انتقال السلطة بالعراق.. لا يعني انتقالا في الموقف السوري

الموقف السوري تجاة تسليم السلطة الى العراقيين


شفيق شقير

سيفرض انتقال السلطة العراقية تغييرات جوهرية على علاقات العراق مع جيرانه ولاسيما العرب منهم، وفي هذا السياق جاء تصريح نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام الذي قال فيه إن دمشق جاهزة لمساعدة العراق لاستعادة سيادته، وأن "جميع الأبواب مفتوحة لتطوير العلاقات بين سوريا والعراق، ومن الطبيعي أن يعمل البلدان لتنمية العلاقات بينهما في المجالات المختلفة، وفي مقدمتها مساعدة الشعب العراقي لاستعادة سيادته وبناء دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة".

وليؤكد خدام الثوابت السورية في التعامل مع الشأن العراقي شدد على أن "التهديدات والضغوط التي تمارس ضد سوريا لن تثنيها عن مواصلة سياستها الوطنية والقومية".

وقد صدر هذا التصريح عن خدام يوم الأحد الماضي (27يونيو/حزيران) قبل يوم من إعلان نقل السلطة العراقية المفاجئ، وذلك إثر لقائه بوفد "يمثل أعيان العراق"، ويمكن قراءته باتجاهات مختلفة كما هو شأن السياسة السورية إزاء القضايا الكبرى في المنطقة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالولايات المتحدة الأميركية.

فسوريا تتمسك بصفة "الاحتلال" التي أطلقتها الأمم المتحدة على ما يسمى بقوى التحالف التي قامت بغزو العراق، ودأبت السياسة السورية على الانتقاص من شرعية مجلس الحكم العراقي المؤقت المعين من قبل قوات الاحتلال، ولم يطرأ تغيير كبير على موقفها بعد تشكيل حكومة إياد علاوي المؤقتة.

وهذا الموقف وضع سوريا تحت الضغوط الأميركية المباشرة حيث وضع قانون محاسبة سوريا حيز التنفيذ، والذي يقضي بفرض عقوبات على سوريا "بسبب السماح للمتطوعين العرب باجتياز الحدود إلى العراق"، واحتضانها لحزب الله اللبناني ولبعض الفصائل الفلسطينية المقاومة، "واحتلالها للبنان" إضافة إلى اتهامها بتطوير أسلحة دمار شامل.

في حين تؤكد دمشق أن هذا القانون لم يفرض على سوريا إلا بسبب وقوفها في وجه الغزو الأميركي ومواجهتها لتمدد إسرائيل في المنطقة العربية، ويشار إلى أن القانون السابق الذكر جاء رغم تعاون سوريا مع أميركا في الملف الأمني بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول، وأقرت واشنطن بهذا التعاون وأنه "ساعد على إنقاذ أرواح أميركيين" ولكنها لم تعتبره كافيا.

إن نقل السلطة إلى العراقيين يفترض أن العراق أصبح سيدا مستقلا أو يعطي على الأقل انطباعا مبررا بهذا المعنى، وهناك فرصة حقيقية أمام سوريا لتعيد قراءة المشهد العراقي بما يخفف التوتر مع واشنطن، ولكن استنادا إلى المعروف من الثوابت السورية فإنه من غير المتوقع أن يحدث تغير كبير في الموقف السوري مما يحصل في العراق، خاصة أن الموقف الأميركي لم يتغير من سوريا حتى الآن، وسوريا لم تعتد أن تتخلى عن أوراقها دون مقابل.

كما لا يتوقع أحد أن تتطور العلاقات السورية الأميركية باتجاه الأحسن في هذه الفترة الحساسة في واشنطن، حيث يتجمد ملف الشرق الأوسط مع قدوم فصل الانتخابات الأميركية، بل على العكس قد يشكل التصعيد مع سوريا عنصر مزايدة بين الحزبين المتنافسين على الرئاسة الأميركية من الجمهوريين والديمقراطيين.

وهذا لا ينفي أن تقوم محاولة لتطبيع العلاقات السورية-العراقية وخاصة التجارية منها، وهو ما لا يزال قائما حتى الآن، ولكن من الصعب أن يحدث نقل السلطة إلى العراقيين انتقالا جذريا في الموقف السوري مما يجري في العراق.
________________
الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة