صفوت الشريف.. من المخابرات للسياسة

صفوت الشريف
الشريف في آخر مؤتمر للحزب الوطني الديمقراطي قبل تفجر ثورة 25 يناير 2011 (الجزيرة)
الشريف في آخر مؤتمر للحزب الوطني الديمقراطي قبل تفجر ثورة 25 يناير 2011 (الجزيرة)
 
كان رئيس مجلس الشورى المصري السابق صفوت الشريف يُعد الرجل الثاني في نظام حسني مبارك الذي أطاحت به ثورة شعبية في 11 فبراير/شباط 2011.
 
وحار المراقبون السياسيون داخل مصر وخارجها في فهم ما اعتبروه لغزا كامنا وراء احتفاظ الشريف لسنوات طويلة بموقعه المتقدم في الدائرة اللصيقة بمبارك منذ مجيئه إلى السلطة عام 1981 وحتى رحيله عنها.

وتحدثت تقارير صحفية عن دور للشريف خلال عمله بالهيئة العامة للاستعلامات مطلع الثمانينيات في الكيد للوزير الأسبق منصور حسن مما جعل الرئيس أنور السادات يتخلى عن تعيينه نائبا ثانيا له إلى جانب مبارك, وكان ذلك بإيعاز من مبارك وفق تلك التقارير.

استخبارات وفضائح
واشتهر آخر أمين عام للحزب الوطني الديمقراطي بقدرته على التشبث بمواقعه مع ثلاثة رؤساء تعاقبوا على حكم مصر منذ ثورة 23 يوليو/تموز 1952.

"
صفوت الشريف رأس ما عرف بقسم "الأعمال القذرة" بجهاز الاستخبارات العامة, وهو القسم الذي تخصص في توريط فنانات وطلاب مصريين وساسة عرب في أنشطة منافية للأخلاق, وقد طرد لاحقا من هذا الجهاز الأمني
"

وقد تدرج الشريف في فترات حكم الرؤساء السابقين جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك في مناصب كثيرة بدءا من ضابط مغمور بالجيش، وصولا لرئاسة مجلس الشورى, ثاني أكبر مؤسسة تشريعية.

انخرط محمد صفوت الشريف -المولود في ديسمبر/كانون الأول 1933 بمحافظة الغربية في دلتا النيل- لسنوات قليلة في صفوف الجيش بعد نيله بكالوريوس العلوم العسكرية من الكلية الحربية التي تخرج منها معظم من تولوا المناصب الرئيسية في مصر ما بعد يوليو/تموز 1952.

وفي 1957, التحق بالاستخبارات العامة بعد سنوات قليلة من تأسيس هذا الجهاز الأمني المصري المتنفذ, وتولى فيه عددا من الوظائف.

بيد أن أهم عمل تولاه والتصق به بعد ذلك رئاسة ما عرف بقسم "الأعمال القذرة" المتخصص في توريط فنانات وطلاب مصريين، وساسة عرب في أنشطة لا أخلاقية وابتزازهم بها كي يقبلوا العمل كعملاء.

وأسهبت وثائق قضية ما عرف بانحراف جهاز الاستخبارات التي قدمت للقضاء المصري بعد نكسة يونيو/حزيران 1967 في الحديث عن هذا النشاط المشبوه للشريف الذي كان يحمل في ذاك الوقت اسما مستعارا هو "موافي".

وفي 1968, أصدرت المحكمة التي نظرت قضية انحراف الاستخبارات أحكامها على المتهمين في القضية، ومن بينهم الشريف الذي قضت بطرده من العمل بجهاز الاستخبارات.

ظهور إعلامي
وظل الشريف بعد ذلك بعيدا عن مجال العمل بمصر إلى أن سلطت عليه الأضواء مجددا عام 1975 بعد توليه منصب رئيس القسم الداخلي بالهيئة العامة للاستعلامات التي تعد واجهة التعامل مع الإعلام الأجنبي، والمؤسسة الثالثة بالمنظومة الإعلامية المصرية بعد وزارة الإعلام واتحاد الإذاعة والتلفزيون.

وتولى بعد ذلك منصب وكيل الهيئة العامة للاستعلامات قبل أن ينجح لاحقا وفق صحيفة مصرية في إزاحة رئيسها مرسي سعد الدين, وتولي المنصب بدلا منه.

وعند تشكيل السادات الحزب الوطني عام 1977, انضم الشريف إلى لائحة المؤسسين، ثم ما لبث أن أصبح عام 1980 رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون.

وبعد تولي مبارك الرئاسة خريف 1981, أُسند إلى الشريف مطلع العام التالي منصب وزير الإعلام الذي ظل فيه 22 عاما بلا انقطاع، ووصف الشريف عهده في تلك الوزارة "بعصر الريادة الإعلامية".

لكن إعلاميين وأكاديميين مصريين سخروا منه, واتهموه بتخريب الإعلام المصري وإفساده.

نفوذ وسجن
وفي 2002, أسند إليه مبارك منصب أمين عام الحزب الوطني. وبعد هذا التاريخ بعامين, خرج الشريف من وزارة الإعلام إلى رئاسة مجلس الشورى، وبات من أكثر المتحكمين في الحياة السياسية من خلال رئاسته لجنة الأحزاب والمجلس الأعلى للصحافة التابعين لمجلس الشورى.

وفي آخر ظهور رسمي له في مؤتمر صحفي خلال ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011, قال الشريف عبارته الشهيرة "سنظل شامخين حاضنين الناس". لكن بدلا من الشموخ, فضل التواري عن الأنظار مما جعل عبارته موضع سخرية واستهزاء.

وبعد نجاح الثورة والإطاحة بمبارك، قرر رئيس جهاز الكسب غير المشروع في 11 أبريل/نيسان 2011 حبس الشريف 15 يوما بعد التحقيق معه بتهم منها استغلال النفوذ للإثراء, والتربح غير المشروع.

كما قررت النيابة العامة اليوم التالي حبس الشريف 15 يوما أخرى بعد أن وجهت إليه تهم قتل المتظاهرين بميدان التحرير, والشروع في قتل آخرين يومي 2 و3 فبراير/شباط 2011، وتنظيم وإدارة جماعات من البلطجية للاعتداء على المتظاهرين وقتلهم, والاعتداء على حريتهم الشخصية, والإضرار بالأمن والسلم العامين.

وفي فبراير/شباط 2013، خرج الشريف من السجن بعد تبرئته في قضية قتل المتظاهرين التي عرفت إعلاميا بـ"موقعة الجمل" ونفاد مدة الحبس الاحتياطي في قضايا أخرى، لكنه لا يزال يحاكم مع أولاده في قضايا التربح غير المشروع وتضخم الثروة.

المصدر : الجزيرة