي واليمني هو استقرار للدول العربية كلها".

 

لا تستطيع الجامعة اتخاذ أي قرار إلا بالإجماع، الأمر الذي يصعب توصلها لقرارات حاسمة فيما يختص بالدول الأعضاء فيها

خلافات وعجز
ويبدو أن الخلافات لا زالت تهمين على مواقف الدول العربية مما يجري في سوريا، إذ نادت دول بتعليق عضوية سوريا بالجامعة، بينما عارضت دول أخرى هذا التحرك الذي لم يكتب له النجاح. ولا تستطيع الجامعة اتخاذ أي قرار إلا بالإجماع، الأمر الذي يصعب توصلها لقرارات حاسمة فيما يختص بالدول الأعضاء فيها.

 

وقال العربي للصحفيين إنه التقى كل أطراف المعارضة، وقالت كلها إنها تعارض تعليق عضوية سوريا لأن هذا سيقطع كل الصلات بين دمشق والجامعة.

 

ومن الواضح أن فشل الجامعة حتى الآن في إيجاد حل للأزمة يعيد وضع علامات استفهام حول فاعلية هذه المنظمة التي تغير بعض حكومتها إثر احتجاجات الربيع العربي التي نجحت في إحداث التغييرات المطلوبة في كل من مصر وتونس، وتكاد أن تصل للسيطرة على كل أنحاء ليبيا، يينما لا تزال الجماهير تخوض احتجاجات قوية في كل من سوريا واليمن.

 

ولا شك أن نجاح الجامعة في وضع حلول لأزمتي سوريا واليمن سيحد من التدخل الخارجي الذي وقع في ليبيا، ويخشى أن تتكرر سيناريوهاته في كل من سوريا واليمن. إلا أن هشاشة الأنظمة الحاكمة ووقوع الكثير منها تحت تأثير القوى الغربية يحد من إمكانية نجاح تحرك مثل هذا، ويؤدي بالتالي إلى استمرار تفاقم الأزمات ما لم تتمكن الجماهير من حسم خياراتها وإحداث التغييرات المطلوبة بعيدا عن التدخل الأجنبي.

المصدر : الجزيرة