تركي الفيصل من دهاليز السرية إلى دبلوماسية العلن

Prince Turki Al-Faisal
 
أصبح الأمير تركي الفيصل سفيرا للمملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة ليخلف الأمير بندر بن سلطان الذي استقال من منصبه لأسباب قالت الخارجية السعودية إنها ذات طبيعة شخصية.
 
مهمة تركي الفيصل (60 عاما) في واشنطن لن تكون رحلة استجمام وراء الأطلسي خاصة أنه يخلف من ظل على نحو عقدين عميدا للسلك الدبلوماسي في واشنطن وفي وقت ما زالت العلاقات الأميركية السعودية لم تخرج فيه إلى بر الأمان من تداعيات هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
 
ولج الفيصل -وهو أخ وزير الخارجية سعود الفيصل ونجل الملك الراحل فيصل- بشكل رسمي عالم الدبلوماسية مطلع عام 2003، عندما عين ممثلا لبلاده في لندن التي تأتي في المرتبة الثانية من ناحية الأهمية بعد واشنطن وتعتبر أحد معاقل المعارضة السعودية.
 
وبما أن الدبلوماسية كما يقول إمبراطور فرنسا السابق نابليون بونابرت ليست مجرد شرطة مكشوفة، فإن دخول الفيصل عالم الدبلوماسية الرسمية لا يغدو كونه خروجا من دبلوماسية السر إلى دبلوماسية العلن خاصة أنه ظل لأكثر من عقدين على رأس المخابرات السعودية الخارجية.
 
انطلقت رحلة الفيصل في عالم المخابرات بشكل فعلي عام 1973 قبل أن يستلم مديرية الاستخبارات الخارجية عام 1977 ليبقى على رأسها حتى أغسطس/آب 2001، أي شهرا واحدا قبل الهجمات على الولايات المتحدة والتي كان معظم منفذيها يحملون جنسية سعودية.
 
خلال هذا المشوار على رأس جهاز يمثل قناة لما يعرف في كثير من الدول بالدبلوماسية الموازية، وأحد أقوى أجنحة السلطة في السعودية إلى جانب وزارتي الدفاع والبترول التي صنفتها إحدى الجرائد الفرنسية مؤخرا بأنها أحد أقوى عشر مراكز قوة وتأثير في العالم، تمكن الفيصل من نسج علاقات قوية مع أجهزة المخابرات الأميركية.
 
أدوار خطرة

"
الفيصل الذي تلقى تعليمه بإحدى مدارس نيوجيرسي، لعب دورا مهما في تجنيد المقاتلين العرب في ثمانينات القرن الماضي لمواجهة الغزو السوفياتي لأفغانستان
"

لم يكن مسار الفيصل الذي تصفه بعض الأوساط الإعلامية بالمتكتم والمقرب جدا من ولي العهد الأمير عبد الله الحاكم الفعلي للمملكة، مفروشا بالورود حيث لعب أدوارا خطرة في قضايا إقليمية سرعان ما كادت تمسه تداعياتها اللاحقة.

 
بعض التقارير تشير إلى أن الفيصل الذي تلقى تعليمه في إحدى مدارس نيوجيرسي، لعب دورا مهما في تجنيد المقاتلين العرب في ثمانينات القرن الماضي لمواجهة الغزو السوفياتي لأفغانستان.
 
وقد امتد هذا الدور إلى التأثير من أجل اعتراف السعودية بنظام طالبان في أفغانستان ومحاولته استثمار ذلك لإقناعهم بتسليم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن إلى الرياض، لكن ذلك المسعى كلل بالفشل.
 
ولم تقف تداعيات ذلك الدور عند هذا الحد بل كانت مصدر متاعب جديدة للفيصل بعد هجمات سبتمبر/أيلول حيث وجهت له الاتهامات بدعم استيلاء عناصر طالبان على السلطة بعدما أصبحوا مرادفا للإرهاب في القاموس الأميركي.
 
وقد وصلت تداعيات هذا الدور إلى حد ورود اسمه في دعوى قضائية رفعها أحد ضحايا الهجمات، لكن حصانته الدبلوماسية جنبته الوقوف بين أيدي القضاء الأميركي.
 
مهام جديدة
تعيين تركي الفيصل في واشنطن لا يتوخى منه إحداث تغييرات جذرية في العلاقات الأميركية السعودية بقدر ما يطلب منه الحفاظ على المكتسبات التي حققت في عهد السفير السابق ومواصلة السير باتجاه عودة العلاقة بين الطرفين إلى سالف قوتها.
 
كما أن تعيين الفيصل يمثل رسالة واضحة لبعث الثقة في نفوس بعض من دب إليهم الشك خاصة في الأوساط النفطية العالمية قبل أسابيع على خلفية الإشاعات التي تفيد بقرب نهاية مهام بندر في واشنطن.
 
تسمية الفيصل سفيرا لبلاده لدى العم سام وما تحمله من دلالات حول مكانته ودوره داخل النظام السعودي، تفتح باب المنافسة أمام أسماء أخرى داخل الأسرة الحاكمة لتمثيل البلاد في لندن كمحطة مهمة في الدبلوماسية السعودية والظهور على خشبة المسرح الوطني.
________
الجزيرة نت
المصدر : الجزيرة