الأولمبياد بين الأمس واليوم

تصميم فتي الالعاب الالمبية بين الأمس واليوم
في العصور الكلاسيكية كان على وفود الدول المشاركة بمسابقات الألعاب الرياضية أن تحضر معها حيوانا تقدمة وقربانا للإله زيوس. ولم تكن تباع تذاكر للجمهور، بل كان الأغنياء وأعضاء الوفود الرسمية ينصبون خياما كبيرة وفاخرة، أما العامة فيبيتون في العراء.
      
ولأكثر من ألف عام، كان الناس من كل بقعة في اليونان القديمة يتوافدون في فصل الصيف كل أربع سنوات على الأرض المقدسة لجبل أولمبيا العتيق احتفاء وشغفا بالتنافس الرياضي. وكانوا يقدمون إلى أولمبيا من المستعمرات اليونانية القديمة المتحاربة؛ مثل واندلوسيا (إسبانيا اليوم) والبحر الأسود ومصر.

وكانت الهدنة الدولية بين اليونانيين تعلن قبل انطلاق الأولمبياد بشهر واحد، للسماح للاعبين بالوصول آمنين إلى أولمبيا، وهي قرية صغيرة تقع على بعد 200 ميل غرب أثينا. وكان للحكام سلطة فرض الغرامات المالية على مدن بأكملها وحرمان لاعبيها من المنافسة في الأولمبياد بسبب خرق الهدنة. 

كانت المسابقات الرياضية أقل كثيرا وكان يسمح بالمشاركة فيها فقط للأحرار الذين يتحدثون اليونانية وليس للاعبين الذين يمثلون دولا بعينها

وكان الفلاسفة والشعراء والكتاب يلتحمون مع المقامرين والباعة المتجولين والموسيقيين والراقصين لحضور ألعاب لخمسة أيام في فصل الصيف.

وكان من المظاهر اليومية بدورات الألعاب الأولمبية القديمة الاحتفالات الدينية؛ من تقدمة قرابين وموسيقى وعروض مسرحية وخطب للفلاسفة المشهورين وإلقاء شعر ومواكب وولائم واحتفالات بالفوز.

قبل نحو 2800 عاما لم تكن فرق رياضية أو جوائز للمركز الثاني، ولم يكن للنساء أن يشاهدن المسابقات الرياضية أو يشاركن فيها، أما الرجال فكانوا يخوضون المنافسات من دون ملابس، ويعاقب الخاسر بالجلد. 

أما الفائزون فكانوا يحظون بتاج من أغصان الزيتون جائزة رئيسية، ويحصلون كذلك على وجباتٍ بقية حياتهم وأموال نقدية وإعفاء من الضرائب، إضافة إلى تعيينهم في وظائف قيادية، وتخليد ذكراهم في قصائد وتماثيل. 

ويقول مدير مركز أبحاث الآثار اليونانية والرومانية في مؤسسة البحث القومي باليونان ميلتياديس هاتزوبولوس "كان الأولمبياد القديم مختلفا عن الدورات الأولمبية الحديثة، وكانت المسابقات الرياضية أقل كثيرا، وكان يسمح بالمشاركة فيها فقط للأحرار الذين يتحدثون اليونانية، وليس للاعبين الذين يمثلون دولا بعينها".
     
وكان المتبارون يصلون إلى جبل أولمبيا ويتدربون شهرا، وعليهم أن يجتازوا اختبارا أمام لجنة من عشرة أعضاء تقيمهم وفقا لأنسابهم وشخصياتهم وقدراتهم البدنية.

قبل نحو 2800 عام لم تكن فرق رياضية أو جوائز للمركز الثاني، ولم يكن للنساء أن يشاهدن المسابقات الرياضية أو يشاركن فيها

واكتشف علماء الآثار والمؤرخون أن المتبارين في الأولمبياد القديم كانوا يتعاطون منشطات تحسين الأداء، التي تعد من المشاكل في أولمبياد هذه الأيام، فقد كان اللاعبون يستنشقون دخان أوراق الغار المغلية لتخليص أجسامهم من الشعور بالتعب، مما يمكنهم من المشاركة في أكثر من منافسة رياضية.

ومن الرياضات العنيفة التي شاعت في الأولمبياد القديم الملاكمة والمصارعة ورياضة قتالية أكثر عنفا كانت تجمع بينهما سموها "بانكراتيان" لم يكن يحظر فيها شيء إلا العض وقلع العين وخدش الأنف أو الفم بالأظافر، ولم يكن يسمح لمتباري بانكراتيان بأن يلفوا الأيدي والرسغ بشرائط جلدية كما في المصارعة والملاكمة.
     
ولم تكن تقسم مباريات الملاكمين في جولات، بل كان النزال يستمر حتى يسقط أحد المتبارين أو يعلن هزيمته. 
     
وكانت الغرامة المالية تفرض على كل شخص يثبت عليه الغش، وتجمع الأموال من الغرامات لتنفق في بناء تماثيل برونزية لزيوس تنتشر على الطريق المؤدي إلى الملعب.
     
وكانت هذه التماثيل تحمل رسائل لوصف المخالفات التي ارتكبها اللاعبون، في تذكير لهم بأن الفوز يأتي بالمهارة وليس المال، إضافة إلى التأكيد على الروح الأولمبية "بتقوى الآلهة" والمنافسة الشريفة.
     
وفي عام 393 ميلادية قرر الإمبراطور الروماني المسيحي تيودوسيوس الأول إلغاء الأولمبياد وأمر بإغلاق جميع الطوائف والمراكز الوثنية.

المصدر : الألمانية