لامبيدوزا.. الجزيرة الحائرة التي صنع المهاجرون صيتها ومحنتها

تبدو لامبيدوزا من بعيد مجرد نتوء من الأرض انبثق في البحر الأبيض المتوسط بطول كيلومترات قليلة. وأنت تقترب من الجزيرة لا تستطيع أن تطرد من مخيلتك كل ما عرفته من مآسي الهجرة غير النظامية وتلك الجثث أو بقاياها التي شاهدتها وقد ردتها الأمواج إلى شواطئ الجنوب، تتذكر وجوه البؤساء الذين رأيتهم يكابدون في ما بات يشبه مخيمات على تخوم مدينة صفاقس التونسية، يتحينون الفرصة ويتوسلون الحظ والمهربين والسماسرة، وغفلة من حرس السواحل التونسي.

تحاول من موقعك أن تخمن مقدار الفرح الذي يحسه هؤلاء عندما تلوح لهم لامبيدوزا من بعيد، وقد نجوا بالكاد من رحلة مهلكة تنطلق من شواطئ تونس أو ليبيا أو مصر، لكنك لا ترى بعين المهاجر.

تظهر لك هذه الجزيرة، التي كانت في أوقات متباعدة ملجأ للقراصنة ومنفى للمعارضين والسجناء الخطرين ومراصد متقدمة خلال الحرب العالمية الثانية، أصغر وأبسط من أن يكتنف هؤلاء من أجلها كل هذه المشاق. لا تلفتك بخضرتها أو مبانيها العالية نهارا ولا بأضوائها الخافتة ليلا، هي في النهاية مجرد نقطة مفصلية في مسارات الهجرة العالمية، تختصر آثام العالم وتناقضاته وأسواره التي تعلو تدريجيا.

نصب "باب أوروبا" في جزيرة لامبيدوزا من تصميم النحات الإيطالي ميمو بالادينو (الجزيرة)

باب الأمل والمحنة

لا يبتغي المهاجرون في تغريبتهم الطويلة من أعماق أفريقيا سوى نقطة ارتكاز أولى في الشمال الأوروبي، لا ينشغلون بتاريخ لامبيدوزا أو كيف تبدو، ولا يفكرون في ترف أن يعانقوا تمثال أمبرتو إيكو في فيرونا، أو أن يستظلوا بمعالم فينيسيا وروما وفلورنسا، وهم ليسوا مفتونين بأعمال ألبرتو مورافيا أو دانتي أليغري أو فناني عصر النهضة الإيطاليين. لامبيدوزا وكل إيطاليا بالنسبة لهم هي فقط الخلاص المفترض من البؤس والحرمان والقهر إلى حين.

هكذا قارب التشكيلي والنحات الإيطالي الشهير ميمو بالادينو بدوره الجزيرة ليشيد على أطرافها عام 2008 نصبا تذكاريا ضخما بات من معالمها سماه "باب أوروبا"، يرتفع بطول 5 أمتار وعرض 3 أمتار، صممه متجها للجنوب ويعكس ضوء الشمس والقمر ليكون أول ما يراه الذين قُيّض لهم الوصول إلى هذه الجزيرة.

يخلّد النصب العملاق ذكرى أولئك الذين هلكوا في رحلتهم الشاقة إلى لامبيدوزا، ويرمز لمن انتهت حياتهم أو انكسرت أحلامهم على أمواج المتوسط، فقد النصب بمرور الزمن ألقه ولم يخضع للصيانة، لكن بابه بقي مشرعا، باعتباره "لحظة ولادة جديدة وفصلا آخر من حياة هؤلاء وإمكانية الخلاص من كل شيء يضطرون إلى تركه وراءهم"، كما يقول بالادينو، الذي بات أحد أقطاب المدرسة التعبيرية في إيطاليا.

وتفيد أرقام المنظمة الدولية للهجرة أن نحو 2500 شخص قضوا أو اختفوا خلال رحلة عبور البحر المتوسط إلى أوروبا عام 2023، بينهم 1313 مهاجرا على السواحل التونسية، كانت وجهتهم الرئيسية جزيرة لامبيدوزا، بزيادة قدرها 75% مقارنة بعام 2022.

على الجانب الآخر من المتوسط، وفي مدينة جرجيس التونسية -إحدى نقاط المرور الرئيسية- شيّد الفنان الجزائري رشيد قريشي مقبرة "حديقة أفريقيا"، لكل هؤلاء الذين لم يعرفوا طريقهم إلى الخلاص وتركوا الدنيا بعد أن ردتهم أمواج المتوسط جثثا منسية، ويكافح أيضا رجل يسمى "شمس الدين مرزوق" ليواري جثث الذين لفظهم البحر في "مقبرة الغرباء". وبين مقابر جرجيس وأعماق البحر المتوسط و"باب أوروبا" المرتفع في لامبيدوزا تكمن المحنة.

