تجاهل حكومي وإنذارات بخصومات.. معلمو فلسطين يواصلون إضرابهم
رام الله- يدخل إضراب المعلمين الفلسطينيين في الضفة الغربية أسبوعه الثالث، ويستمر تعطيل العملية التعليمية في المدارس الحكومية، للمطالبة بتنفيذ اتفاق سابق مع الحكومة يتعلق بحقوقهم.
ويدير الإضراب "حراك المعلمين" بقيادة غير معلنة خشية العقوبات والملاحقات الأمنية، مخالفا بذلك توجهات الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين المعارض للإضراب، والذي يمثل المعلمين في الداخل والخارج. فيما يطالب المعلمون بـ "دمقرطته" وتأسيس نقابة تمثل المعلمين الحكوميين داخل فلسطين.
ومنذ ساعات صباح الاثنين، تداعى المعلمون بالضفة الغربية إلى مدينة رام الله للاعتصام أمام مقر مجلس الوزراء، واتهموا السلطة الفلسطينية بوضع حواجز لإعاقة وصولهم، ومع ذلك فإن مئات شاركوا في الاعتصام.
حقوق متفق عليها
يقول خالد الشحاتيت، وهو مدير مدرسة مشارك في الإضراب وفي اعتصام رام الله، إن "عدم التزام الحكومة بما وقعت عليه مع الاتحاد العام للمعلمين وهو صرف علاوة 15% بداية 2023" هو السبب الرئيس للإضراب.
وفي مايو/أيار الماضي، وافق اتحاد المعلمين والحكومة على مبادرة للمؤسسات الأهلية المختصة بالشأن التربوي والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (شبه حكومية) ومجالس أولياء الأمور، ومن بنودها صرف علاوة 15% مع مطلع 2023، والعمل على دمقرطة اتحاد المعلمين.
وأضاف الشحاتيت في حديثه للجزيرة نت، أن "الإضراب سينتهي بنتيجة إيجابية لصالح المعلم، لأن التاريخ أثبت أنه صاحب حق"، وتابع "يؤلمني كمعلم عدم وجود الطلبة في المدارس بعد انقطاعات طويلة نتيجة كورونا وإضرابات سابقة"، واصفا الوضع بالكارثة.
ومن جهته، قال المعلم عمر محيسن، وهو في طريقه من مدينة الخليل جنوب الضفة إلى رام الله، إن الأجهزة الأمنية وضعت حواجز لإفشال اعتصام المعلمين، مضيفا أن "الاعتصام نجح قبل أن نصل.. كان هناك طابور من السيارات والمشاة في الشوارع".
وتابع محيسن للجزيرة نت أن "الإضراب في أوجِه، ولن يتراجع المعلمون عن مطلبهم بتطبيق المبادرة المتفق عليها: دمقرطة الاتحاد أو إيجاد جسم نقابي، وصرف الرواتب كاملة مع علاوة 15% المتفق عليها، ووضعها في قسيمة الراتب وربط الراتب بجدول غلاء المعيشة". وقال إن "الحكومة حتى الآن ترفض رفضا تاما صرف الـ15% وإدراجها في قسيمة الراتب".
ومنذ أكثر من عام تصرف الحكومة الفلسطينية لموظفيها ما نسبته 85% من رواتبهم بسبب أزمة مالية ترجع سببها إلى اقتطاعات الاحتلال من أموال الضرائب التي تجبيها في المعابر نيابة عن السلطة الفلسطينية.
جهود لإنهاء الأزمة
من جهته، يقول عمر عساف -أحد الشخصيات المستقلة التي واكبت مبادرة إنهاء الإضراب في مايو/أيار الماضي- إن المشكلة تكمن في الحكومة والاتحاد العام للمعلمين، موضحا "أنهما لم يلتزما بتنفيذ بنود المبادرة وتنصلا منها".
وأضاف عساف للجزيرة نت "الاتحاد تنصل من الدمقرطة، والحكومة لم تلتزم بعلاوة 15%، أو وضعها في قسيمة الراتب كحد أدنى".
وقال إن الوسطاء يُحمّلون الطرفين المسؤولية ويضغطون باتجاه اتفاق يضع حدا للأزمة، مشيرا إلى اتصالات واجتماعات لإنهاء الإضراب واستئناف العملية التعليمية.
وقالت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أحد أطراف الوساطة لإبرام الاتفاق السابق، في بيان صحفي إن "اتصالات مكثفة تجري مع جميع الأطراف بما في ذلك الحكومة والمنظمات الشعبية والاتحاد العام للمعلمين وجهات أخرى رسمية ذات علاقة (…) على أرضية التزام الجميع بما ورد في المبادرة التي تم إطلاقها في العام الماضي".
ودعت الهيئة "الجميع، لا سيما الاتحاد والحكومة، إلى التعاطي بمسؤولية مع هذه الأزمة لتجنيب الطلبة المزيد من الفاقد التعليمي".
ووفق معطيات وزارة التربية والتعليم الفلسطينية للعام الدراسي 2022 – 2023 يبلغ عدد طلبة مدارس فلسطين مليونًا و358 ألفا، منهم قرابة مليون في المدارس الحكومية، وأغلبهم من الضفة الغربية. بينما يبلغ عدد المعلمين الإجمالي قرابة 74 ألف معلم ومعلمة، منهم 52 ألفًا في المدارس الحكومية.
الحكومة والإضراب
وتجاهلت الحكومة الفلسطينية في اجتماعين لمجلس الوزراء خلال الأسبوعين الماضيين إضراب المعلمين، بينما قامت وزارة التربية والتعليم بإرسال رسائل إلى المعلمين تفيد بخصم أيام الإضراب من رواتبهم.
واليوم، اكتفى رئيس الوزراء محمد اشتية في كلمته بمستهل الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء بالقول "أجدد التأكيد على التزام الحكومة بما تم التوقيع عليه مع جميع النقابات والاتحادات حال توفر الإمكانيات المالية وانتظام الرواتب"، دون أن يتطرق للإضراب بشكل مباشر.
وحاولت الجزيرة نت عدة مرات الحصول على تعقيب من اتحاد المعلمين لكن اثنين من أعضائه اعتذرا عن الحديث، فيما لم يجب الأمين العام للاتحاد سائد إرزيقات على هاتفه.
كما تواصلت الجزيرة نت مع الناطق باسم وزارة التربية والتعليم صادق خضور، لكن من أجابت على هاتفه، قالت إنه في اجتماع ولا تدري متى ينتهي.
وفي حديثه لإذاعة صوت فلسطين الحكومة صباح اليوم الاثنين، قال خضور إنه "لا خلاف على موضوع المطالب الموجودة وما هو مدرج على الاتفاق، والخلاف على أمد التنفيذ". وأضاف أن الوزارة تقف إلى جانب حقوق المعلمين وإسنادها، نافيا ما تردد عن فصل أي معلم على خلفية الإضراب.
وفي صفحته على فيسبوك اكتفى اتحاد المعلمين بنشر إنجازاته، بينما قال إرزيقات في مقابلة مع قناة "معا" المحلية إن المعلم الفلسطيني صبر على الاجتزاءات من الرواتب. وأضاف أن الاتحاد "وقّع العديد من الاتفاقيات مع الحكومة ونُفذت بالكامل".
أما عن اتفاق زيادة طبيعة العمل بنسبة 15%، فقال إن الاتفاق ينص على صرف الزيادة عند توفر الإمكانيات المالية واستقرار الوضع المالي للحكومة، مع بدء الأثر المالي من 1 يناير/كانون الثاني 2023″.