واشنطن تعزو استفتاءات الانفصال لتقدم القوات الأوكرانية.. موسكو: الخطوة استعادة للعدالة التاريخية

قوات روسية تتمركز قرب محطة للطاقة بالقرب من مدينة خيرسون جنوب أوكرانيا (الأوروبية)

أبدى الاتحاد الأوروبي والدول الغربية وحلف شمال الأطلسي (ناتو) رفضهم لأي استفتاءات يجريها الانفصاليون الموالون لروسيا في الأراضي الأوكرانية، وذلك بعد ساعات من إعلان السلطات الموالية لموسكو في خيرسون وزاباروجيا ودونيتسك ولوغانسك إجراء استفتاءات متزامنة للانضمام إلى روسيا بدءا من يوم الجمعة المقبل، ووصفت موسكو الاستفتاءات بأمر لا رجعة عنه.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان اليوم الثلاثاء إن روسيا تسارع لإجراءات استفتاءات في أوكرانيا ردا على مكاسب حققتها كييف في ساحة المعركة، مضيفا أن هذه الاستفتاءات "إهانة لمبادئ السيادة ووحدة الأراضي التي يقوم عليها النظام الدولي"، وشدد سوليفان على أن الاستفتاءات لن تمنح روسيا سلطة إضافية في طاولة المفاوضات، بل هي تعكس المصاعب التي تواجهها القوات الروسية على الأرض الأوكرانية.

واعتبرت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أن "الاستفتاءات الصورية لضم أراض أوكرانية لروسيا هي لصرف الأنظار عن الوضع الصعب للقوات الروسية"، مضيفة أن واشنطن لن تعترف بهذه الاستفتاءات، وستواصل توفير الدعم للقوات الأوكرانية.

فرنسا وألمانيا

ووصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاستفتاءات المزمع إجراؤها في مقاطعات أوكرانية يسيطر عليها الانفصاليون والقوات الروسية بالمضحكة والمسرحية الهزلية، وأضاف أن هذه الخطوة المرتقبة "استفزاز إضافي" عقب شن روسيا الحرب على جارتها أوكرانيا.

كما اتهم المستشار الألماني أولاف شولتز روسيا بتنظيم استفتاءات صورية في مقاطعات شرقي وجنوبي أوكرانيا، مشددا في تصريحات صحفية اليوم الثلاثاء بنيويورك على أن هذه الاستفتاءات "انتهاك للقانون الدولي ولن يعترف بها المجتمع الدولي".

ووصف الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ الاستفتاءات التي تعتزم السلطات المدعومة من روسيا إجراءها في أوكرانيا بالتصعيد الإضافي في الحرب الروسية، وأضاف في تغريدة على تويتر "استفتاءات زائفة ليس لها شرعية، ولا تغيّر في طبيعة الحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا.

واعتبر رئيس وزراء كندا جاستن ترودو أن الاستفتاءات التي تخطط لها روسيا في مناطق بأوكرانيا انتهاك صارخ للقانون الدولي وتصعيد للحرب"، كما أدان الاتحاد الأوروبي هذه الخطوة من موسكو، وقال منسق السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن التكتل لن يعترف بتلك الاستفتاءات.

ونقل موقع إخباري أوكراني عن سيرهي نيكيفوروف المتحدث باسم الرئيس الأوكراني قوله إن "أي استفتاء يجري في الأراضي الأوكرانية التي تحتلها روسيا بشأن الانضمام إلى روسيا سيدمر أي فرصة ما زالت موجودة لإجراء محادثات بين كييف وموسكو".

المقاطعات الأربع

وجاءت هذه المواقف بعد ساعات قليلة من إعلان سلطات مقاطعة خيرسون (جنوب غرب) الموالية لروسيا أن الاستفتاء على انضمام المقاطعة إلى روسيا سيجري من يوم الجمعة وحتى الثلاثاء المقبلين.

وكان فلاديمير سالدو، رئيس الإدارة العسكرية والمدنية الموالي لروسيا في مقاطعة خيرسون، قال إن "الحفاظ على سلام مستدام وضمان مستقبل مستقر لسكان المنطقة ممكن فقط مع الاتحاد الروسي".