Italian Prime Minister Giorgia Meloni and European Commission President Ursula von der Leyen visit the port where migrants arrive, on the Sicilian island of Lampedusa, Italy, September 17, 2023. Palazzo Chigi Press Office/Handout via REUTERS. ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY. MANDATORY CREDIT. EDITORIAL USE ONLY. NO RESALE. NO ARCHIVES.
جورجيا ميلوني (يسار) مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين خلال زيارتها لامبيدوزا في سبتمبر/أيلول (رويترز)

الصداع الجنوبي

ليس بالادينو وحده من اختزل لامبيدوزا في هذا "الباب"، هكذا بنت لامبيدوزا قدرها وشهرتها، وهكذا صنع المهاجرون وقواربهم ومآسيهم صيتا لهذه الجزيرة الحائرة بين جنوب المتوسط وشماله، وشكلوا أيضا صداعا مزمنا في رأس الحكومات الإيطالية المتعاقبة آخرها حكومة جورجيا ميلوني.

ضاقت ميلوني ذرعا بهذه الجزيرة وشواطئها التي لا تستقطب غير المهاجرين البؤساء من كل أصقاع الأرض، وتعثرت محاولاتها لدفع الرئيس التونسي قيس سعيد في جعل بلاده حارس بوابة أكثر حزما، وفي إقناع زملائها الأوروبيين ببذل إغراءات أكبر للرئيس سعيد المأزوم مثلها من تدفق المهاجرين الكثيف إلى بلاده في طريقهم إلى الشمال.

بدا لزميلنا الإيطالي أنه يطرح حلا جذريا لأزمة الهجرة غير النظامية ينهي الصداع الذي أرق حكومات إيطاليا يمينا ويسارا منذ عقود، عندما اقترح متندرا أن يتم تسليم هذه الجزيرة وكذلك جزيرة بانتالاريا إلى تونس باعتبارهما ينتميان جغرافيا إلى الفضاء التونسي، فبانتالاريا تقع على بعد نحو 75 كيلومترا من أقرب نقطة من الساحل التونسي (قليبية)، ولا تبعد جزيرة لامبيدوزا سوى 141 كيلومتراعن سواحل تونس (المهدية) مقابل 205 كيلومترات عن البر الرئيسي الصقلي.

وليس المجال الجغرافي فحسب هو ما يربط لامبيدوزا بتونس، فالجزيرة بمركز مدينتها الصغير وبنيتها التحتية الضعيفة ومبانيها المتواضعة وأزقتها الضيقة تبدو أشبه بالمدن التونسية الصغيرة، لا شيء يوحي بأنها إيطالية إلا اللغة والأعلام وصنوف قوات الأمن التي يلحظ انتشارها الكثيف في كل وقت، تبدو الألوان التي تميز بعض مبانيها كذلك أكثر بهجة من نظيراتها في شمال أفريقيا.

People who fled the unrest in Tunisia arrive at the southern Italian island of Lampedusa
قارب مهاجرين غير نظاميين انطلق من تونس يصل إلى مرفأ جزيرة لامبيدوزا (رويترز)

لا معالم مميزة في هذه الجزيرة التي فتنت بؤساء الجنوب. تُختصر لامبيدوزا تقريبا في مينائها القديم الذي ترسو فيه مئات قوارب الصيد، وكذلك قوارب حرس خفر السواحل والجمارك بأحجامها وألوانها المميزة، وتبدو الجزيرة وكأنها شبه مهجورة، شارعها الرئيسي يبدو خاليا إلا من مارين يعدون على الأصابع وزبائن قليلين في مقاهي قليلة بشارع روما الرئيسي فيها، الذي يمتد من المرفأ إلى طرفها الآخر المقفر، غالبية من تراهم هم من رجال الأمن والشرطة المالية وحرس السواحل.

وعلى عكس المدن والقرى الإيطالية الأخرى، لا يوجد مهاجرون بالمدينة، إذ لا إغراء فيها للبقاء ولا سبيل أيضا لذلك، فمن يصل منهم يتم توزيعهم سريعا بين مراكز الاستقبال والفرز في كاتانيا أو باليرمو وبرغامو، وقليل منهم استقر لاحقا في هذه الجزيرة التي لا ترضي خيالاتهم وأحلامهم الأوروبية التي تحملوا من أجلها عذابات السنين.

شارع روما الرئيسي في مركز لامبيدوزا ويبدو خاليا من المارة (الجزيرة)

قليلون يأتون إلى الجزيرة في أشهر الشتاء رغم الطقس المعتدل نسبيا، يلحظ ذلك من فتور الحركة في مطار الجزيرة، كما لم يكن في الطائرة الصغيرة التي أقلتنا من باليرمو وإليها سوى 15 شخصا أو أقل، معظم القادمين من موظفي فرونتكس (الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل) والصليب الأحمر والمنظمات المعنية بشؤون المهاجرين وبعض الصحفيين المتطفلين.

