استقالة الحريري.. أية انعكاسات على اقتصاد لبنان؟

epa06307554 A handout photo made available by Dalai Nohra shows Lebanese Prime Minister Saad Hariri speaks During a conference under slogan Together against piracy' in Beirut, Lebanon, 03 November 2017 (Issued 04 November 2017). Hariri announced on 04 Novermber 2017 that he resigns from the Prime Minister's office. According to media reports, Hariri said that the current political climate reminds him with the time before the assassination of his father, former Lebanese Prime Minister Rafic Hariri, and he also mentioned Iran's influence in his country, and the region. Hariri came into office for his second term on 18 December 2017. EPA-EFE/DALATI NOHRA HANDOUT HANDOUT EDITORIAL USE ONLY/NO SALES
الحريري قدم استقالته السبت الماضي من العاصمة الرياض (الأوروبية)
محمد أفزاز

لا تبدو الصورة واضحة بشأن التأثيرات المحتملة لاستقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على الاقتصاد المحلي، ففي الوقت الذي بعث فيه مسؤولون لبنانيون برسائل طمأنة عن استقرار الاقتصاد والوضع النقدي في البلاد، فإن خبراء حذروا من أن أي تأخر في تشكيل حكومة جديدة سيؤثر على معدلات النمو رغم ما قد يظهر من استقرار للعملة المحلية الليرة.

فقد أكد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة على استقرار سعر صرف الليرة تجاه الدولار الأميركي، وعزا ذلك إلى ما سماها الهندسات والعمليات المالية الاستباقيّة التي أجراها مصرف لبنان.

وأشار سلامة في بيان صحفي إلى أن التعاون قائم مع القطاع المصرفي اللبناني لما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين والاستقرار النقدي.

كما أكد وزير المالية اللبناني علي حسن خليل أن الوضع المالي والنقدي مستقر، وأنه لا يوجد خطرعلى الليرة.

أما رئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه فأضاف أن الليرة تدعمها احتياطيات ضخمة في البنك المركزي والثقة في القطاع المصرفي اللبناني واستمرار عمل المؤسسات، بحسب ما أوردت وكالة رويترز.

تحذيرات
بالمقابل حذر المحلل الاقتصادي كامل وزنة من أن أي تأخر في تسمية رئيس مجلس وزراء جديد خلفا للمستقيل سعد الحريري قد يؤثر على النمو الاقتصادي للبنان، برغم ما قد يظهر من استقرار في سعر الليرة مقابل الدولار نتيجة حجم الاحتياطات الضخم للبنك المركزي، واستقرار تدفقات المغتربين.

وقال في تصريح للجزيرة نت عبر الهاتف إن "استقالة الحريري شكلت صدمة للأوساط الاقتصادية وسيكون لها تأثير على الاقتصاد اللبناني خاصة من جهة الاستثمارات الموعودة للنهوض بالبنية التحتية من قبل صناديق وبنوك دولية".

وزنة: لـ
وزنة: لـ"المركزي" احتياطات ضخمة تمكنه من مواجهة أي خلل (الجزيرة)

وأضاف أن هذه الاستثمارات التي تقدر بأكثر من عشرين مليار دولار لن تستطيع التدفق باتجاه لبنان ما لم يكن هناك رئيس للوزراء وما لم تتشكل حكومة جديدة.

وأشار إلى أن شغور منصب رئيس الوزراء سيؤثر سلبا على منسوب الثقة بالاقتصاد المحلي، في وقت تشهد فيه الاستثمارات الأجنبية شبه توقف بسبب الأوضاع السياسية غير المستقرة في البلاد.

وأوضح وزنة أن العملة المحلية الليرة قد لا تشهد تقلبات تذكر، لكون معظم الودائع في البنوك المحلية هي بالدولار، كما أن العملة الأميركية هي الأكثر تداولا في البلاد.

وقال إن البنك المركزي يتوفر على احتياطات ضخمة تمكنه من مواجهة أي خلل في المعروض من العملات الأجنبية بسبب التقلبات السياسية، كما أن تحويلات المغتربين ظلت وفي أزمات سياسية سابقة تتدفق بشكل طبيعي ما شكل صمام أمان للعملة المحلية.

كما حذر وزنة من إمكانية فقدان صفقات عقود استخراج الغاز في البحر التي تأخر لبنان في إنجازها، بينما كان على أبواب توقيع عقود بشأنها مع الشركات.

وقال إن توقيع مثل هذه العقود الضخمة سيشكل عامل ثقة مستقبلي للاقتصاد اللبناني الذي يرزح تحت وطأة مديونية ضخمة تقدر بـ78 مليار دولار، في حين ترتهن موازنة البلاد بنسبة 33% إلى خدمة هذه الديون، ما يضعف حجم الموارد الموجهة للاستثمار من هذه الموازنة.
تفاؤل
من جهته بدا الخبير المالي لويس حبيقة متفائلا بشأن التداعيات المحتملة لاستقالة الحريري على الاقتصاد اللبناني.

وقال "أحداث الاستقالات في لبنان تكاد تكون طبيعية، وتشكيل حكومة جديدة قد يكون أمرا متيسرا لأن الحريري لا يمكن أن يسهم في خراب اقتصاد البلاد".

وأضاف في حديث للجزيرة نت عبر الهاتف "في تقديري لن يجازف أي طرف سياسي في لبنان في ظل الظروف الحالية بأن يكون سببا في عرقلة تشكيل الحكومة"، مشيرا إلى أن الحريري نفسه ألمح إلى أنه سيسهل قدوم شخص آخر ليخلفه في منصبه.

‪حبيقة: لا أعتقد أن استقالة الحريري ستؤثر على الاقتصاد اللبناني‬ (الجزيرة)
‪حبيقة: لا أعتقد أن استقالة الحريري ستؤثر على الاقتصاد اللبناني‬ (الجزيرة)

كما اعتبر حبيقة أن معدلات النمو المتواضعة للاقتصاد اللبناني بحدود 1.5% إلى 2% يرجع إلى ارتفاع كلفة مساعدة النازحين السوريين في لبنان، وليس إلى تواضع الاستثمارات، وقال "لا أعتقد أن استقالة الحريري ستؤثر على الاقتصاد اللبناني".

وإذا كان تأخر تشكيل الحكومة -برأي حبيقة- لن تكون له انعكاسات سلبية على الاقتصاد اللبناني، إلا أنه حذر من أن أي تشنج أو عنف في خطاب الفرقاء السياسيين إلى جانب الحديث عن وجود تهديدات باغتيال الحريري سيبعث برسائل سلبية للمستثمرين الأجانب على وجه الخصوص. 

وكان صندوق النقد الدولي قد حذر  شهر سبتمبر/أيلول الماضي من خطورة استمرار ارتفاع الديون السيادية للبنان التي تشكل 148% من الناتج المحلي، بجانب عبء استيعاب اللاجئين السوريين، لكنه أكد في الآن ذاته أن الاقتصاد اللبناني معروف بمرونته ونجاحه في تخطي الصدمات.

المصدر : الجزيرة