جزر القمر سنة 2007 وحالة عدم الاستقرار المستمرة

جزر القمر خلال عام 2007.
سيدي أحمد ولد أحمد سالم
 
عرفت نهاية هذه السنة موت المرتزق الفرنسي بوب دنار رمز عدم الاستقرار في جزر القمر الذي أدخل البلاد مع مرتزقته في سلسلة من الانقلابات بدأت سنة 1977 وبلغت سبعة عشر انقلابا.
 
غير أن وفاته لم تضع حدا لاستمرار الأزمات القمرية. فمع منتصف السنة اشتعلت أزمة جزيرة آنجوان ووضع النظام الفدرالي القائم في البلاد على المحك.
 
فإذا كانت الجزر الثلاث القمر الكبرى وآنجوان وموهيلي قد اختارت بإشراف الاتحاد الأفريقي نظاما فدراليا سنة 2002 فإن تمرد رئيس جزيرة آنجوان العقيد محمد بكر وإعلانه نفسه رئيسا بعد إجراء الشوط الأول من رئاسيات الجزر في 10 يونيو/حزيران 2007 وضع حدا للنظام الفدرالي وجعل الحكومة الاتحادية في موروني برئاسة أحمد عبد الله محمد سامبي في صراع مستمر مع العقيد بكر الذي ينتمي هو والرئيس الاتحادي إلى جزيرة آنجوان نفسها.
 
ولم ينفع وقوف المحكمة الدستورية الفدرالية ضد قرار العقيد بكر الذي ضرب وحدة البلاد ضربة قاصمة كما لم تجْدِ تحركات الاتحاد الأفريقي المتواصلة ضد حكومة جزيرة آنجوان مع أن الاتحاد استطاع أن يقنع العديد من المنظمات الدولية بالاصطفاف إلى جانبه كالجامعة العربية ولجنة المحيط الهندي والمنظمة الدولية للفرنكوفونية.
 
ولم تثن عقوبات الاتحاد الأفريقي السياسية والاقتصادية من عزم حكومة آنجوان التي ترفض إعادة انتخابات يونيو/حزيران 2007 ولا تلقي بالا لتطويق الجزيرة وحصارها.
 
ومع عجز الحكومة الفدرالية والاتحاد الأفريقي عن حل أزمة جزيرة آنجوان فمن الملاحظ تزايد النفوذ الإيراني في الجزر لحدّ دفع قاضي قضاة الجزر سعيد محمد جيلاني وستين عالما سنيا بالمطالبة بوضع حد للممارسات الشيعية في بلد طالما عرفت ساكنته بالتمسك بالمذهب الشافعي، بالإضافة إلى كون الإعلام غالبا ما وصف الرئيس محمد سامبي، الذي تلقى تعليمه في الجامعات الإيرانية بأنه مقرب من طهران.
 
وقد ظل نفوذ فرنسا يتعاظم في جزر القمر -مستعمرتها السابقة- إلى درجة دفعت بعض المحللين إلى اتهام جهات فرنسية بالوقوف وراء العقيد بكر المتمادي في موقفه المتصلب حيال أزمة آنجوان خاصة أن بعض سياسيي  آنجوان ما فتئوا يطمحون إلى العودة إلى النفوذ الفرنسي، ويريدون أن تكون جزيرتهم مثل جزيرة مايوت القمرية التي ما زالت فرنسا تحتلها.
 
ومع ما عرفته سنة 2007 من تنامي النفوذ الإيراني والفرنسي في جزر القمر يبقى الاهتمام العربي بهذه الدولة العربية ضئيلا. وهو ما يفسره الباحث المختص في الشؤون الأفريقية الدكتور حمدي عبد الرحمن بإهمال النظام العربي لدول الأطراف وتركيزه على قضية العرب المركزية القضية الفلسطينية.
 
وإهمال النظام الإقليمي العربي لا يقتصر على جزر القمر فقط بل يشمل الصومال وجيبوتي وأحيانا -وهذا ما يؤسف له- كما يقول الدكتور حمدي لا تسلم منه موريتانيا والسودان.
 
ويرى مدير مركز البحوث العربية والأفريقية الدكتور حلمي شعراوي أن الاهتمام العربي بجزر القمر ينحصر في تعاون ثنائي بسيط ولا يرقى إلى مستوى الموقف الموحد، خاصة ما تقوم به ليبيا والسعودية والإمارات العربية المتحدة كل على حدة.
 
ويؤكد شعراوي أن موقف مجلس الجامعة العربية لا يزيد عن متابعة ما يقوم به مجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي حول أزمة آنجوان.
المصدر : الجزيرة