تقل أيضا معدلات وصول المهاجرين غير النظاميين، حيث يصل عدد قليل من القوارب بشكل غير متواتر، يُحشر راكبوها في مركز الاستقبال المعروف بـ"النقطة الساخنة" بمنطقة كوانترادا إمبرياكولا لتأخذ بصماتهم وهوياتهم قبل ترحيلهم إلى مراكز استقبال أخرى في إيطاليا.

يقول أهل الجزيرة، التي تمتد على مساحة 20 كيلومترا مربعا ويسكنها حوالي 5 آلاف نسمة، إن أحوالها تتغير صيفا بقدوم آلاف السياح المغرمين بالغطس والباحثين عن لحظات الهدوء على شواطئها الفيروزية الجميلة والباحثين عن الإجازات الرخيصة، ومع ذلك يلحظ أيضا غياب المرافق السياحية التي تضاهي الجزر القريبة الأخرى مثل سردينيا أين يفد الأثرياء وعلية القوم.

لمبيدوزا
إحدى الساحات في مركز جزيرة لامبيدوزا (الجزيرة)

يعيش سكانها على الصيد البحري وموارد السياحة خلال فصل الصيف، وتغلق معظم الفنادق والمحال التجارية والمطاعم شتاء، كما لا تتوفر خدمات النقل إلا من بعض الحافلات وسيارات خاصة قليلة يعتاش أصحابها من نقل الوافدين القليلين وعليك أن تنتظرهم طويلا لا أن ينتظروك، لكن لا حاجة لسيارة إذا اكتفيت بمركز المدينة الصغير ومينائها القديم.

بشكل عام لا تغيب عن الزائر تواضع البنية التحتية للجزيرة مقارنة بغيرها، ويلحظ أهلها البسطاء الودودين، الذين لا يتحدثون غالبا بغير الإيطالية بلكنة محلية مختلفة، بدورهم هذه الفوارق التنموية، لكنهم لا يتذمرون كثيرا ولا يحبذون الظهور في الإعلام.

يرى بعضهم أن قضية المهاجرين غير النظاميين باتت لعنة على الجزيرة، في حين يرى آخرون أن ذلك يشكل قدرها الذي أملته أحكام الجغرافيا وعليهم أن يتعايشوا معه مثلما فعلت الجزيرة طوال عقود.

مهاجرون يصلون لامبيدوزا على متن قارب إنقاذ في سبتمبر/أيلول 2023 (الفرنسية)

هاجس القوارب

ينتقل هذا السجال إلى المستوى الرسمي في الجزيرة، كما في إيطاليا بشكل عام بين اليمين واليسار. يُعرف عمدة المدينة فيليبو مانينو بموقفه المرن من قضية تدفق المهاجرين إلى الجزيرة، في حين يتخذ نائبه أتيليو لوسيا (من حزب الرابطة) موقفا متشددا ويطالب الاتحاد الأوروبي بموقف حازم، متماهيا مع موقف رئيس الحزب ماتيو سالفيني الذي اعتبر قبل أشهر تدفق المهاجرين إلى الجزيرة "عملا من أعمال الحرب".

وفي بداية سبتمبر/أيلول 2023 تدفق نحو 17 ألف مهاجر غير نظامي على المدينة في ظرف أسبوع بينهم 5 آلاف في يوم واحد، ولم يستوعبهم مركز الاستقبال الوحيد (النقطة الساخنة) فترك الآلاف منهم خارجا.

صرّح لوسيا آنذاك بقوله "أوروبا يجب أن تصحو لأن الاتحاد الأوروبي كان نائما لأكثر من 20 عاما.. اليوم تقول لامبيدوزا يكفي ذلك نعاني منذ 20 عاما ونحن مدمرون نفسيا"، كما نظم مظاهرة في المدينة ضد تدفق المهاجرين.

وفي المقابل قاد مانينو حملة تضامن مع المهاجرين مصرا على أنه "يوجد في لامبيدوزا مستوى مختلف من الإنسانية لا يمكن العثور عليه في أي مكان آخر.. لأننا في وسط البحر المتوسط وبعيدا عن كل الحسابات السياسية والرؤية حين يكون هناك أشخاص على متن قوارب يطلبون إنقاذهم، لن ننظر أبدا في الاتجاه الآخر".