كما وصف سالدو انضمام خيرسون إلى روسيا بالانتصار التاريخي للعدالة، وأضاف أن هناك حاجة لتشكيل كتائب من المتطوعين في مقاطعة خيرسون للمشاركة في "العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا"، وهي الاسم الذي تطلقه موسكو على الحرب التي تشنها على جارتها أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط الماضي.

وفي إقليم دونباس (جنوب شرق)، وقّع رئيس مقاطعة لوغانسك الموالي لموسكو ليونيد باشنيك على قانون إجراء استفتاء الانضمام إلى روسيا، كما صوّت برلمانا مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك على إجراء استفتاء الانضمام إلى روسيا من 23 وحتى 27 سبتمبر/أيلول الجاري.

وقال رئيس مقاطعة دونيتسك المعين من روسيا، دينيس بوشلين، خلال حديث أجراه مع رئيس مقاطعة لوغانسك أمس الاثنين، إنه يقترح توحيد جهود الإدارات في المقاطعتين من أجل بدء الاستعدادات للاستفتاءات.

ونقلت وكالة تاس الروسية عن زعيم الانفصاليين في لوغانسك قوله إنه سيطلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتخاذ قرار في أقرب وقت لضم المنطقة إلى روسيا بعد الاستفتاء.

تعقيب موسكو

وتعقيبا على إعلان استفتاءات متزامنة للانفصال عن أوكرانيا، صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم الثلاثاء، بأن الأمر متروك لسكان المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون في أوكرانيا إذا أرادوا إجراء استفتاءات بشأن الانضمام إلى روسيا.

Victory Day Parade in Moscow
ميدفيديف: الاستفتاء في إقليم دونباس سيغير وجهة تطور روسيا لعقود (رويترز)

وقال ديمتري ميدفيديف الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي إن الاستفتاء لانضمام إقليم دونباس إلى روسيا يكتسب أهمية بالغة لحماية الإقليم واستعادة العدالة التاريخية، على حد تعبيره.

وأضاف المسؤول الروسي أن الاستفتاء سيغير وجهة تطور روسيا لعقود وسيصبح التحول الجيوسياسي في العالم أمرا لا رجعة فيه، قائلا إن الغرب وأوكرانيا يخافان من إجراء الاستفتاء في دونباس.

وتسيطر القوات الروسية وقوات الانفصاليين الموالية لروسيا على الجزء الأكبر من إقليم دونباس، وعلى كامل مقاطعة خيرسون وأجزاء من زاباروجيا، في حين تشن القوات الأوكرانية منذ أغسطس/آب الماضي هجوما مضادا لاستعادة خيرسون وما خسرته في مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك.

جبهة خاركيف

ميدانيا، قال أوليغ سينيغوبوف حاكم مقاطعة خاركيف إن القوات الأوكرانية اقتربت من استعادة المقاطعة بشكل كامل، وذلك في ظل تقدم سريع لهذه القوات في الأسابيع القليلة الماضية، وانسحاب القوات الروسية إلى إقليم دونباس.

وأضاف الحاكم أن 6% فقط من حدود المقاطعة تجري فيها العمليات العسكرية، وقال إن القوات الروسية تحاول استعادة المناطق التي خسرتها في خاركيف، وإن بلاده مستعدة للتصدي لهذه القوات.

أسلحة الناتو

وذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن المعدات العسكرية لبلاده تتصدى للأسلحة الغربية "وقد أثبتت فعاليتها"، وطلب بوتين من قطاع التصنيع الحربي الروسي دراسة أسلحة حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي استحوذت عليها القوات الروسية في أوكرانيا.

وأضاف أن "هناك حاجة إلى زيادة قدرات الإنتاج في عدد من شركات التصنيع العسكري وبعضها بحاجة إلى تحديث".

وفي الولايات المتحدة، نقلت وسائل إعلام محلية عن مسؤول في وزارة الدفاع (بنتاغون) قوله إن تزويد الولايات المتحدة لأوكرانيا بالدبابات مستقبلا معروض على الطاولة.

وأشار المسؤول إلى أن الدبابات ليست خيارا للقتال الفوري بسبب التدريب والصيانة والاستدامة، إلا أنه لفت إلى أن واشنطن تنظر في مجمل القوات المسلحة الأوكرانية، والقدرات التي ستحتاج إليها مستقبلا وكيفية بنائها بدعم الولايات المتحدة وحلفائها.

المصدر : الجزيرة + وكالات