يقول كارميلو دي ماتيا- أحد سكان الجزيرة- في حديث للجزيرة نت إن الوضع هادئ في الجزيرة حاليا نظرا للعدد القليل من المهاجرين الذي يصلون إليها، لكنه يذكر كيف أصبحت في حالة طوارئ أوائل سبتمبر/أيلول 2023 عندما فاض مركز الاستقبال بأعدادهم الكبيرة وكيف انبرى سكان الجزيرة لمساعدة المهاجرين وتوفير الطعام لهم واستقبالهم في منازلهم بينهم هو نفسه.

لكن كارميلو يشير إلى ضرورة إيجاد حل جذري لقضية المهاجرين التي يعتبرها قضية إنسانية وتوفير مركز استقبال لائق لهم بالجزيرة، إذ يعتبر مركز "النقطة الساخنة" الذي تم افتتاحه عام 2008 قديما، ولا يتسع لأكثر من 300 شخص.

من جهتها، تعتبر الناشطة في منظمة "مالدوزا" للعمل الثقافي والإنساني ماتيلدا زاكو أن لامبيدوزا تعد واحدة من أكثر نقاط وصول المهاجرين ازدحاما وشهرة، وقد أصبحت تضيق بأعداد المهاجرين الكبيرة التي تصلها، ودعت السلطات الإيطالية والأوروبية إلى اعتماد مقاربة أكثر فعالية وإنسانية للتعامل مع المهاجرين، مشيرة إلى أنه منذ تولي الصليب الأحمر زمام الأمور في النقطة الساخنة تحسنت الأوضاع نسبيا، لكن الأمور قد تتدهور مع قدوم فصل الصيف ووصول عشرات القوارب وآلاف المهاجرين دفعة واحدة إلى شواطئ الجزيرة.

آلاف المهاجرين وصلوا إلى لامبيدوزا خلال أقل من أسبوع في سبتمبر/أيلول 2023 (رويترز)

حتى فترة قريبة كان مرفأ الجزيرة يعج بعشرات قوارب المهاجرين أو هياكلها وبقاياها تم تجميعها في ما سمي "مقبرة القوارب"، وشكلت ما يشبه المتحف الطبيعي إحدى مناطق الجذب بالمدينة ومادة إعلامية، دسمة لكنها تعرضت عام 2020 لحريق مفتعل، وتم التخلص منها نهائيا خلال الأشهر الماضية، وهو ما لم يرض المنظمات الحقوقية.

وصل الشاب التونسي (ك-ف) -الذي رفض الكشف عن اسمه أو صورته- في أبريل/نيسان 2022، وهو بعمر (19 عاما) على متن أحد تلك القوارب بعد محاولتين فاشلتين أعيد فيهما من جزيرة بانتالاريا إلى تونس.  يقول "معظم شباب الحي الذي أسكنه هاجروا خلسة إلى إيطاليا، لم أطق البقاء أو تحمل بطالتي وإفلاسي حاولت مرتين وفشلت، في المرة الثالثة وصلت إلى لامبيدوزا، لم يكن الإبحار صعبا على عكس ما مر به أصدقائي، دفعت 1100 دينار تونسي فقط، تم ترحيلي من النقطة الساخنة إلى مركز استقبال في باليرمو، حيث استطعت الفرار خوفا من إعادتي إلى تونس".

لا يملك (ك-ف) وثائق إقامة ولا عملا قارا في باليرمو ويكابد لتوفير مسكنه وحاجياته، ينتابه الخوف الدائم من الترحيل القسري، يحس بالضياع مجددا، لكنه لا يشعر بالمرارة أو الندم ويأمل في تحسن أوضاعه "لابد أن أواصل الطريق، كل من أعرفهم عرفوا نفس المعاناة وتجاوزوها، لم تعد لدي فرصة في تونس".

مر الشاب الغامبي محمد جالو (21 سنة) أيضا عبر النقطة الساخنة في لامبيدوزا، كانت رحلته قاسية ومريرة قطع خلالها أكثر 5 آلاف كيلومتر برا من بانجول إلى تونس حيث استقر لنحو عام متنقلا بين مدن جرجيس وسوسة وصفاقس التي انطلق منها إلى لامبيدوزا منتصف عام 2021، يصف الأمر في لامبيدوزا (النقطة الساخنة) بأنه كان مجنونا، وكان الاكتظاظ كبيرا، لكن ذلك لم يكن مهما لأنه "عندما تقطع كل هذه المسافات وتعاني كل تلك العذابات والتحيل والابتزاز، وتفشل أكثر من مرة في الوصول حينئذ تصبح لامبيدوزا هي الجنة".

لا تبدو أوضاع محمد جالو أفضل من نظيره التونسي، لكنه لا يخشى الترحيل على الأقل، ينتظر تسوية أوضاعه قريبا بعد أن تقدم بطلب لجوء، كما ينتظر وصول أقارب يمكثون بمنطقة العامرة قرب مدينة صفاقس التونسية، ما فتئ يخبرهم بأن لامبيدوزا هي الجنة.

المصدر : الجزيرة